خرج طبيبان هنديان للتمشي بجانب نهر السند وسمعا برجل يوشك على الغرق ويستنجد بالناس، فهرعا إليه وأنقذاه بسيارتهما إلى المستشفى لإسعافه. وبعد دقائق قليلة سمعا نداء مشابها من النهر فأنقذا هذا الشخص أيضا ونقلاه إلى المستشفى وما إن قطعا مسافة أخرى حتى سمعا شخصا ثالثا يوشك على الغرق أيضا وفي آخر رمق، فأسرع أحد الطبيبين لإلقاء نفسه في الماء وإنقاذه، ولكن زميله أمسك به وقال: كلا، بل نذهب ونأتي بالمستشفى إلى هنا، فهذا هو المكان الذي يغرق فيه الناس. وأجابه الثاني: حسنا تقول. اذهب أنت لطلب المستشفى وأنا سأذهب إلى أعالي النهر لأرى الناس الذين يلقون أنفسهم. وفي النهاية تركا الرجل الغريق لمصيره. والغباء في هذه الحكاية الساخرة من النوع الذي يميت، لكن الأغبياء أيضا ليسا هما طبيبين هنديين فقط بل إن أكثر من خمسة بالمائة من سكان العالم أغبياء (تصوروا) والأسباب كثيرة! حسب الأطباء فهناك أسباب عديدة للغباء منها الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على الذكاء فيرتفع أو ينخفض. فإذا كان الجو المحيط مثيرا ونشطا وإيجابيا من الناحية الثقافية فإن نسبة الذكاء تكون في ارتفاع دائم. أما إذا كانت البيئة ضحلة وبسيطة فإن ذلك من شأنه تخفيض نسبة الذكاء، كما أن هناك علاقة بين وظيفة الأب ومستوى ذكاء الابن. فأولاد المهنيون مثلا أذكى من أبناء العمال والحرفيين. والوراثة مسؤولة عن 67 بالمائة تقريبا من الذكاء، كما أن البيئة المحيطة بالفرد مثل الأسرة و المدرسة والأقارب والجيران والأصدقاء تلعب دورا كبيرا في استثمار قدراته بنسبة تصل إلى 32 بالمائة تقريبا. أيضا فإن الغذاء الذي يقدم إلى الفرد من صغره مسؤول عن انخفاض نسبة الذكاء. فإذا لم يتوافر للأطفال منذ سنوات الولادة وحتى ثلاث سنوات قدر كاف من البروتينات والفيتامينات فإن ذلك يؤدي إلى بطء نسبة ذكائهم. ومن خصائص الشخص الغبي حسب الأطباء أنه لا ينتبه لما يدور حوله من أحداث وأمور هامة. ويبدو ذلك على حركات عينيه وانفعالاته. كما أن ردود أفعاله بطيئة وسطحية ويرتسم ذلك على عضلات وجهه، ولذلك نقول أحيانا مجازا إن فلان شكله غبي. والغباء أنواع أيضا. فهناك فرق بين الغباء العلمي والغباء الاجتماعي، فقد يتمتع شخص ما بذكاء علمي يؤهله إلى أعلى درجات العلمية ولكنه يعجز عن التعامل مع المجتمع بشكل سليم فيصبح منعزلا عن الناس من حوله. وقد يقصد بالغبي الفرد صاحب الضمير الحي والخلق الرفيع الذي لا يتورط في عمليات النهب والفساد وغيرها التي يقوم بها الكثيرون اليوم. وقد تطلق كلمة غبي على الشخص الصادق الذي يعبر عما يكنه من مشاعر وأحاسيس وآراء بصراحة. وهناك طيبون جدا يمكن أن يكونوا أغبياء بهذا المفهوم. ولكن البشر «أذكياء» و «أغبياء» يمكن إن يفرقوا ويميزوا!