العقد أساس العديد من المعاملات اليومية بين أفراد المجتمع، سواءً التجارية: كشراكات، أو توريد البضائع، أو المدنية: كالزواج، وإيجار المساكن، وغيرها؛ ولولا العقد لما استقامت هذه المعاملات، ولعمت المجتمع الفوضى، وانعدمت الثقة. والعقد هو اتفاق، ملزم، بين شخصين أو أكثر، للقيام بعمل معين.. وقد يعتقد الكثيرون أن العقد لابد أن يكون مكتوباً، وموثقاً من جهة رسمية ككاتب العدل، أو غير رسمية كمحامٍ، حتى يكون نافذاً، وملزماً لطرفيه، وهذا اعتقاد غير صحيح؛ فالعقد ينعقد، ويصبح ملزماً، وشريعة للمتعاقدين، متى توفر فيه رضا الطرفين، وتلاقت إرادتهما على الدخول في العقد، لتنفيذ المعقود عليه (تقديم خدمة، توريد بضاعة، إلخ..)، فمتى تلاقى إيجاب طرف، مع قبول طرف آخر، وتوافق طرفي العقد على جميع شروطه، انعقد العقد، وأصبح ملزماً لطرفيه، ولا يجوز لأي منهما الرجوع عنه، إلا في حالات قليلة مخصوصة. وتوافق إرادة طرفي العقد يمكن الاستدلال عليه بطرق عدة، أبرزها الكتابة، كأن يتفق المشترى مع البائع، بعقد مكتوب، وموقع من طرفيه، على توريد بضاعة؛ كما يمكن الاستدلال على توافق إرادة الطرفين بالكلام، كأن يتفق الطرفان على شراء هاتف جوال شفاهة، دون وجود عقد مكتوب؛ ويمكن أيضاً الاستدلال على توافق إرادة الطرفين بواسطة الإشارة، باليدين أو الرأس مثلاً، كأن يسأل المشتري البائع في البقالة عن سعر عصير، فيشير البائع برفع ثلاث أصابع (في إشارة إلى أن السعر 3 ريالات)، فيرد المشتري برفع إبهامه، أو هز رأسه، معبراً عن موافقته على السعر، وبالتالي يكون عقد البيع قد تم. ويمكن أن يكون التعبير عن إرادة طرفي العقد ورغبتهما في التعاقد بشكل غير صريح، بواسطة تصرفات طرفي العقد، كأن يسأل المشتري عن سعر سلعة، ويرد البائع بذكر المبلغ، فيضع المشتري المبلغ أمام البائع ويأخذ السلعة وينصرف. ولا يشترط لإبرام العقود كتابتها، إذ إن التعاقد يتم بمجرد تلاقي إرادة طرفي العقد ورضاهما -كما ذكرنا-، دون الحاجة للكتابة، ولا يشترط كذلك لصحة إبرام العقود، ولا لإلزاميتها -ولا لإثباتها-، توثيقها لدى أي جهة، إذ يمكن إثبات العقد بأي طريقة تدل على قيامه، كتوقيع الطرفين عليه، وشهادة الشهود، والقرائن التي يمكن أن يستدل بها على وجود العقد، وغيرها. ولا يشترط كذلك لإتمام العقد وإلزاميته، أي إجراء شكلي، كالتسجيل، أو التوثيق، إلا إذا اشترط ولي الأمر ذلك، كما في عقود النكاح، وعقود تأسيس الشركات، والإفراغ بالنسبة للعقارات.