يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يقرأ تاريخ الهند جيداً قبل توجهه إلى نيودلهي. لقد ظن نتنياهو أن علاقته الخاصة برئيس الوزراء الهندي الحالي ناريندارا مودي يمكن أن تلغي الإرث السياسي الهندي العظيم فيما يتعلق بفلسطين. ولأنه كذلك فقد عبر عما أسماه بخيبة أمله من رفض الهند دعم الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. شخصياً وبحكم زياراتي المتعددة للهند ومقابلتي لثلاثة رؤساء وزراء هنود هم على التوالي راجيف غاندي وفي بي سينج وتشاندرا شيكر فضلاً عن العديد من الساسة ورؤساء الأحزاب والنواب والأكاديميين عدت موقناً بأن موقف الهند من القضية الفلسطينية يفوق بعض المواقف العربية. وحين سألت الرئيس في.بي.سينج عن الموقف من فلسطين بعد عودة العلاقات الهندية الإسرائيلية عام 1992 أحالني للمقولات الخالدة للزعيم التاريخي غاندي ومنها أن فلسطين للعرب كما هي بريطانيا للبريطانيين وفرنسا للفرنسيين. عدت بعدها لأعيد قراءة غاندي الذي أشاع البعض عنه تعاطفه مع إسرائيل فإذا به ينفي تماماً حق اليهود في فلسطين، حتى قبل أن تتحرّر الهند عام 1947، وقبل قيام الدولة العبرية بعد ذلك بعام واحد قائلاً: «إن ما يحاول اليهود فرضه في فلسطين لا يمكن تسويغه بأي قانون أخلاقي»، و»إن تحويل أرض العرب الأباة الذين تمتلئ بهم فلسطين، إلى اليهود، كلياً أو جزئياً، على أنها وطنهم القومي، إنما هو جريمة ضد الإنسانية»! كما إن تعاون اليهود مع الاحتلال البريطاني في فلسطين يجعلهم شركاء في سلب شعب لم يرتكب بحقهم أية خطيئة. وحين كنت أجلس أرضاً بجوار رئيس الوزراء شاندرا شيكر نقلت له عتاب العرب (عندما كانوا يعتبون)على التوسع في التعاون الهندي الإسرائيلي، فإذا صوته يعلو قائلاً: إن موقف الهند ثابت في حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على أرضهم المحتلة وعاصمتها القدس.. لقد كان راجيف غاندي أكثر وضوحاً وهو يحيلني إلى مقولة جدّه الراحل نهرو وهو يقول: إن محاولة إيجاد أرض لإسرائيل في الكتاب المقدس ليست من قبيل التعاطف مع المشاعر الصهيونية بقدر ماهي ترجمة لحاجة بريطانيا لحليف أوربي في غرب آسيا لحماية قناة السويس في الطريق الى الهند! لقد أعادتني خيبة أمل نتنياهو في الهند للسيدة نيكي هايلي المتحدثة باسم البيت الأبيض وابنة المهاجر الهندي راندهاوا التي خاب أمل جدودها الهنود فيها!. لقد عبرت هايلي أخيراً عن طموحها في منصب رئاسة الولاياتالمتحدة معتبرة خلافة تريلسون والفوز بمنصب وزيرة الخارجية أقل من طموحها! وحتى لايخيب أملها في أمريكا كما خاب أمل نتنياهو في الهند أقترح أن تركز هايلي ابنة المهاجر الهندي على إسرائيل علها تصبح رئيستها لتزداد خيبة جدودها فيها! أما خيبة أمل العرب في العرب فقد جاءت بالفعل « راكبة جمل»!