لاقى الأمر السامي الصادر يوم الثلاثاء 06 /01 /1439ه بخصوص السماح للمرأة بقيادة السيارة في المملكة العربية السعودية قبولًا واسعًا على المستويين المحلي والدولي، وكانت ردات الفعل بين أغلب فئات المجتمع مرحِّبة بالقرار، كما كان هناك تخوّف من البعض من تبعات تطبيقه على أرض الواقع، فمن الطبيعي أن نجد ردَّات الفعل لأي قرارٍ جديد يمس أفراد المجتمع متفاوتة، وقد توجهت الأنظار نحو الضوابط المتوقع سنّها في سبيل تنفيذ هذا القرار، والتي من المقرر صدورها خلال (30) يومًا. فإذا التفتنا لتجارب الدول الأخرى، نجد إيجابية انعكاسات قيادة المرأة على المجتمع. فهنالك العديد من النساء السعوديات وغيرهن من المقيمات على أرضنا اللاتي قمن بقيادة المركبات في الخارج ودول الجوار، وكان أثر هذه التجربة عليهن فعّالًا، حيث إنّ ذلك أدى لصون كرامتهن من الوقوف على الطرقات لانتظار الغرباء من السائقين ليقلهن لوجهتهن المرجوّة. كما أنّها وفرّت عليهن ماديًا كثيرًا من المصاريف المترتبة على سداد راتب السائق وأجرة سيارات النقل العامة، إلى جانب غيرها من الأمور المتعلقة بالاستقلال الذاتي، وكف الحاجة. وفي هذه الدول قوانين مرورية صارمة تحمي الذكور والإناث على حدٍ سواء دون تفرقة، مما فرض على الجميع احترامها واتباعها وإدراك خطورة مخالفتها، فلا مفر من العقاب، فالجزاءات المترتبة على ذلك تُنفّذ بحق كل متهاون بشكلٍ جدّي وحازم، ولا يوجد من هو فوق القانون. قيادة المرأة للسيارة ليست رفاهية أو من باب الكماليات كما يعتقد البعض، والدليل على ذلك أنّه في أغلب الدول يُعتبر كل من لديه سائق هو من الطبقة المرفهة. فأمر قيادة المرأة لسيارتها أصبح اليوم مطلبًا مهمًا، خاصةً في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها المنطقة بشكلٍ عام، وتوجُّه الدولة لبناء جيل يعتمد على ذاته، وهذا يتجلّى واضحًا في القرارات الأخيرة الصادرة بحق المرأة بهدف تمكينها واعتبارها عنصرًا فعالًا في المجتمع وإعطائها حقوقها في الوقت المناسب بعد تهيئة المجتمع لتقبُّل أي قرار جديد، لكي يُفعّل بشكل إيجابي على النحو المرجو منه. أمّا بخصوص مخاوف البعض عمّا قد تتعرّض له المرأة أثناء قيادتها، فأتوقع من منظور شخصي وكلي ثقة بحكومتنا الرشيدة بأنّ يتم تشريع أنظمة رادعة بحق كل من يتعرّض للمرأة بهدف حمايتها وتأمينها كما جاء في الأمر السامي، وها قد أمر الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بإعداد نظام لمكافحة التحرش بعد أيام قليلة على صدور أمره الملكي بالسماح للمرأة بالقيادة. كما أتوقع بأن يتم وضع التسهيلات اللازمة التي تساعد المرأة أثناء قيادتها في حال تعرّضت لأي ظرفٍ خلال ذلك، كأن يتم توظيف النساء في المراكز المرورية، وتوفير خدمات لصيانة المركبات على الطرقات تلّبي الاحتياجات فور حدوثها. كلي ثقة بأنّ مجتمعنا سيشهد مساندة أبنائه من الرجال والشباب بمختلف أعمارهم للمرأة، فإنّ ولي أمرنا الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لمس رقي شعبه، ولديه ما يكفي من الثقة فيهم بأنّهم مُهيَّأون ومستعدون لتحمُّل مسؤولياتهم تجاه مجتمعهم، وأنّهم على قدرٍ عالٍ من الوعي، مما دفعه –رعاه الله- لإصدار قراره التاريخي بهذا الخصوص. فجميعنا ينظر لشبابنا نظرة تفاؤل بوعيهم وثقافتهم وحرصهم على تنمية بلادهم وتطورها، وننتظر تجسيدها على أرض الواقع خلال الفترة القريبة المقبلة.