منذ عهد الموحد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه– لم يشهد تاريخ المملكة العربية السعودية أي تهميش من ملوك الدولة السعودية للمرأة السعودية وإنما شهدت تلك العهود دعمهم الكبير للمرأة خصوصاً في مجال التعليم «لأن المرأة السعودية هي كما في تقدير النظام الأساسي للحكم في المملكة الذي ينص في مادته الثامنة على أن الحكم يقوم على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية». لهذا جاءت السياسة بالتعامل مع قضايا المرأة باعتبارها مواطنة مثلها مثل الرجل في الحقوق والواجبات وهي في الإطار الإسلامي كاملة الأهلية. إن قيادة المرأة للسيارة في السعودية قضية انفردت بها السعودية بكونها البلد الوحيد التي تمنع النساء من قيادة السيارات منذ تأسيسها وأشغلت الرأي العام منذ زمن وكانت بين الرفض والقبول ومع التقدم ووجود وسائل الاتصال الحديثة من جوال وإنترنت حل وسهل كثيراً من المشكلات والقضايا الاجتماعية العالقة، ومنها موضوع قيادة المرأة للسيارة الذي أصبح من المواضيع المحورية الخاضعة للنقاش والحوار الراقي بشفافية ومصداقية وأصبح لدى البعض توجسات منه ولدى البعض الآخر اندفاع تجاهه ولم يعد هرجاً ومرجاً وتبادلاً للتهم وخصوصاً أننا في بلد تبنى الحوار أسلوباً للوصول إلى رؤية مشتركة توحد الصفوف وتوحد الآراء والحلول في سبيل الوصول إلى الأفضل للمجتمع وللوطن ومسايرة العصر الحديث عصر الاتصال والتقنية ويظل الأمر من قبل ومن بعد محكوماً بالمصلحة العامة التي يعكسها رأي الأغلبية الذي تتبناه قيادتنا الرشيدة التي تعودت على الأخذ بالرأي السديد المتفق مع الشريعة الإسلامية. ففي 26 سبتمبر 2017م أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بمنح النساء حق القيادة وفقاً للضوابط الشرعية على أن يكون التنفيذ ابتداء من يوم 10 شوال 1439ه أي بعد شهر رمضان المبارك فستشهد المملكة أول حدث تاريخي وهو قيادة المرأة للسيارة لأول مرة في تاريخ المملكة بعد معاناة مع السائقين الأجانب المستوردين من الخارج منذ فترة من الزمن لخدمة الأسر السعودية والنساء بالخصوص ونتج عنه الكثير من إرباك الحركة المرورية في الشوارع السعودية بصفة يومية والكثير من الحوادث المتوسطة والخطيرة والخسائر المادية والبشرية، استمر هذا الوضع لسنوات ماضية ومعاناة كبيرة لأجهزة المرور في مختلف المناطق والمدن وكانت السعودية أشبه بمدرسة تعليم قيادة السيارات لهؤلاء السائقين الأجانب غير المدربين وغير المتعلمين دفعنا ثمنها من فقد الأبناء والاقارب وخسائر مادية كبيرة للأسر السعودية وهروب بعضهم بعد فترة من استقدامهم واستقدام بدائل لهم مما كلف الأسر مادياً وليس هناك ما يضمن حقوقهم المسلوبة ولعدم وجود نظام أصلاً يكفل ذلك. واليوم فإن قيادة المرأة للسيارة سوف تغني عن السائق الأجنبي وسوف تقضي على كثير من المشكلات المنزلية والمشكلات المترتبة على وجود السائقين سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو أمنية أو تربوية. وهذا بحد ذاته حق من حقوق المرأة السعودية والذي هو ليس محرماً شرعاً وإنما المنع جاء من باب سد الذريعة. كما أن هناك أرامل ومطلقات لا رجل ولا عائل لهن والسماح بقيادة المرأة السعودية للسيارة سوف يساعد في حل كثير من الأمور الأسرية مثل الذهاب للعمل وإيصال الأولاد إلى المدارس أو زيارة المستشفى أو الأهل والأقارب أو التسوق أو غيرها من الأمور التي يفرض واقع الحال القيام بها وهي مؤهلة لذلك. فكل هذه الأمور انتهت وأصبحت من الماضي وهنيئاً لنساء الوطن بقيادة السيارة ونعم المرأة السعودية التي كافحت وجاهدت وتخطت العقبات والأسلاك الشائكة في طريقها على مر العقود الماضية منذ زمن حتى وصلت للهدف المنشود وأصبحت امرأة فعالة في مجتمعها كغيرها من نساء المجتمعات الأخرى في العالم. Your browser does not support the video tag.