حظي برنامج الإسكان التنموي في المملكة، بدعم نوعي، من العلماء والدعاة، الذين أجاز غالبيتهم تخصيص رجال الأعمال والموسرين، كامل زكواتهم أو جزءًا منها، لتأمين المسكن للمحتاجين ومحدودي الدخل، مؤكدين أن هذا التخصيص يصب في خانة «الأمن الاجتماعي» و»الاستقرار الأسري» في المجتمعات المسلمة. ومن شأن هذا الدعم أن يضمن استدامة الدعم المادي لمشروعات الإسكان التنموي في المملكة، كما يضمن نجاح تجربة الإسكان التنموي في المجتمع السعودي. يذكر أن مبادرة الإسكان التنموي في المملكة، التي أطلقتها وزارة الإسكان لدعم مستفيدي الضمان الاجتماعي، تواجه تحديات عدة، أبرزها تأمين التمويل المطلوب، لتنفيذ مشروعات السكن الموجه للفقراء ومحدودي الدخل، وفي هذا الإطار تسعى الوزارة من خلال هذه المبادرة، إلى تعزيز التكامل مع القطاع غير الربحي، في تقديم برامج تنموية للشرائح المستهدفة، ولا تقتصر أهداف هذه المبادرة على تأمين السكن لهذه الفئات، بل تمكينهم وتأهيلهم من العيش بكرامة، انطلاقا مما نصت عليه رؤية المملكة 2030 بخصوص رفع مساهمة القطاع غير الربحي في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي من أقل من 1 في المئة إلى 5 في المئة. وللإسكان التنموي برنامجان رئيسيان؛ الأول وهو «الإسكان الميسر» الذي يستهدف توفير السكن الملائم لمستفيدي الضمان الاجتماعي، والثاني «الإسكان التنموي»، ويعمل على دعم تأسيس جمعيات تعاونية للإسكان، يكون لها برامج ومشروعات خاصة. وجاءت تأكيدات العلماء بجواز توجيه الزكاة إلى مشروعات الإسكان التنموي، على هامش مشاركتهم في ندوة «استدامة موارد الإسكان التنموي» على النحو التالي: د. عبد الله العمراني: الزكاة لتوفير مسكن لفقير قال الشيخ الدكتور عبدالله العمراني أستاذ مشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية: إن مسألة تخصيص الزكاة لمشروعات مساكن الإسكان التنموي، نالت حظها من المناقشات والمداولات الفقهية بين العلماء، مؤكدًا أن معظم العلماء أجازوا جواز صرف زكاة أموال المسلمين في تمليك الفقير مسكنًا، فيما رأى القلة منهم، أنه يجوز تحمل إيجار المنزل نيابة عن الفقير، وليس التملك». وتابع الشيخ العمراني: «نحن هنا مع الأكثرية التي أجازت توجيه زكاة المسلمين إلى مشروعات الإسكان التنموي، الذي يهتم بتأمين المساكن للفقراء ومحدودي الدخل، ولكن بضوابط، اقتداء بحديث رسول الله لمعاذ: «أخبرهم بأن الله افترض عليهم صدقة، تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقيرهم، لذلك أستطيع التأكيد على أنه يجب على الموسرين، إنفاق زكواتهم على من يستحقونها، ومن بينهم الفقير». الشيخ المطلق: الفائدة تعزز الأمن الاجتماعي المطلق من جهته، أكد معالي الشيخ عبدالله المطلق، على شرعية تمويل الإسكان التنموي، وقال: «لا مانع من صرف الزكاة على إسكان الفقير وشراء مساكن للفقراء منها، لأن فائدته ستعم على الأسر الفقيرة، وتعزز الأمن الاجتماعي، وترسخ الاستقرار»، وقال: «أدعو التجار ورجال الأعمال إلى تقديم خير يستفيدون منه»، مبيّناً أنه لو تمكنت وزارة الإسكان من أخذ بعض زكاة أموال التجار لإسكان الفقراء لكان خطوة جيدة لإسكان هذه الفئة من المحتاجين»، معتبرًا أن «وزارة الإسكان ممثلة بهذه المشروعات خير من يقوم بهذه الخطوة»، ودعا الشيخ المطلق إلى أن «تُبنى البيوت باسم هيئة الزكاة للاستفادة من مشروعات الإسكان بالنسبة للفقير، ثم تركه السكن لمن هو أشد فقرًا منه من المحتاجين الآخرين في حال غناه، بدلًا من التمليك الُمطلق». الشيخ الماجد: الفقراء أولى من غيرهم بدوره أيد الشيخ سليمان بن عبدالله الماجد عضو مجلس الشورى بالمملكة ما ذهب إليه الشيخ العمراني، قائلاً: «يستطيع التجار والأثرياء دون غيرهم، تطبيق هذا الأمر على أرض الواقع، بأن يخصصوا كل زكواتهم أو جزءًا منها، لمشروعات الإسكان التنموي، ولا مانع أن يطلبوا تخصيصها لأقربائهم ومعارفهم من الفقراء، باعتبارهم الأولى من غيرهم»، مشيرًا إلى أنه: «يوجد اتفاق على نحو خمسة منتجات، متفق عليها بين الفقهاء، مثل وضع صندوق للإقراض، وآخر للسداد من أموال الزكاة»، متوقعًا أن «تدفع هذه المنتجات بالمقاصد الشرعية التي يسعى لها برنامج الإسكان التنموي». الدكتور الشبيلي: لتمليك الفقير منافع متعددة من جانبه، رأى الشيخ الدكتور يوسف الشبيلي جواز «تمليك الفقير بيتًا من أموال الزكاة لكون المسكن للفقير من الضروريات والتمليك فيه منافع متعددة، منها إغناء الفقير، فيجوز دفع الزكاة للفقير ليتملك منزلاً»، مشترطًا أن يكون تسكين الفقير مقابل تطوير مهاراته ليتمكن من دفع قيمته لاحقًا.