جبال فيفاء (أو فيفا كما ينطقها أهلها) هي جزء من منطقة جازان، لكنها حتمًا ليست كبقية الأجزاء. هي أولًا مرتفعات شاهقة ذات مشاهد آسرة ومناظر خلاّبة وتاريخ عريق. ومن جبالها الشهيرة، جبل «العبسية» الذي يتشكَّل على شكل قوس من الشمال إلى الجنوب، وتحيط به عدة أودية أهمها وادي «ضمد» ووادي «الجورا» اللذان يلتقيان في نقطة تسمى «المحة» غرب الجبل. لن أطيل التغني بمفاتن فيفا، ولن استعرض الألقاب الجميلة التي حازت عليها، ومنها «جارة القمر» و»جنان الأرض»، ولن أشير إلى مبانيها التاريخية القديمة التي شوّهتها إلى حد كبير المباني الحديثة غير المتناسقة مع القديم الجميل، ولا مع المحيط الطبيعي الأخّاذ. ولعلي أكتفي بما جادت به قريحة أحد أبنائها الشعراء إذ قال: فيفاءُ، يا فَلكَ الخَيالِ الأبعدا وهوىً يسافرُ في جناحَيهِ المدَى طوْدٌ بهِ اللهُ يُثبتُ أرضهُ من أنْ تميدَ، وجَلَّ ذاكَ مُوَطّدا شماخةٌ فيها الحصونُ كأهلها من رامَها رامَ السماحةَ والندَى ومواسمُ الهمَمِ الشواهق طَلْعُها قمَمٌ تراودُ في ثراها الفرْقدا بجديلةٍ من شعْرها عَبِثَ الدُّجى والشمسُ أرْختْ بين نهديها يَدَا ولا خلاف حول أحقية فيفا في أن تكون معلمًا سياحيًا بارزًا في جنوبنا العزيز، لكن الحديث يدور دومًا حول الممكن وغير الممكن في آليات وتقنيات تطوير هذه الأرض المملوكة بالكامل لأبنائها، فلا مساحة بقيت لأرض فضاء، وإنما كل شبر فيها غالٍ ونفيس تتوسطه دار مملوكة، أو تغطيه مساحات مزروعة. فيفا في حاجة إلى ثورة في التفكير، وإلى خروج عن المألوف، وإلى تقنيات غير معهودة لتوفير مساحات كافية تدعم وجود السائح مواطنًا زائرًا أو وافدًا قادمًا. واضح أن الآليات المعتادة لن تجدي في مواطن رائعة غير معتادة. إنه اختبار صعب للغاية لمن أراد أن يستثمر مواقع فيفا وجبالها وآثارها وجمالها لأغراض السياحة. وهو تحدٍ لمن يعشق التحدي، وليس كمثل أمير السياحة سلطان بن سلمان عاشق للتحدي. آخر الحديث شكر مضاعف للأخ الكريم محمد الفيفي الذي استضافنا في الفندق الجميل الوحيد في ديار فيفا، وما أكرمها من دار.