تسبب غياب التنظيم وضعف إحكام الرقابة على المواقع، التي يتطلع ضيوف الرحمن من زوار المدينةالمنورة لزيارتها خلال مواسم الحج والوقوف عليها والاستزادة بالمعلومات الصحيحة عنها كجزء رئيس من مكونات مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم، إلى استحداث ما وصفه البعض ب»السوق الموازي» لخدمات الإرشاد السياحي النظامي نتيجة تعمد جهات غير مرخصة نظاميًا بتنظيم رحلات سياحية لزوار المنطقة حتى باتت العشوائية تضرب اليوم في خاصرة منظومة الإرشاد السياحي، وكذلك صناعة السياحة في المنطقة، فبين تمسك الجهات المختصة بقرار منع تنظيم الرحلات تلك السياحية دون الحصول على التصاريح اللازمة، خصوصًا إلى بعض المواقع في المدينةالمنورة من جهة والممارسات المخالفة للنظام، التي قد يرتكبها البعض والمتمثلة في تنظيم رحلات سياحية على متن حافلات خاصة للحجاج خارج الإطار القانوني من جهة أخرى، لا تزال العشوائية تسيطر على هذا السوق، الذي يتطلع المهتمون بتاريخ المدينةالمنورة إلى التوسع في تنظيم الرحلات السياحية بطريقة نظامية واستثمار المواسم الدينية، التي تعيشها المنطقة على مدار العام بهدف تهيئة البيئة الملائمة لتنمية القطاع وتطوير تلك المزارات الدينية والمواقع السياحية والبيئة، التي تحتضنها المدينةالمنورة بما يتواءم مع رؤية المملكة 2030 م الداعمة لتعزيز قطاع السياحة الدينية في الأراضي المقدسة. ورصدت «عدسة المدينة» خلال جولة ميدانية على بعض المواقع في المدينةالمنورة وجود ضيوف الرحمن من زوار المسجد النبوي الشريف، بشكل كثيف على بعض المزارع الخاصة ومتنزه البيضاء البري – شمالي المدينة – ويستغل بعض منظمي الرحلات المخالفين الحافلات الخاصة، التي تقع خارج سلطة النقابة العامة للسيارات وإشراف وزارة الحج والعمرة، في عمليات نقل الزوار من وإلى المواقع بالرغم من التحذيرات الرسمية الصادرة عن الجهات المختصة بالمدينةالمنورة، التي تؤكد عدم نظامية هذه الرحلات وتحارب هذه الظاهرة، التي قد يقع ضحايا بعض الزوار نتيجة الاستغلال والتضليل، الذي قد يمارسه بعض المخالفين في تنظيم رحلات سياحية من هذا النوع. وكيل الحج: حافلات النقابة ممنوعة من نقل الزوار إلى البيضاء أكد وكيل وزارة الحج والعمرة لشؤون الزيارة بمنطقة المدينةالمنورة الأستاذ محمد بن عبدالرحمن البيجاوي، بأن الوكالة تسعى إلى تجويد كل الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن على الأراضي المقدسة وتتطلع إلى تنظيم خدمات الإرشاد السياحي في المنطقة، بالإضافة إلى توسيع دائرة المستفيدين خدمات الإرشاد السياحي بطريقة نظامية في المدينةالمنورة، وقال: وزارة الحج والعمرة معنية بخدمة ضيوف الرحمن أينما وجدوا ونحن نمنع تنظيم هذه الرحلات المخالفة على متن الحافلات، التي تقع تحت إشراف النقابة العامة للسيارات إلى مثل تلك المواقع بهدف تجنيب الحجاج من الوقوع ضحايا لممارسات الاستغلال والتغرير بهم بالدرجة الأولى ولكن للأسف يتم الالتفاف على الأنظمة من خلال نقل الحجاج إلى تلك المواقع عبر حافلات نقل خاصة غير مرخصة، وخلال حديثه قدم البيجاوي تساؤلًا ماذا لو تم تنظيم الرحلات السياحية إلى هناك بطريقة أكثر تنظيمًا، وتكون تلك الزيارات بمثابة رحلة سياحية تعريفية بالمكان وتاريخه كجزء من المدينةالمنورة وبرفقة المرشدين السياحيين المعتمدين .. إلا يفتح ذلك الأمر آفاقًا ويوفر المزيد من فرص العمل ويُعد بمثابة استثمار وتنمية للمزارات السياحية والمواقع الطبيعية والبيئة في المدينةالمنورة. مرور المدينة: نقاط أمنية لمنع مرور الحافلات إلى المزارات «غير الشرعية» كشف مدير عام الإدارة العامة للمرور بمنطقة المدينةالمنورة، العقيد الدكتور صلاح الحربي، أن هناك لجانًا مشتركة تعمل على ضبط عمليات تنظيم الزيارات إلى ما وصفها ب»المزارات غير الشرعية» كمنتزه البيضاء البري شمالي المدينةالمنورة- في خطوة منها لضبط حركة الحافلات الخاصة التي لا تقع تحت مظلة النقابة العامة للسيارات، التي تشرع في تنظيم زيارات إلى تلك المواقع بالرغم من التوجيهات الصادرة عن الجهات المختصة، التي تقضى بمنع نقل الحجاج إلى تلك المواقع، بالإضافة إلى المزارع الخاصة دون الحصول على التصاريح النظامية لذلك، وقال الحربي في تصريح ل»المدينة»: إن إدارة المرور خصصت نقاطًا أمنية تمنع خروج الحافلات الناقلة للحجيج خصوصًا الحافلات الخاصة، التي لا تقع تحت إشراف النقابة العامة للسيارات إلى بعض المواقع كمنتزه البري، وكذلك المزارع الخاصة إلى ما نسميه بالمزارات غير الشرعية، وذلك وفق الأنظمة والتعليمات الخاصة بأنظمة نقل الحجيج. عدسة مواطن ترصد 13 حافلة خاصة مخالفة في البيضاء وثقت عدسة مواطن في المدينةالمنورة تحول منتزه البيضاء إلى مزار سياحي يقصده ضيوف الرحمن زوار طيبة الطيبة، بمعرفة سائقي الحافلات الخاصة، التي لا تخضع لإِشراف النقابة العامة للسيارات، حيث رصد المواطن خلال جوله هناك وجود أكثر من 13 حافلة نقل خاصة بسعة 45 مقعدًا للحافلة الواحدة وهي مصطفة على محيط الدوار الأخير الذي يقع في آخر المنتزه البيضاء، ويشير المواطن خلال مقطع الفيديو المتداول على منصات التواصل الاجتماعي إلى الغياب التام للجهات المختصة المعنية بمتابعة تنظيم زيارات الوفود إلى تلك المواقع بالرغم من تحذيرات الجهات المعنية من تنظيم هذه الزيارات دون الحصول على التراخيص اللازمة، ويوضح الفيديو الذي يمتد ل 1.09 دقيقة بأن تحركات مجموعات الحجاج التي تعود من جنسية واحدة – آسيوية – إلى تلك المواقع تشير إلى تعمد جهات مخالفة إلى تنظيم تلك الزيارات بطريقة مخالفة. المغامسي: المخالفون أوجدوا «سوقًا موازيًا»، وخصوصية المدينة تستوجب حصر الخدمة على المرخصين.. حذر الباحث في تاريخ المدينةالمنورة، فؤاد المغامسي، من تنظيم رحلات سياحية للوقوف على معالم السيرة النبوية، التي تحتضنها المنطقة دون الاستفادة من خدمات المرشدين السياحيين المرخصين المؤهلين لممارسة هذا النشاط من قبل الجهات المعنية، وقال في حديث ل»المدينة»: لا يحق لأي مرشد لم يُمنح الرخصة ممارسة هذا النشاط، ولا بد من تنظيم هذا المجال من خلال حصره على وكالات السياحة المرخصة ومنظمي الرحلات السياحية في المدينةالمنورة، وشدد المغامسي على ضرورة تحديد مواقع تاريخية وسياحية يُمكن لضيوف الرحمن من زوار المنطقة بزيارتها والوقوف عليها والاستفادة من خدمات الإرشاد السياحي فيها. كابر: عدم الاعتماد على التوثيق العلمي للمعلومة «كارثة» شدّد الباحث والمهتم بتاريخ المدينةالمنورة، عبدالله كابر، على ضرورة أن يُقدم المرشد السياحي الذي يقف على معالم السيرة النبوية خصوصًا، معلومات صحيحة ومُعتمدة على التوثيق العلمي الدقيق، ووصف مخالفة ذلك الأمر ب»الكارثة»، التي يترتب عليها مفاسد دينية ودنيوية، وقال: إن هناك الكثير ممن يتصدرون للإرشاد السياحي وبعضهم ربما حاصل على رخصة في هذا المجال يكون غير مُلم من الناحية العلمية بشكل كبير عن تاريخ المدينة وأحداث السيرة النبوية، ويترتب على هذا الأمر مفاسد كبيرة جدًا تشتمل على تضليل الزوار بمعلومات غير دقيقة، مما ينتج عنه بعض الممارسات الخاطئة .