مَن يتابع الأعمال الدرامية في شهر رمضان الكريم، يُدرك بأن هناك احتمالين لا ثالث لهما، إما أن العديد من الكُتَّاب بات لديهم تشبُّع في رصيدهم المهني -مما أثر على ما يُقدِّمونه في أعمالهم الجديدة في الفترة الحالية، لذلك تجدهم يلجؤون إلى كتابة النصوص الركيكة التي لا تحمل من الحبكة الدرامية سوى وجوه تم استقطابها لتقديم أدوارها من خلال استخدام سياسة «وضع المشاهد أمام الأمر الواقع»، وعبر استقطاب ممثلين وممثلات لديهم جماهيرية كبيرة، لتغطية الضعف الفني في تلك الأعمال، سواء على صعيد النص أو السيناريو أو الحوار وصولاً لعملية الإخراج-، وإما توجُّه المنتجين نحو الأعمال التي تُلبِّي رغبات وطلبات المشاهدين، حتى وإن كان العمل المُقدَّم يتعارض ولو ضمنيًا مع القيم والعادات والتقاليد، لذلك تجدهم يتجاهلون الحقيقة التي مفادها بأن الفن هي رسالة سامية تُسلِّط الضوء على هموم ومشكلات المجتمعات بهدف إيجاد الحلول لها من قِبَل المعنيين، أو على أقل تقدير «دق ناقوس الخطر تجاهها»، حتى لا يحدث ما لا يُحمد عقباه مستقبلاً. المتابع للواقع الذي وصلت إليه الدراما العربية في الآونة الأخيرة وما يتم إنفاقه من ملايين الدولارات عليها في المسلسلات والبرامج المستنسخة أو المتكررة في مضمونها، وما تناقشه من قضايا، يُدرك حجم الفقر في كُتَّاب الدراما العربية، مما أدى أو ساهم بشكلٍ كبير في ظهور هذه الأعمال بالسطحية، حتى اتسعت الفجوة بحجم يصعب رقعها، في ظل الإصرار على دعم وإنتاج المسلسلات الضعيفة فنيًا، والترويج لها عبر قنوات ذات نسبة مشاهدة عالية، من أجل إيهام المتابع بأن تلك الأعمال وجدت رواجًا وقبولاً بين المشاهدين والمتابعين. أنا هنا لست بصدد تقييم كُتَّاب كِبَار، كانت لهم بصمات واضحة وكبيرة في تشكيل التاريخ الفني العربي، لكن للأسف ما نُشاهده اليوم من أعمال، حقيقةً هي أشبه بالتسلية أو سد فراغ لا أكثر.