نتذكّر جميعًا تلك الاستفزازات والبذاءات التي صدرت من قطر بحقِّ الإمارات، بعد الإطاحة بالشيخ خليفة بن حمد آل ثاني منتصف تسعينيَّات القرن الماضي؛ لأنَّها استضافت الشيخ خليفة، ورجاله بعد الانقلاب عليه، وطالت البذاءات جمهوريَّة مصر العربيَّة، وقد كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- حكيمًا كعادته. وكما هو طبعه حين تواجه الأمة فتن تتسبَّب في شق الصف العربي، فحذَّر قطر من هذه السياسات الهوجاء، وهذا التعدِّي بحق الإخوة، جاء ذلك في عنوان كبير تصدر يومها الصحف المحليَّة (الشيخ زايد يرد على البذاءات القطريَّة) الجزيرة منبر كل إرهابي مع ذلك، لم تتخلَّ قطر عن منهجها الذي اعتقدت أنَّه وبما يتوافر لديها من أموال ضخمة، سيحوِّلها إلى دولة عظمى في المنطقة، وذلك برعاية الإرهاب والإرهابيين، فآوتهم، وأعطتهم الأمان، وحقوق المواطنة، وجعلت لهم ماكينة إعلاميَّة ضاربة؛ لتكون منصَّةً لهم يطلقون من خلالها أحقادهم وكذبهم، فكانت الجزيرة منبرًا لكلِّ إرهابيٍّ لا منبرَ له. ما يصدر عن قطر لا يمكن التساهل معه اليوم تفاقم الخطر، وما يصدر عن قطر أكبر من أن يتم التساهل معه وتجاوزه بوساطة كويتية، أو حتَّى بوسطاء دوليين، لقد تجاوزت تصريحات الأمير تميم كل الخطوط، وتمَّ التعدِّي على قرارات واتفاقات وإجماع شهد عليه العالم في قمم الرياض الثلاث، اليوم تغرد قطر للأسف ليس خارج السرب الخليجي، بل حتَّى العربي. قواعد اللعبة السياسية ليست بيد قطر هذا الدور أو هذا الحلم حاولت دول أن تلعبه قبل قطر، لكنها جميعها باءت بالفشل، ذلك أن قواعد اللعبة السياسية الدولية ليست بيد قطر، وهي أكبر من قطر بكثير، ثم إن العظمة السياسية لها شروط واستحقاقات وتاريخ وسياقات كثيرة، ليس لدى قطر واحد منها.