يؤكد مؤسس المخابرات القطرية اللواء المصري محمود منصور أن قطر بعد انقلاب 1995، لم تعد تلك الإمارة الصغيرة والهادئة، لافتاً إلى أن «الإخوان المسلمين» تمكنوا من الديوان الأميري، وتلاقت مشاريعهم العابرة للحدود مع طموحات حمد بن خليفة، ما جعلهم يصدِّرون عمليات في تمويل الإرهاب وحركات العنف حول العالم. ولفت منصور الذي ابتعثته بلاده إلى قطر عام 1988 لتقديم الدعم الأمني لإعادة صياغة جهاز الأمن القطري، في حوار مع «عكاظ»، إلى أن حمد بن خليفة لم يكن بنجومية حمد بن جاسم وتأثيره على صناعة القرار، حتى أن «المخابرات القطرية» رصدت فساد ابن جاسم منذ أن كان يحمل حقيبة البلديات الوزارية، بيد أن «القطريين تفاجأوا بتعيينه وزيراً للخارجية». ويرى أن حياكة المؤامرات على السعودية والإمارات ومصر والبحرين، كانت أبرز ملامح نظام حمد بن خليفة بعد نجاحه في الانقلاب على والده، مفسراً كثرة «المجنسين» في الجيش القطري إلى عدم ثقة والد تميم منذ أيامه الأولى بأبناء القبائل القطرية، حتى أنه نكل بهم وانتهك حقوقهم، وأعدم بعضهم ريبة وتوجساً، فإلى نص الحوار: • كيف بدأت عملك في تأسيس المخابرات القطرية؟ •• في 1988 تم اختيار عدة قادة أمنيين لتقديم الدعم الأمني لعدة دول عربية وتوجهت مع مجموعة صغيرة إلى الدوحة وتم تكليفنا هناك لإعادة صياغة جهاز الأمن القطري، وعملنا بدائرة المخابرات العامة بالدوحة وكانت تعمل بها ما يقارب ال 13 جنسية عربية وغير عربية واكتشفنا أن نظام العمل بسيط ويحتاج للتطوير، وكان المسؤول عن الجهاز الأمني ولي العهد -آنذاك- حمد بن خليفة، واستطعنا بوقت قصير أن نعيد صياغة الهيكل التنظيمي للدائرة، والمفترض من المخابرات العامة العمل خارج الدولة، ولكن بناءً على قرار حامل ملف المخابرات القطرية حمد بن خليفة أصر على أن لا ندرب القطريين على قواعد العمل خارج الحدود. • ولماذا برأيك أصر على ذلك؟ •• لأنه لم تكن هناك كوادر ولا طموحات، ولم يكن لدى قطر طموحات خارجية، كانت دولة منكمشة تحرص على الحفاظ على أموالها، وأصبح في قطر جهاز يجمع المعلومات، يمكن القول إن «مخابرات قطر» بات جهازاً قوياً، واللافت أن وجود القطريين كان قليلاً في جهازهم الأمني، وكان المصريون يعملون بالجوانب المالية والإدارية. • حصل انقلاب حمد على والده بعد سبعة أعوام من قدومك إلى قطر، من كان يدير شؤون الإمارة الصغيرة قبل ذلك؟ •• قطر لم تكن بحاجة لمن يديرها، لم تكن هناك دولة كبيرة، بل مدينة وخمسة قرى والحياة بسيطة جداً فيها، والشيخ خليفة بن حمد حاكم البلاد كان إنساناً بسيطاً ومن يأتي لمكتبه طلباً للعون لا يتردد بمساعدته، وكان اللقاء به متاحاً للمواطنين والمقيمين، إدارة البلاد بشكل عام كان عنوانها البساطة، ولكن في عام 1989، قدمنا مقترحا لسفر ضابطين قطريين إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية بهدف التحقق من سلوكيات حمد بن جاسم الذي كان يشغل حينها منصب وزير البلدية، بعد أن لوحظ طموحه الذي يتخطى حدود وزارته. • كيف؟ •• كنا قد رفعنا تقريراً عنه سابقاً بأنه يحصل على رشاوى مالية لبناء المنازل للقطرين، وأبلغنا رئيس جهازنا الشيخ حسن بن عبدالله آل ثاني الذي أبلغ بدوره حمد بن خليفة، وذهب الضابطان للعمل في السفارة القطريةبالولاياتالمتحدةالأمريكية وكان لديهما تكليف (سري) لمتابعة سلوكيات حمد بن جاسم ومتابعة تحركاته التي تدور حولها شبهاً كثيرة. • أنت تقول إن مهمتك كانت المخابرات داخل قطر فقط، فكيف استطعتم التحري عن حمد بن جاسم خارجياً؟ •• كما قلت لك رفعنا طلبا لوزير الداخلية وولي العهد حمد بن خليفة بذلك ووافق لنا. • وماذا حدث بعد ذلك؟ •• رفعنا كل ما رصدناه عن سلوكيات حمد بن جاسم إلى ولي العهد حمد بن خليفة، إلا أنه لم نجد أي رد منه، وتفاجأنا فيما بعده أن حمد بن جاسم تم تعيينه وزيراً للخارجية ورئيساً لوزراء قطر. • وماذا عن انقلاب حمد بن خليفة على والده، هل رصدتم ذلك من خلال عملكم بالمخابرات؟ •• علمت مصادرنا عام 1995 أن ثمة تحركات للإطاحة بالشيخ خليفة من قبل ابنه حمد، وأبلغت حينها رئيس جهاز المخابرات العامة حسن بن عبدالله آل ثاني ولم يبلغ الشيخ خليفة وطلب مني عدم الحديث عن ذلك مجدداً. بعد سفر الشيخ خليفة بن حمد لسورية ثم مصر وثم إلى أوروبا للعلاج، إذ كان يعاني من آلام صحية، تفاجأنا في صباح اليوم التالي أن التلفزيون القطري يذيع على الهواء خبر استقبال حمد بن خليفة القبائل وكبار رجال آل ثاني وأعلن أنه أمير على البلاد. • حدثنا عن المرحلة الجديدة لحمد بن خليفة التي عاصرتها؟ •• في عهد حمد بن خليفة لم يكن هو النجم الساطع، بل كان حمد بن جاسم، بحيث من كان لا يرضى عنه حمد بن جاسم يفقد الميزات التي يتمتع بها، وأصبحت كلمته هي التي تسود، وعندما يتحدث ابن جاسم يصمت ابن خليفة، بدأنا نلحظ حدوث هجمات متتالية على منازل الموظفين الكبار في القوات المسلحة والشرطة للقبض عليهم وإيداعهم في السجون دون علم ذويهم ومنع الاتصال بهم، بسبب الصراع بين الشيخ خليفة بن حمد والحمدين وسط محاولة الشيخ خليفة بن حمد للعودة للحكم مجدداً، ووقعت حينها ضحايا كثر داخل قطر وكان من الضحايا الرائد حمد المري والمقدم فهد المالكي والنقيب خالد المالكي والذين حكم عليهم جميعاً بالإعدام بسبب موالاتهم للشيخ خليفة بن حمد. • وكيف كنت ترى ملامح الانقلاب الجديد تجاه الجيران؟ •• استشعرنا وجود تحركات عدائية ضد الإماراتوالبحرين وتم وضع السعودية ومصر في مقدمة الأعداء. • الملاحظ أن نسبة المجنسين في الجيش القطري عالية جداً، لماذا برأيك؟ •• الجيش القطري بدأ بالمستشارين المصريين، وانتهكت الحكومة في عهد حمد بن خليفة حقوق قبائل قطرية بعينها بحجة أنها وقفت مع الشيخ خليفة بن حمد، وتم اضطهادهم وطردهم من الخدمة العسكرية وبدأت عمليات الاستبدال بالجنسيات الأخرى، وللمعلومية كانت قطر تمنع التدريب بالسعودية، وخصوصاً بالمجال الأمني والعسكري وكان هناك تحريض ضد المملكة العربية السعودية ومصر. الحمدان مملوءان بالحقد والكراهية تجاه السعودية، وكان الرئيس المصري السابق حسني مبارك متهماً بالعداء لقطر وبدأت أشعر بتضخم المشاعر القطرية اتجاه أنفسهم وكانوا يشعرون أنهم دولة كبرى، لأنهم لم يقيسوا حجمهم الحقيقي، وهي محاولة نفسية للشعور أنهم كبار ومن هنا بدأ الإعلام القطري وتم إنشاء قناة الجزيرة لبث سمومها اتجاه الدول العربية والإسلامية. • قدمت من المخابرات المصرية إلى قطر، كيف تصف وجود الجماعة الإرهابية في الإمارة الصغيرة؟ •• أثناء حكم خليفة بن حمد كانوا متواجدين، لكن الإخوان تسللوا وفرضوا إرادتهم بالديوان الأميري عام 2003 وهو العام الذي بزغ فكرهم في السلوك القطري. • ماذا قدم الإخوان لحاكم قطر حمد بن خليفة؟ •• لقد قدموا مشروعهم العابر للحدود، على أن يتولى أمير قطر السابق زمام المبادرة، ونظراً لكون الديوان الأميري قد اكتسب خبرة واسعة في تمويل الإرهاب والتخريب والدعاية السوداء فقد كان تحوله لخدمة خطة «الخلافة الإخوانية» تحولاً يسيراً وتم بغباء شديد متصورين أن العالم لن يدركوا ما يفعلونه وبدأوا يبحثون عن عناصر إرهابية في عدة دول عربية وانطلقت شرارة الإرهاب من قطر لإنشاء «حلم الإخوان». • هل نوايا قطر انكشفت أمام العالم؟ •• يوم الخامس من يونيو العام الماضي، أعلنت فيه الحقيقة حينما واجهت الدول الرباعية (السعودية، الإمارات، البحرين، ومصر) تميم بن حمد الذي شذ عن عروبته وعقله، كما شذ والده من قبله، وبدأ يتخبط كمن يتخبطه الشيطان للتحالف الشيطاني (القطري - التركي -الإيراني)، وجال دول العالم يبحث عمن ينقذه من العار الذي تعرى فيه أمام العالم، لكنه لم يجد من يستمع له، وهو ما وضع قطر حالياً في وضع سياسي واقتصادي صعبين جداً، وهم الآن قلقون لا يعرفون مصيرهم، وحسب المعلومات التي تردني من زملاء في قطر فإن أميرها تميم بن حمد حالياً لا ينام دون أن يتفقد الجيش، لأنه يدرك جيداً مقدار الجرائم التي ارتكبها هو ووالده، لذا أصبح يشك في الجميع.