عندما يُخيّل لشخصٍ بسيطٍ فكرًا وثقافةً واستيعابًا بأنَّه الكاتب (الفلتة)، لمجرَّد شعوره بذلك الإحساس، فتلك هي الكارثة، وكذلك يطلق على حالة كهذه (الطامَّة الكُبرَى)!! فمرحلة النضوج لدى المفكر وبشكلٍ عامٍّ ليست وليدة الأمنيات والأحلام، بل هي وليدة التجربة ذات المخاض المتعسِّر، الذي يمرُّ بمراحل متعدِّدة إلى أن يصل لمرحلة الاكتمال لهذه التجربة، أو تلك على اختلاف التجارب وتوجهاته الفكريَّة، التي تخضع عادة للموهبة، سواء كانت فنيَّة أو أدبيَّة أو علميَّة، وأيًّا كانت الموهبة فهي تحتاج كثيرًا من العناء والعناية بها، من حيث دعمها المتواصل بكلِّ ما يحقق لها النضوج، الذي يبرز الموهبة، وبشكل صارخ الحضور متدفق العطاء السلس، واضح الملامح، مواكبًا لواقعه، وملامسًا له، ومعبِّرًا عنه بطريقة أو بأخرى. وما يمنح الموهبة نقطة انطلاق هو قدرة الموهبة ذاتها على تجاوز المعوِّقات، التي قد تعرقل انطلاقها وتؤكِّد أصالتها وقدرتها على تجاوز تلك الحدود، التي تزرع أمامها للحدِّ من توهجها وبروزها، وقد تكون هذه العوائق بفعل فاعل، وتلك كارثة!! وقد تكون ناتجة عن قلة التجربة، وضعف الخبرة، وانعدام الاطِّلاع على كل ما ينهض ويرتقي بهذه الموهبة أو تلك. فبدون الإمساك بخيوط الموهبة، وتوجيهها التوجيه الصحيح، فإنَّ الموهبة تصبح مجرَّد مرحلة تعقبها مراحل من التخبُّط والتخيُّل والتمنِّي والتوهُّم، الذي يصل عند صاحبه إلى حدِّ تصديق تلك الأمنيات والأوهام، ويعتقد أنَّها واقعٌ حقيقيٌّ، والعيش على هذا الإحساس، كما يحدث عند البعض ممَّن هم بسيطو الفكر والثقافة، ناهيك عن انعدام الخبرة في هذا المجال أو ذاك، ولكن ذلك المتخيِّل والمتمنِّي يعتقد مثلاً بأنَّه أحدُ الكتَّاب (الفطاحل)، هكذا تُخيِّل إليه أوهامُه، التي يصدِّقها فيعتقد بأنَّ الكل يحارب وجوده، وقد تكون هذه الظنون مجرَّد أوهام خاصَّة مع شخص لا يمتلك الموهبة، بل هو في حقيقة الأمر مجرد شخص يخيّل إليه ذلك، ويعيش في عالمٍ من الوهم بأنَّه موهوب، وقد تكون هذه الظنون حقيقيَّةً، وليست أوهامًا، مع شخص يمتلك الموهبة، ولكنَّه يحارب، وفي هذه الحالة عليه أن يستمر في نضاله لإثبات موهبته الحقيقيَّة، التي ستثبتها الأيام لا محالة، خاصَّةً إذا ما استمرَّ، وكان إيمانه بموهبته أكبر من تلك المعوِّقات.