بالرغم من الدور الإيجابي الذي يمارسه العديد من المواطنين في المساهمات الأمنية، إلا أن العديد من الأكاديميين والمختصين أكدوا أن الممارسات السلبية لبعض المواطنين في القضايا الأمنية بدأت في التحول مؤخرا إلى ما يشبه الظاهرة، فبالأمس القريب وقف العشرات من المواطنين يشاهدون اعتداء عدد من المقيمين على رجل مرور دون أن يبادر أحد منهم بالإبلاغ أو التصدى لتلك الظاهرة. وأشار عدد من الخبراء إلى أن بعض المواطنين هم رجال الأمن الأُوَل، ولابد أن تكون أدوارهم إيجابية، وأنه لابد من تقوية العلاقة بين المواطن ورجال الأمن، لأن التهاون والسلبية يؤديان إلى وقوع المخاطر. «المدينة» طرحت قضية الحس الأمني لدى المواطنين للمناقشة بين عدد من الخبراء والمختصين والمواطنين، للتعرف على سبل دعم التفاعل بين المواطنين ورجال الأمن، لتحقيق منظومة أمنية متكاملة. خبير اجتماعي:لا بد أن يشعر الفرد بالانتماء للوطن يرى الخبير الإجتماعي أحمد السناني أن الانتماء لهذا الوطن الغالي لابد أن يتم تنميته لدى النشء منذ نعومة أظفارهم من قبل الوالدين، وهما يعتبران اللبنة الداعمة لهذا الانتماء الوطني وبهذا المُراد الذي اعتبره فطريًا نستطيع أن نجعل منه استقراراً ونموًا لمحبة هذا الوطن الذي احتضن الآباء والاجداد، فالأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام المختلفة والجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة والعامة هي المعنية بتنمية روح المواطنة والانتماء ولابد أن نقوي الشعور ونعالج ضعفه وأهميته لحفظ واستقرار هذا الوطن الغالي. وأوضح السناني أنه من الطبيعي أن يشعر أفراد المجتمع بالانتماء إلى أوطانهم، وما نشاهده اليوم من خلال أبناء الوطن الذين يذودون ويدافعون عن حدوده ومصالحة ومقدراته وأمنه ومكتسباته، والجميع يفخر ويعتز بهذا الشعور الانساني، ولذلك يعتبر المواطن هو رجل الأمن الاول، ولكن بعضهم قد يؤدي أدوارًا سلبية. اختصاصية نفسية:«غير المبالين» في المجتمع يشبهون متعاطيي المخدرات قالت الاختصاصية النفسية نجود سليمان قاسم: إن القصور في عملية التنشئة الاجتماعية هي التي يكتسب منها الفرد الاتجاهات والقيم التي تتوافق مع أدوارهم الاجتماعية ويترتب على القصور تفكك اجتماعي ناتج عن عدم وضوح للتوقعات المتبادلة بين أفراد المجتمع بسبب الصراع القيمي، وإذا نظرنا إلى أسباب ضعف الحس الأمني لدى بعض المواطنين فهو يأتي أولا بسبب الشعور بالإحباط وضعف الثقة بالنفس، كذلك عدم القدرة على التعبير بصراحة عن المشكلات الحقيقية بالإضافة إلى التفكك الأسري أو التدليل أو القسوة الزائدة من الوالدين ورفاق السوء، والشعور بالرفض من قبل الآخرين، في حين أن هنالك شخصيات تميل إلى اللامبالاة وهو يشبه شعور الواقعين تحت التخدير، وهو أيضا شعور مرادف لانفصال عن الواقع، ولذلك فغير المبالين في المجتمع لا يختلفون عن متعاطيي المخدرات. خبير أمني:سلبية المواطن تشجع المجرمين على التمادي يقول الخبير الأمني وقائد منطقة المدينةالمنورة سابقا اللواء عبدالعزيز الجنيدي أن من أسباب ضعف الحس الأمني لدى المواطن، ضعف العلاقة بينه وبين رجل الأمن، فالمواطن هو رجل الامن الأول وخط الدفاع الأول، فإذا لم يفهم ذلك فلابد علينا من إيصال ذلك له وإفهامه بواجباته الفطرية كعنصر فعال ضمن مجتمع، وأوضح أن ضعف العقوبات الصادرة بحق المجرمين المعتدين على رجال الأمن، كذلك الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وتقصيرها في حث المواطن واشعاره بأهميته في المشاركة لتحقيق الأمن له وللمجتمع، وحماية المواطن المشارك في الدفاع عن رجال الامن وتشجيع الآخرين للقيام بالدور الفعال جنبا إلى جنب مع رجال الأمن، كل ذلك من أسباب ضعف الحس الأمني لدى المواطن. وبين الجنيدي أن العناصر التي ذكرت هي جوهر الحلقة الاهم لتقوية الروابط بين رجال الامن والمواطن، فالسلبية في مواقف المواطنين تشجع المجرمين وقد تتمادى حتى يصبح رجل الامن هدفًا سهلًا للمجرمين ثم تنتقل التجاوزات والاجرام لتصيب المواطن وتدمر المجتمع بالشعور بالخوف وانفلات الامن ومن هنا نرفع اصواتنا عالية للمواطنين بأنهم هم اساس الامن وهم رجل الامن الأول وخط الدفاع الاول، وإذا تهاون وتخاذل في مساعدة رجال الامن في ضبط الامن وتقديم المجرمين إلى العدالة وذلك بتقديم المساعدة لرجل الامن وتقديم الشهادة أمام القضاء والإبلاغ عن كل ما يعكر الامن أو يتسبب في الاخلال به، فالتهاون والسلبية تؤديان إلي خطر أكبر على أمن الجميع سواء كان مواطنًا أو مقيمًا أو رجل أمن. عضو بمجلس الشورى:الأمن مسؤولية الجميع يؤكد عضو مجلس الشورى المهندس محمد العلي أن الأمن مسؤولية الجميع، وكل فرد في المجتمع له دور مناط به في هذا الجانب، فمسؤولية رجل الأمن المباشرة عن تنفيذ المهام الأمنية تقابلها مسؤولية على المواطن تتمثل في التعاون معه والتجاوب مع تعليماته، وأن يكون عضيدًا له أيضا في أداء تلك المهام وعينًا له أخرى، ومن واجبه الإبلاغ عن أي فعل من شأنه الإخلال بأمن الوطن، وهو أيضا معني بالحفاظ على أمن وسلامة أسرته وعليه تجنيبها مواطن الزلل وتربية أفراد أسرته على الولاء لدينهم ووطنهم وقيادتهم والكل راعٍ ومسؤول عن أسرته. تربوي:دفاع المواطن عن أمنه نبل وشرف واعتبر مشرف التوجيه والإرشاد بتعليم المدينةالمنورة عبدالرحمن الأحمدي أن الأمن من أهم الحاجات الأساسية التي لابد من توفرها للفرد ليعيش حياة كريمة، فالمجتمع حتى يبقى متين البنية مزدهر النمو ومستقر الأوضاع وبعيدًا عن كل الأخطار يجب أن تتحقق له كل سبل اشلأمن والطمأنينة، وحماية الوطن لا تقع على أجهزة الأمن وحدها، فلا الجيش ولا الأمن الداخلي وحدهما يكفيان لحماية الوطن، فحماية الوطن تحصل بتعاون الجميع مع المؤسسات الأمنية، والمواطن الصالح الغيور على وطنه له دور مهم في تحقيق الأمن ومحاربة الجريمة والفساد، بل هو واجب وطني عليه حيث يعتبر شريكًا إستراتيجيًا في مساندة الأجهزة الأمنية وبسط الأمن على أرض الوطن. وأوضح الأحمدي أن من أهم القضايا التي يجب أن تدرس وتعطى الأولوية في مجتمعنا أن للمواطنين دورًا مهمًا وإيجابيًا في تحقيق أهداف الأجهزة الأمنية المتمثلة في إقرار النظام والأمن العام، وفي جعل المجتمع آمنًا ومستقرًا وخاليًا من أي نوع من أنواع الجريمة. إعلامية: يجب أن يكون الحس الأمني حاضرًا في جميع الأوقات ترى الإعلامية روزانا اليامي أن التوعية تكون ذاتية في المقام الأول، إذ على المواطن أن يعي جيدًا بقلبه وعقله مدى المؤامرات التي تحاك في الظلام ضد هذا البلد ومجتمع شبابه وفتياته، ويجب أن يكون الحس الأمني حاضرًا في جميع الأوقات، لذا يجب على المواطن أن يكون على قدر المسؤولية، وقالت: إن الأمر يتعلق بشكل مباشر بالحس الأمني لدى أفراد المجتمع ولابد أن تكون أدواره إيجابية، فعلى كل مواطن مسؤولية وكل من يجد خروجا أو تعديا على القوانين أو القيم أو من يضر بأمن الوطن، بأن يبلغ جهات الاختصاص فورًا. وأضافت روزانا: إن عدم اكتراث بعض الناس بالتدخل لصد أو الإبلاغ عن تعدي أو تعنيف ضد رجل أمن فهؤلاء أشد خطرًا على المجتمع من أي شيء آخر، لأنه بذلك يجعل هذا المجتمع مستسلمًا وهشًا ليس لديه مقومات الشخصية الأمنية. مواطنون: الاضطرابات الخارجية أشعرتنا بأهمية الحفاظ على الأمن يؤكد المواطنون محمد الكثيري وخالد السندي وراشد العنزي أن المواطنين باتوا يعون أهمية المحافظة على أمن واستقرار المملكة خصوصاً في ظل ما يجري من اضطرابات في بعض الدول المجاورة، وأن الاضطرابات خارجيا جعلتنا نحن المواطنين نشعر بأهمية الحفاظ على الأمن والمساهمة في التصدي لكل عمل يخل بالأمن بالتعاون مع وزارة الداخلية التي تبذل قصارى جهدها في التصدي، مشددين على أنه لابد أن تكون هناك ردة فعل للمواطنين من منطلق أن المواطن يبقى رجل الأمن الأول بأدوار إيجابية وهذا هو السائد في ذهن كل مواطن يريد المحافظة على وطنه ومكتسباته، فلابد أن نضع يدنا في يد الحكومة في التصدي لكل ما يعكر صفو الأمان لبلادنا. روح المسؤولية أما المواطنون نايف الحنيني وعبدالله القرني ومروان قبلان فقالوا: إنه يجب على المواطن أن يترجم مقولة الأمير نايف بن عبدالعزيز -يرحمه الله- إن المواطن رجل الأمن الأول إلى واقع ملموس، فمن الضروري أن يشعر المواطن بالمسؤولية والوعي بأهمية دوره في استقرار وأمن وسلامة وطنه، فعلى المواطن دور كبير ومهم في دعم ومساندة جهود إخوانهم رجال الأمن، وأشاروا إلى أنه للأسف بعضهم لم يعزز دوره في الحس الأمني وروح المسؤولية لديه سلبية، فلا شك أن عدم اكتراث قلة بوجود عنف أو تعدٍ على الأمن فهو دور سلبي لا يتفق معه الأغلبية، فللمواطن دور مهم في تكملة دور رجال الأمن، وهنا لابد من إيجاد منظومة متكاملة من التعاون من خلال تأهيل معاني القيم الإنسانية. التفاعل الاجتماعي ويرى المواطنان محمد وسالم الجهني أن التفاعل الاجتماعي المتبادل بين أنساق المجتمع المختلفة والأجهزة الأمنية يمثل تكاملا ضروريا لإحداث الأمن والاستقرار في المجتمع، حيث يرتبط الأمن ارتباطا وثيقا بمؤسسات المجتمع المختلفة لما لهذه المؤسسات من دور في بنائه واستقراره، ولذلك فالمواطن يلعب أدوارًا تكاملية في حال كانت إيجابية مع المؤسسات الأمنية لإحداث الاستقرار في المجتمع، ولذلك فمن الضروري أن يعزز المجتمع العلاقة بينه وبين القطاع الأمني في ضوء نظريات الوقاية من الجريمة وذلك بالتعاون معه والتصدي لكل ما يعكر صفو الأمن. وأضافا: إن قناعة مجتمعية ترسخت أن الجهد الرسمي لأمن الوطن غير كافٍ من دون تعاون المواطنين، وذلك بالتبليغ أو التصدي أو المشاركة، وأنه من الضروري أن تعزز ثقافة المواطن بأنه رجل الأمن الأول، ولابد أن يعطى المواطن دوره الإيجابي والثقة في الحس الأمنى للدفاع عن مكتسبات الوطن والوقوف يداً بيد مع رجال الأمن في كل ظاهرة سيئة تمس أمن البلاد واستقرارها.