الأمن حالة مجتمعية تتطلب وعيا أساسيا من المواطن قبل الأجهزة الأمنية التي تؤدي مهام وظيفية وتنفيذية للتحقق من الاستقرار وحفظ الأمن، ولذلك كان صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز «يرحمه الله» يردد أن المواطن هو رجل الأمن الأول، وذلك ليس مجرد كلام لرفع قيمة ودور المواطن الأمني وإنما مبدأ إستراتيجي في الأمن والعمل الأمني، يهدف إلى تكامل عناصر الأمن في المجتمع، وهو دور يبقى مستمرا وفاعلا ومؤثرا، تركز عليه وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية وتضعه في سلم أولوياتها من أجل الحفاظ على الأمن الوطني. واستمرارا لذلك الدور الأمني في متابعة التطورات الأمنية ورفع الحس الأمني في عالم أصبح متغيرا بصورة دراماتيكية حادة فإن الوعي الأمني من الأهمية لاستيعاب تلك المتغيرات، ولذلك فإن تنظيم الفعاليات الأمنية تعتبر منهجا مهما في رفع الوعي الأمني سواء للمواطن أو العناصر الأمنية وإبقائها على آخر تطورات وتقنيات الأمن، ولقد سعدت بخبر رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، (مؤتمر الأمن الوطني..المعززات والمهددات)، الذي تنظمه كلية نايف للأمن الوطني في 8 صفر 1438ه الموافق 8 نوفمبر 2016م، والذي يهدف إلى تسليط الضوء على جملة من المعززات والمهددات والتحديات التي تواجه الأمن الوطني، واستعراض معززات الأمن الوطني ودور المجتمع في تفعيلها، وأشكال ونماذج مهددات الأمن الوطني وتأثيرها على المجتمع، ودور المجتمع في تفعيلها، والعوامل المساعدة في تنمية معززات الأمن الوطني. مثل تلك الفعاليات ينبغي أن تكون على مدار العام بحيث تنظمها كل جهة أمنية لأنها توفر مواكبة للمستجدات وقراءة موضوعية ومنهجية لأي عمليات اختراق أمني تهدد الأمن الوطني والمجتمعي، كما أن إبقاء المواطن في زخم التحديات الأمنية مما يرفع من حسه الأمني ويقظته، ويجعله يكتسب ثقافة أمنية ضرورية للقيام بواجباته وأدواره في حماية أمنه وأمن وطنه ومجتمعه، كما أن من المهم تلخيص مخرجات مثل تلك الفعاليات بصورة مبسطة لكل مواطن ومقيم ونشرها إعلاميا عبر جميع الوسائط ؛ لتعزيز الروح الأمنية لدى كل فرد حتى وإن لم يكن مهتما أمنيا إلا أن إبقاءه في النطاق الأمني يجعله تدريجيا يستشعر المخاطر الأمنية التي تهدده، وبفعل الغريزة يمكنه القيام بالكثير للشعور بالمهددات والمخاطر التي يمكن أن يواجهها، فليس الأمن عملية روتينية تؤديها أجهزة معنية وإنما حالة وطنية واجتماعية وفردية ينبغي أن يتعايش معها كل فرد بحيث يحدث تكامل يثري فكر كل أحد ويجعله في مستوى المستجدات والتطورات السلبية. وعوامل الاختراقات كثيرة وأغلبها ناعمة تمر من خلال الأفراد دون وعي منهم، مثلما في المخدرات التي تسلب العقول، والتستر التجاري الذي يستنزف اقتصاد الوطن، وغسيل الأموال والتهريب، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في مجال الجريمة، ولا يخفى على المتابع، ذلك الجدل القائم على نطاق عالمي واسع، حول شبكة (الانترنت) العالمية وتأثيراتها على اوضاع الامن الاجتماعي والثقافي على المجتمعات، حيث إن العصابات الاجرامية، اتجهت الى استغلال الانجازات التكنولوجية في تطوير وتحديث اساليبها الاجرامية، مما أسهم في زيادة معدلات الجرائم التي يمكن وصفها بالجرائم المعقدة تكنولوجيا، وغيرها من الجرائم التي لا يكترث لها المواطن البسيط ؛ لأنها تأتي في أطر منظمة مدروسة تعمل على اختراقه وتحييده من الحفاظ على أمن وطنه ومجتمعه؛ لذلك فإن هذه الفعاليات مطلوبة ومهمة وفاعلة على المدى القريب والمتوسط والبعيد، ويجب أن تكون فيها مساحة للمواطنين بالحضور والمشاركة للوقوف على أدوارهم وأين ينبغي أن يكونوا في العمل الأمني، وأن يتعرفوا على حجم المخاطر والمنجزات التي تحققت بتكاتف الجميع حتى يشعر المواطن بأنه جزء مهم في حماية أمنه والحفاظ على بلاده.