في الأسبوع المنصرم، في جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت في قصر اليمامة بالرياض، ورد في البيان ما نصُّه: «عبَّر مجلس الوزراء عن الفخر والاعتزاز للدَّور البنَّاء الذي تقومُ به المملكةُ بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لمحاربة الإرهاب وجهودها المتميِّزة لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة والعالم، مثمِّنًا في هذا السِّياق تسلُّم الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدَّاخليَّة ميدالية «جورج تينت» للعمل الاستخباراتي المميَّز في مجال مكافحة الإرهاب؛ نظير إسهاماته غير المحدودة لتحقيق الأمن والسِّلم الدَّوليين، مؤكِّدًا أنَّ هذا التَّكريم يجسِّد التَّقدير الكبير للمملكة في جهودها الرَّافضة للإرهاب، وإدانتها وشجبها له بصوره وأشكاله كافَّة، أيَّا كان مصدره وأهدافه، وتقديرًا وعرفانًا لولي العهد على الجهود المميَّزة التي قام بها لمحاربة الإرهاب، ولشجاعة رجال الأمن وتعاون المجتمع بأطيافه كافَّةً في محاربة الإرهاب». لقد غدت محاربة الإرهاب أمرًا يشهد به البعيد قبل القريب، ويعرفه ويثمِّنه القاصي والدَّاني، فقد قدَّمت المملكة للعالم تجربةً مميَّزةً في هذا الجانب، في مختلف الجوانب الأمنيِّة والسِّياسيَّة منذ بروز هذه الآفة المقيتة في ثمانينيَّات القرن الماضي، كما قدَّمت نماذج استثنائيَّة جعلت العالم أجمع يؤمن بأنَّ تجربة المملكة في معالجة هذه الظاهرة أصبحت نموذجًا دوليًّا شهد بكفاءته ومقدرته الجميع في مختلف الأقطار، وحصلت المملكة بموجبه على تقديرٍ دوليٍّ وإقليميٍّ. وبالأمس القريب تسلَّم رائد المجهود الأمني المتميِّز صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ميدالية «جورج تينت»، التي تقدِّمها وكالة الاستخبارات المركزيَّة الأمريكيَّة للعمل الاستخباراتي المميَّز في مجال مكافحة الإرهاب، وهو الأمر الذي أظهر جليًّا أنَّ العالم كلَّه -بلا استثناء- يدرك حجم العمل الذي تقدِّمه المملكة في سبيل محاربة هذه الظاهرة والآفة المدمِّرة، التي انتشرت في مناطق كثيرة في العالم، دون تحديد نسبتها إلى دين، أو عرق، أو جنس بعينه، إذ هي ظاهرة لا هويَّة لها؛ لأنَّها وليدة فكرٍ منحرفٍ متطرَّفٍ، حادَ عن طريق الحقِّ، واتَّبع هواه، فضلَّ وأضلَّ، وأمعن في محاولة تدمير المجتمعات الإنسانيَّة، وخلق حالة من الفزع والفوضى، وتبديد الأمن والاستقرار، وتدمير الممتلكات في بقاع شتَّى من المعمورة. ولا شكَّ أنَّ الوقفة الحازمة التي شهدتها تلك الأعمال المتطرِّفة التي تنكبت طريق الحق لا تنطلق من منطلقات أمنيَّة فحسب، بل تقوم على أساس متين من عقيدة الإسلام، وشريعته السَّمحة التي تقوم عليها بلادنا، والتي تدعو إلى نبذ الغلو والتطرُّف، وتنادي بالسَّلام والرَّحمة، وتؤسِّس مبادئ العدل، وتعظِّم شأنه في النُّفوس. وهذا هو المنهج الرَّباني الذي يقوم على الرَّحمة والمساواة والاعتدال، وكفِّ الأذى عن الآخرين، أو التَّعرُّض لهم بسوء، وذلك ما يفصح عن قذارة تلك الأعمال الشَّيطانيَّة التي ارتكبت الحوادث البشعة في مختلف الأمكنة، بل لم تتورَّع حتَّى عن قتل المصلِّين في المساجد، بل وصل عدوانهم وإجرامهم إلى حرم مسجد المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم في أشدِّ الأوقات والبقاع حرمةً، وهذا الصَّنيع الأشدُّ شناعةً لا يمكن أن يتصوَّر عاقل أبدًا أنَّ هذا من الإسلام في شيء، بل هو فكرٌ إجراميٌّ امتهنَ الجريمةَ والفضائعَ، وارتكبَ البشاعاتِ والحماقاتِ، وهو يسير في طريق الإفساد في الأرض، وإزهاق الأرواح ظلمًا وعدوانًا.