صلاة الجمعة فرضُ عينٍ على كلِّ مسلم، ولها من الأجر والثواب الشيءُ الكثير، كما أخبر بذلك الحقُّ سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ)، وكما قال الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: «مَن غسلَ يومَ الجمعةِ واغتسلَ، ثمَّ بكَّرَ وابتكرَ، ومشَى ولمْ يركبْ، ودنَا مِن الإمامِ واستمعَ وأنصتَ، ولمْ يلغِ، كانَ لهُ بكلِّ خطوةٍ يخطُوهَا مِن بيتِهِ للمسجدِ عملُ سنةٍ أجر صيامِهَا وقيامِها». وقد فُرضت الجمعة لتذكير المؤمنين، وتنبيه الغافلين الذين قد تصرفهم أمور الحياة عن واجباتهم الدينيَّة، وما أكثرها هذه الأيام، ولذا نبَّه الشارع العظيم لأهميَّة صلاة الجمعة، والسعي إليها باكرًا، والاستماع إلى خطبتها، والإنصات التام لما يقوله خطيبها، والعمل به، حتَّى يحصل المؤمن على الأجور العظيمة من غفران للذنوب، وتحصيل للحسنات، ومحو للسيئات. ومن هدي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- قصر الخُطب الجمعيَّة، والتركيز على موضوع أساس فيها يستفيد منه المسلم في حياته اليوميَّة والمعيشيَّة طوال أسبوع كامل، مليء بالأحداث والتجاوزات، وربما اقتراف للذنوب، وإهمال للواجبات التي أمر بها الشارع العظيم، وهي تذكير للمؤمن وتنشيط لذاكرته بالنصح والتوجيه بتقوى الله، والحرص على العمل الصالح، وتنفيذ الأوامر، واجتناب النواهي حتَّى تستقيم أمور دينه ودنياه كما يحب ربنا ويرضى. المطلوب من أئمة مساجدنا الكرام هو التوجيه بالنصح والإرشاد في قضايا الساعة الملحَّة، والتي تتطلَّب التنبيه إليها، وتذكير الناس بها مثل: قضايا الإرهاب، والفكر الضال، والإساءة للوطن، والتشكيك في العلماء، وتكفير المسلمين الموحِّدين، والعمل على القتل والترويع، وإزهاق الأنفس البريئة في بيوت الله، وفي الحرمين الشريفين، من أجل تحقيق أمنيات زائفة، ووعود خادعة، واتباع لأصحاب الأهواء الضَّالة المريضة الحاقدة الحاسدة لأمة الإسلام والمسلمين، والقيام بأفعال يبغضها الله ورسوله. نريد أن تكون خطبة الجمعة قصيرة، مختصرة، مؤثرة، ومعبِّرة تحث الناس على العمل الصالح والبعد كل البعد عن الشرك بالله، والإضرار بالناس، وعن الأعمال المشينة التي تُعطِّل مصالح المسلمين في مختلف مناحي الحياة، بحيث يكون أثر الخطبة إيجابيًّا حتى يستمر مفعولها طوال الأسبوع، وربما لعدة شهور، ليتحقق الهدف المنشود من إلقائها، والعمل بها على مر الشهور والدهور.