لا شك أنَّنا في زمن التكنولوجيا، وسرعة التطوُّر، وكثرة وسائل التعلُّم، بدءًا من الراديو، والتلفاز وقنواته الفضائيَّة، والإنترنت، وإلى ما لا نهاية من التقدُّم السريع.. وبالرغم من وجود المدارس، والجامعات، والدورات، وتوسع خبرات الإنسان وتجاربه، إلاَّ أنَّه يبقى الكتاب، وتبقى القراءة هي الوسيلة الأعظم، والتي أمرنا الله بها في قوله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ). هديَّة وهداية من الرحمن في هذا الأمر، والتوجيه المنير بأنَّه مهما طال الزمان، وتطوَّر العالم، فلابدَّ من العودة إلى القراءة.. أدلة وبراهين صريحة بين أول آية في القرآن الكريم (اقرأ)، وأول ما خلقه الله -عزَّ وجلَّ- (القلم) بأنَّ هاتين المعجزتين من أولويات الإنسان في حياته الدُّنيا. في ظل المحن والأزمات، القتل والصراعات، حروب وقتلى، وقنوات إخبارية تنقل الألم والمجازر والدماء التي أرهقت قلوبنا بالحزن، وأعيننا بالدموع، ووسائل تواصل اجتماعي مليئة بالإسفاف والشتم والقذف، لن تخرج منها بفائدة لعقلك، ولا حتَّى تطوير ذاتك، وأوقات فراغ طويلة ستسأل عنها.. في هذا الضياع تحتاج من يمد يده لك ليخرجك من غرق محتوم، تحتاج صديقًا صدوقًا يهتمُّ بك، يحبُّك بلا مقابل، ينمِّي خبراتك، يعزِّز ثقافتك، يساعدك في تجاوز أزماتك، ينسيك العالم الجريح، ويطبب قلبك المكلوم.. تحتاج مَن لا يخذلك، ولا يضع مِلحًا على جروحك، ولا يهجرك، ولا يكشف سرَّك، أو يخونك في زمن الطعن في الظهر.. هذا ليس من المستحيلات، بل هو أقرب لك من كل شيء! ستجد كلَّ هذا والمزيد في قراءة الكتاب.. احتفظ به معك بين حنايا روحك، اصطحبه معك واهتم به.. فحينما تصطحبه صديقًا لك، ستصبح متقنًا لمهارة الصمت، وحُسن الاستماع، وحُسن الخلق.. قال المصطفى صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: (عليكَ بحُسنِ الخُلُقِ، وطُولِ الصَّمتِ، فَوَالذِي نفسُ محمدٍ بيدِهِ، مَا عَمِلَ الخَلائِقُ بمثلِهمَا)، ولا تنسَ صداقة المصحف الشريف لتحظى بالغنى، والثراء الحقيقي.