صاحبي غافل وله من اسمه نصيب فهو في غفلة ولا أقول كما يشاع عن غفلة الصالحين، لا فالمؤمن كيس فطن وليس مغفلا ولكنه قد يخدع في الله ومن خدعنا في الله انخدعنا له أو كما ورد,. قال غافل: ما رأيك في العولمة؟ قلت: العولِمة سألت هي عن نفسها من قبلك. قال: كيف؟ قلت : أليست تنطق هكذا العولِمة ! قال: بلى,. قلت : أليست مصطلحا أجنبيا أعجميا؟ قال : بلى,. قلت : وعلماء العربية حين تأتيهم لفظة أعجمية ليس لها ضابط قالوا: العب بها فإنها أعجمية أي اضبطها على قواعدك, فمن هذه القاعدة أقول: العولِمة بكسر اللام في (لمه) فتتحول إلى استفهام، فكأن السائل يقول :العواءلمة أي لماذا؟ فاختصرت لخفة الاستعمال فصارت العولمة . قال: جزاك الله خيرا على هذا التخريج الجديد. قلت: وكذلك لا خوف على المؤمنين من هذا العواء لأنه قديم جديد ففي كل يوم يأتي بشكل وفي لون يختلف عما قبل والمؤمن كيس فطن. قال غافل: أوضح لي؟ قلت: المرء بلا حياء لا يساوي شيئا ، ألم يقل المصطفى صلى الله عليه وسلم: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت، ولله در القائل: إذا قل ماء الوجه قل حياؤه ولا خير في وجه إذا قل ماؤه إذا خلع المرء الحياء احتقره الناس وازدروه وحكموا عليه بالنقص واطلقوا عليه شتى الألقاب المنفرة منها الخليع والمتفسخ. ألم يقل الله تبارك وتعالى:ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى . فهؤلاء الذين باعو أنفسهم للشيطان والهوى من اتباع الديانتين المنسوختين حتى صاروا علمانيين والعولمة من العلمنة ومن إفرازاتها، فهي تدعو إلى حياة بهيمية فلا حرام ولا عيب ولا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر، أما المسلمون المتمسكون بدينهم فلا سبيل لشيطان الجن والإنس إليهم إذا اعتصموا بحبل الله جميعا. قال غافل: زدني؟ قلت: أليس الله تبارك وتعالى ذكر في القرآن الكريم طرق إغواء إبليس بني آدم, أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم مؤمنين . قال العلامة المفسر رحمه الله هذه هي جهات الغواية التي يأتي منها إبليس، من بين أيديهم أو من أمامهم وهذه هي الجهة الاولى، ومن خلفهم أي من ورائهم الجهة الثانية، وعن أيمانهم أي من اليمين وهذه الجهة الثالثة. وعن شمائلهم الجهة الرابعة، وكلنا يعلم ان الجهات ست وليست أربعا، فما هما الجهتان اللتان لا يأتي منها الشيطان؟ هما فوق وتحت، هرب إبليس من هاتين الجهتين بالذات، ولم يقل سيأتي لهم من فوقهم او من تحتهم، لأنه يعلم أن الجهة العليا تمثل الفوقية الإلهية، وان الجهة السفلى تمثل العبودية البشرية حينما يسجد الإنسان لله، لذلك ابتعد إبليس عن هاتين الجهتين تماما. ومن العجب انك إذا نظرت إلى أبواق الإلحاد في كل عصر تجدها تأتي من الجهات التي يأتي منها الشيطان، يقولون: تقدمي إلى جهة الأمام، ورجعي جهة الخلف، ويميني جهة اليمين، ويساري جهة اليسار،نقول لهم: نحن لسنا في أي جهة من هذه الجهات، لا تقدميين ندعو إلى التحلل والفجور، ولا رجعيين نقول: هذا ما وجدنا عليه آباءنا، ولا يساريين نترك الدين ونناصر الكفر, ولا يمينيين نؤمن بالرأس مالية واستغلال الإنسان ولكننا أمة محمدية فوقية كل أمورنا من الله وما دامت أمورنا من الله سبحانه وتعالى، فنحن لا نخضع لمساو لنا، ولكننا نخضع لله العلي القدير، وما دُمتَ تخضع لأعلى منك فلا ذلة أبدا بل عزة ورفعة، مصداقاً لقوله تبارك وتعالى: يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون انتهى كلامه رحمه الله. ونحن ولله الحمد مجتمع مسلم ليس منا ولا فينا من لا يستحي لأن الحياء شعبة من شعب الإيمان والحياء لا يأتي إلا بخير فليس في مجتمعنا من يرضى الفساد لأمه ولا لأخته ولا لزوجته ولا لابنته والذي لا يرضاه لأهله فالناس كذلك لا يرضونه منه على أهلهم فيضع نفسه مكانهم،ودعاة الإباحية في بلادهم الآن من هم في قمة العفة والفضيلة والتمسك بالدين الإسلامي من رجال ونساء في أميركا وفي أوروبا وفي روسيا، وتمسك النساء المسلمات بالحشمة والحجاب والوقار في فرنسا أمر لا يخفى على احد مع أنها بلاد الحرية كما يزعمون فهؤلاء المتمسكون بدينهم هناك لم تؤثر فيهم العولمة ولن تؤثر فيهم إن شاء الله لأنهم عبيد الله وعبادة الله هي قمة الحرية الحقيقية، وليسوا عبيد الشيطان والهوى والشهوات اما مجتمعنا فإنه من باب أولى ان يرفض هذه العولمة فهو مجتمع لم يستعمر، وتحكم فيه شريعة الله وان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يضرها و أو هى قرنه الوعل قال غافل: جزاك الله خيرا لقد صحوت من غفلتي. قلت: بل أزيدك إيضاحا هؤلاء الداعون إلى العولمة هم في حيرة وشك واضطراب فهم يهربون من واقعهم المخزي والمؤلم إلى تغييب عقولهم بالمخدرات وإلى الانتحار وما ذلك إلا لغياب الإيمان عنهم أما نحن فنفر إلى الله وبعدها نجد السكينة والطمأنينة، وهم يعرفون هذا ولكنهم يحسدوننا كالثعلب الذي قطع ذيله فدعى الثعالب ليقطعوا ذيولهم حتى لا يكون المشوه الوحيد. ولكن من كان مع الله كان الله معه، (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم). مدير إدارة الأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة الأحساء