لم يتضح لي، حتى اللحظة، الذي سرقني مني!!.. هل هي متطلبات الوظيفة؟ أو الالتزامات الأسرية؟ أو الواجبات الاجتماعية؟ أو تقلبات الظروف؟ أو تشتت الذهن؟ وربما عدم تدوين برنامج مرتب للحياة أو العيش أشبه بشارع رئيسي يفتح على عدة شوارع فرعية؟!.. هل تلك السرقة حدثت في وضح النهار، أو مع ا سوداد الليل؟ أو في منطقة بين زمنين؟ وإن كنت أجزم أن سرقة الإنسان منه تقع في كل زمان ومكان وبالتالي استحقت أن يطلق عليها (السرقة الزمكانية)!!. ***** يتسم المكان بجمال أسطوري خيالي أخاذ، إلا أنك لا تكاد تشعر بذلك أبداً؛ وذهنك قد تم السطو عليه من قبل متطلبات، أو التزامات، أو واجبات، أو تقلبات، وتشتت!!. رائحة قهوتك السوداء انتشرت ولم تستدل الطريق إلى أنفك. استفزت أنوف من بالمكان باستثناء أنفك!! كأنما الزكام قد حاصر حاسة الشم لديك. القهوة قبل تناولها، نتنفسها. القهوة عطر المكان. كولونيا الطبيعة. لكنك؛ وبسبب ذهنك المعبأ وجعاً لم تستدل الطريق إلى رائحة قهوتك وإن سكبتها في جوفك رشفة رشفه!! من سرقك منك سرقني مني قبلك حتى كدت أفقد نكهة الحياة فقدك لنكهة من تحب بعمق. في كل (كوفي شوب) أو (مطعم) تحضّر القهوة السوداء باستمرار، وتغيب القهوة التركية كثيراً؛ غياب ذهننا الصافي عنّا أمام طاولة الحياة المستديرة عملاً أو المستطيلة دوراناً!!.. حقنا الشرعي في حياة صافية، أنيقة، مغتسلة، متوضئة، طاهرة قلما يصرف لنا كاملاً!! فنقبل بما تم صرفه أملاً في المتبقي. يمضي بنا قطار الحياة دون أن ينسى الوقوف أمام كل محطة نزول وصعود، بحيث ينزل من رتب للنزول ويصعد من تأهب للصعود، إلا نحن فقدنا القدرة على الحركة!! وما تبقى من حقنا الشرعي فيها لم يؤمر بصرفه بعد من قِبَل مأمور صرف غابت عنّا هويته. السرقات أنواع متعددة: أدبية، علمية، فكرية، فنية، مالية، وعينية.. والسرقة جريمة فادحة تُعاقِب عليها القوانين الدولية. فأي عقاب يحتمل أن يفرض على السرقات الزمكانية وهي غير مشهودة، أو ملموسة، أو مدركة بالحواس!!. جزء من الزمن لنا فما عدد سنوات ذلك الجزء؟ أو كم نسبته قياساً بعدد سنواتنا التي غادرت، وسنواتنا التي تنوي القدوم؟ ثم كم نسبة المستفاد منها روحياً متحررين من سطوة المتطلبات ومتجردين من صحبة من فرضت علينا صحبته؟! سُرِقَ زماني سرقة مكاني.. وما عاد الزمان زماني.. ولا المكان مكاني.. فإذا جئت كي أبحث عني فيّ لم أجدني فيّ أو في أحدٍ آخر.. تساءلت: أين أنا؟ أين أجدني؟ من ال7 أيام لنا يومان!! وفي الواقع هي ليست لنا، هي ليست لي؛ لأني لست لي في زماني هذا والمكان. مهم أن أنتسب لنفسي، لروحي، لذهني لفكري، لخصوصيتي انتساباً لا يحسب بالساعات وحدها وتغيّب الروح أو يتم اختلاس الحرية مني!! كما وأن تلك الساعات لا تقيّد بمكان أو تحصر وتحجر فيه ثم ينتظر مني أن أقول: هاؤم أقرؤوا شعري أو نثري والسرد (بلا تردد). P.O.Box: 10919 - Dammam 31443 [email protected]