ولاعطاء القارئ والباحث فكرة أكثر وضوحاً عن مضمون المخطوطة فإننا نورد فيما يلي خطبة مؤلف الكتاب ليحدثنا عن طبيعة مؤلفه ومحتوياته: الحمد لله الكافي بالاسلام فقد ما سواه، الذي حكم على نفسه بأن لا ينقطع المزيد منه حتى ينقطع الشكر من عبده وينساه، الهادي (1) إلى سبيله من أحبه واجتباه، المبعد عن بابه من استحوذ عليه الشيطان فأنساه ذكر الله، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لاشريك له، لا إله غيره ولا رب سواه, وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً (2) عبده ورسوله وصفيه وخليله الذي أسس قواعد الدين الحنيف وأحكم بنيانه وأعلاه، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الذين قاموا بدعوته وتمسكوا بسنته وجاهدوا تحت رايته واعتصموا بحبل الله، وسلم تسليما. أما بعد فإني وثقت بعون الله وتسديده على اخراج هذا التاريخ المجيد حين أُغفِلَ تاريخ المتأخرين ردحاً من الزمن مستفتحاً بقول الصحابي الجليل شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كعب بن مالك الانصاري رضي الله عنه حيث يقول: بَلّغ قريشاً وخير القولِ أصدقه والصدق عند ذوي الألباب معقولُ وإني لم أضع في كتابي هذا إلا ما شاهدته بعيني أو نقلته من رجال ثقات أعتمد على صدقهم وحفظهم لما يشاهدونه او يرونه، ويحق لي ان أستشهد بقول النابغة الذبياني: لعمرِي لقد لاقيت ما لم تلاقيا وسَيّرتُ في الاحياء ما لم تسيِّرا فإني أمضيت نيفاً وثلاثين سنة وأنا أتجول بين البوادي ما بين حرب وشمر ومطير وعتيبة وقحطان وسبيع والبقوم والشلاوا والدواسر وهتيم, وكلهم عرفت أسماءهم (3) وأسماء زعمائهم وأسماء عوائدهم, أما القبائل الذي سردنا أسماءهم أعلاه ويتبعهم العجمان والمرّه وبني (4) خالد وقبيلة بني هاجر، وهم يسكنون الاحساء وما حوله وهم من قبيلة قحطان, فهم في هذه الفترة الذي كان حكام الحضر مشغولين عنهم إما بضعف سلطان أو بحروبات داخلية تشغلهم عن بث الأمن في رعاياهم فمدة (5) ذلك الوقت الطويل فهم مطلقين (6) على بعضهم ليس بينهم حاجز يردعهم ولا وازع يقهرهم، فكل من رأى نفسه في قوة أغار على القبيلة الثانية ونهب أموالهم وقتل رجالهم بقدر ما تمكنه القوى من ذلك. حيث انهم لا يرون به بأس، ويسمون ذلك (وضح النَقى) (7) إذا لم يداخله غدر أو خيانة, انتهى الكلام السابق. ثم اننا نرجع إلى ما ذكرنا أعلاه بتسميتنا كتابنا هذا النجم اللامع للنوادر جامع فإنه لم يرتكز على أشعار عربية حيث ان اشعاره وشواهده ووقائعه كلها تتمشى مع لغة المتأخرين الذين لا يعرفون الشعر العربي ولا يقرؤونه، ومع أن أشعارهم النبطية بقافية ووزن حروف لا تقبل الانكسار. وقد رتبت هذا الكتاب على عدة فصول وجعلت لكل قبيلة فصل ولكل حاكم فصل متسلسل بما يتبعه من العوائل والله المسؤول أن يسدد خطانا وأن يمدنا منه بمعونة تصيب الهدف المقصود, واني أناشد القارىء ان يغض (8) الطرف عن الانتقاد فكل عبد مذنب لا يخلو من الخلل ومن الزلل فإني لم آت (9) بشيء من عندي ولم أذخر (10) شيئاً من جهدي بكل ما,,, (11) عمن سبقني بالفضل وبالسن, فمن رأى قصة نادرة فليستفيد (12) منها بقدر قريحته ومن رأى اعوجاجاً فليقومه بفهمه فقد يكون (13) بالمفضول ما لم يكن بالفاضل، والحق ضالة المؤمن، والله المستعان. أقول: وللاسف الشديد انني لا استطيع ان احدد مكان النسخة الأصلية، لأنها حتى اعداد هذا الكتاب ليست متاحة للقراء في المكتبات الرئيسية التي اتصلت بها، أما صورها فهي منتشرة عند بعض من المهتمين والمؤرخين، ومنهم د, عبدالله بن صالح العثيمين، والشيخ عبدالله العبدالرحمن البسام وغيرهم. ومما يجب التنويه به اننا هنا سوف نقتصر على ما يخص الملك عبدالعزيز في هذه المخطوطة. والمخطوطة مكتوبة بخط متوسط، ولا يخلو من الأخطاء الاملائية واللغوية، كما سنوضح اثناء استعراض نصوص المؤلف (انظر الصورة المرفقة). ومع ان أسلوب المخطوطة وشكلها ومقدماتها توحي بأنها بخط المؤلف، إلا ان هناك بعض الملاحظات التي تثير الشك حول امكانية ان تكون المخطوطة بخط شخص آخر، حيث يلاحظ من كتابة بعض الالفاظ والأسماء انها كتبت بطريقة توحي بأن الكاتب يجهل تلك الاسماء وكأنها أمليت عليه املاء أو نقلها عن اشرطة مسجلة، ومن ذلك مثلا: 1 جهجاه : كتبت جحجاح، وجهجاه بن حُمَيد اسم عَلم من الأعلام المشهورة الذين أدركهم العُبَيّد وعرفهم معرفة تامة، ولا يمكن أن يخطئ في نطقه وكتابته بهذه الطريقة، (ص197 من المخطوطة). 2 أورد كلمة : يقرؤكم، بدلا من يَقرعكم، وكلمة: يقرعكم لفظة دارجة في عصر العبيّد ومعناها: يمنعكم، وأستبعد أن يخطىء العبيد في رسم هذه الكلمة بهذا الشكل (ص230 من المخطوطة). 3 أورد كلمة: كعهدة، وهو يريد كلمة كعادة (ص232 من المخطوطة). 4 أورد كلمة: جويمل، وهو يقصد زويمل، وهو علم مشهور من رجال ابن رشد (ص130 من المخطوطة). 5 أورد كلمة: ابن مُصَيّص، بدلا من ابن بُصَيّص، وهو علم مشهور من شيوخ قبيلة مطير (ص139 من المخطوطة). 6 أورد : فبدع، بدلا من كلمة فبدأ (ص110 من المخطوطة). 7 أورد : فكسبه، بدلا من: فكشفه (140 من المخطوطة). 8 أورد : خطلت، بدلا من خطرت، وهو يتكلم عن أبيات شعرية خطرت على بال صاحب القصة (143 من المخطوطة). 9 أورد شرَّع، بدلا من شرّه (ص144 من المخطوطة). ومع هذا التحفظ غير الجازم، فإن هناك بعض الاشارات التي تفيد ان العبيّد كتب مذكراته بيده، ومن ذلك مثلا: 1 الاشارة إلى انه بدأ في تأليف كتابه سنة 1376ه (ص106). 2 ان مقدمة الكتاب تدل بشكل واضح على انه كُتِب بخط مؤلفه. 3 يستفاد من بعض اشارات المؤلف انه بدأ في كتابة هذه المذكرات التاريخية في وقت مبكر جداً (14) . 4 أشار في موضع آخر إلى انه كتب تاريخه أثناء ولاية الملك فيصل على مكةالمكرمة (ص232). 5 ذكر في موضع آخر ما نصه: (,,, ولو أردنا الاطالة لتسطير ما يجرونه من عوايد ونزعات لملينا (15) الاسفار الضخام ولم تنفد ما عندنا من معلوماتهم: وسعيد الله كُلا منهموا (16) وسيجزي فاعلا ما قد فعل وإني لأعلَمُ (17) أن عمري فاني وخطي باقي حتى يأذن الله له بالفناء (18) . تتخلف الآثار عن أصحابها حينا فيدركها الفناء فتتبع ولكني أتيقن بعد زمن غير بعيد أن يقرأها قوم ثم يقولون: هذه من قصص بني هلال ورواياتهم الخرافية!! فتنكرها عقولهم مع أني شاهدت أكثرها بعيني: وإنما تأخذ الأذهان منه على قدر القرائح والفهوم (للحديث صلة) (1) في الأصل: الهدى. (2) في الأصل: محمد، بدون نصب. (3) في الأصل: أسماؤهم. (4) هكذا في الأصل، والصحيح/ وبنو. (5) في الأصل: فمدت. (6) هكذا في الأصل: والصحيح: مطلقون. (7) وضح النقاء: هو الاغارة على الخصم بغير خيانة. (8) في الأصل: يغظ. (9) في الاصل: لم آتي. (10) المقصود: لم أدَّخِر. (11) كلمة غير واضحة. (12) في الأصل: فاليستفيدا. (13) في الأصل: يكن. (14) ذكر المؤلف وهو يتكلم عن متعب بن عبدالعزيز الرشيد الذي خلف والده سنة 1324ه ما نصه: (ومن حين ما قتِل أبوه عبدالعزيز ونحن لم نسمع انه ظهر من حايل غازياً، غير أنه مثابر على الاصلاح من داخليته) ص143 من المخطوطة. (15) أي : لملأنا. (16) هكذا في الأصل، ولعل صحة البيت: سيعيد الله كلا مِنهُمُ,, الخ. (17) في الأصل: لا أعلم. (18) في الأصل: بالفنى.