إشارة إلى ما كتبه الاستاذ عبدالله بن محمد آل عاصم في جريدة الجزيرة الأحد 13 من رجب 1425ه الموافق 29 من أغسطس 2004 العدد 11658 بعنوان (علوان المذحجي شيء من أخباره وتصحيح نسبته) تعقيبا على ما كتبته في جريدة الجزيرة الأحد 6 من رجب 1425ه الموافق 22 من أغسطس 2004 العدد 11651 بعنوان (إب اليمانية بلاد التاريخ والحضارة) . بداية نشكر الأخ عبدالله على استحسانه لهذه الرحلة ووصفه لها بأنها رحلة لمواطن الأجداد بلاد العرب اليمن السعيد، أما التعقيب الذي أورده في ما يخص علوان الجحدري المذحجي فنستعين بالله ونوضح الآتي: 1 - قوله أنه بعد أن استولى السلطان نور الدين الرسولي على بلاد علوان الجحدري سنة 642ه طرده إلى بلاد خولان الشامية ثم بعد ذلك نزح الجحادر إلى مواطنهم الأصلية وهي مواطن الحارث بن كعب من نجران إلى تثليث وأحال إلى المصدر ص 168 - 173 من العقود اللؤلؤية للخزرجي. وردّنا عليه فيما يخص هذه الفقرة: أولا: أخلّ الأخ عبدالله في التسلسل التاريخي للأحداث وأحال إلى مصدر لا يخص ما أشار إليه. أما الصحيح فإن علوان الجحدري عاصر اثنين من سلاطين بني رسول الأول وهو مؤسس دولة بني رسول الملك المنصور نور الدين عمر بن علي بن رسول والثاني ابنه الملك المظفر يوسف بن عمر. أما أخبار علوان المذحجي مع نور الدين عمر بن علي بن رسول حسب الآتي: في سنة 626ه خرج نور الدين إلى تعز وحاصر حصن تعز حتى أتعب من كان فيه ثم صالحهم ونزل إليه علوان الجحدري من بلاده منجداً له فنهب المغربة نهباً متناهياً ورجع إلى بلاده (1) . في سنة 630ه تسلم نور الدين بلاد علوان الجحدري وحصونه (2) . في سنة 634ه طلع نور الدين إلى بلاد علوان الجحدري فحط على حصونه فنزل إليه الأمير تاج الدين محمد بن يحيى بن حمزة بعسكر عظيم على سبيل النجدة وتولى القتال بنفسه والحصار على العرائس (3) . في سنة 642ه استولى نور الدين على بلاد الجحدري وطرده إلى بلاد خولان الشامية (4). وقد ذكر الخزرجي في تاريخه بقوله لم يزل السلطان نور الدين يتلطف به ويبذل فيه الرغائب حتى أتي به اسيراً فحبسه في حصن حب فلما صار في السجن اكثر التضرع إلى الله تعالى والدعاء بالخلاص حتى اطلقه الله وأعاد إليه حصونه (5) وقد ذكر الجندي نفس الخبر (6) . في سنة 647ه قتل نور الدين على يد جماعة من مماليكه، وقيل إن الذي شجعهم على قتله ابن أخيه أسد الدين (7) وفي السمط الغالي ان علوان الجحدري أظهر الخلاف وتقوم في البلاد فبرز السلطان نور الدين لقتاله فلما صاروا في الجند تمت القضية عليه بها واستشهد (8). أما أخبار علوان الجحدري مع الملك المظفر يوسف بن عمر حسب الآتي: حاول بعض أعوان شمس الدين ابن رسول أن يعمل شعرا يستميل فيه رؤساء قبائل اليمن من همدان وتميم ومذحج ومن ضمهم علوان للحرب ضد ابن عمه الملك المظفر من ضمنها هذه الأبيات: وبمذحج وأنا الزعيم بجمعها عصبا ترى منها العديد الاكثر يأتيك علوان سنان قناتها كالسيف ما يمت مضربه فرا فبلغت هذه القصيدة إلى الملك المظفر فبعث بجوابها، نختار منها ما يخص علوان: ووصفت همدان وعلوان الذي أضحى طريدا في البلاد معذراً أتحثهم يأتوا زبيدا ودونها أسد الشرى ينضوا السيوف البترا (9) وفي سنة 651ه قصد الأمير اسد الدين ابن رسول ومعه الأمير علي بن وهاس بلاد علوان الجحدري واستجار به من ملاحقة ابن عمه الملك المظفر، على ما بين الأمير أسد الدين والشيخ علوان في أيام الدول المنصورية من العداوة والبغضاء، فلقيه علوان بالرحب والسعة وأنزلهم العروسين، وحمل إليهم الضيافات وأجارهم، فقصدهم السلطان وحط في بلاد الشيخ علوان وخرب منها مواضع كثيرة واحرق مواضع أخرى، فكتب له علوان قصيدة قال فيها: يا مليكا طالت به قبة الملك التي كان شادها المنصور لم يكن من جزاء أخمد الحرب فلم تبق قدر حرب تفور أن يثار الدخان في ما حواليه صباحا وكل عين تشير ولم يزل الشيخ علوان يلاطف السلطان ويراجعه ويسأله الذمة للأمير أسد الدين حتى أذم له على يده، فقال الشيخ علوان في ذلك قصيدة طويلة عدد أبياتها اثنان وعشرون بيتا، وكان من فصحاء العرب، منها قوله: سلام على الدار التي في عراصها معاهد قوم لا يذم لهم عهد اناخوا علينا نازلين وفيهم طوال القنا والمشرفية والجرد ومنها: أكارم كانوا لي عدوا فاصبحوا ينادون يا علوان هل ذهب الحقد وآخر القصيدة: فحسبي اني الحر ممن آل يعرب واني لمن آوى إلى كنفي عبد (10) . وبعد ذلك لم يكن بين الملك المظفر يوسف وعلوان الجحدري أي حروب وبقي علوان على حصونه وبلاده حتى توفى عام 660ه وقد وصفه الخزرجي بأنه كان قيلا من أقيال اليمن، وكان كريما شجاعا مقدما، ملك ناحية عظيمة من شرق اليمن وهي حجر ونواحيها، وتغلب على حصون كثيرة منها العروسين ووعل والتويره ونعمان شرق الجند (11) وفي سنة 660ه تسلم السلطان المظفر يوسف بن عمر الرسولي حصون علوان الجحدر وهي العرائس بعد ست سنوات من وفاة علوان (12) . ممّا سبق يتضح أن علوان بعد طرده إلى بلاد خولان الشامية سنة 642ه رجع إلى حصونه مرة اخرى وكان بينه وبين بني رسول شد وجذب حتى استقر له الامر ولم يظفروا منه بطائل، وبقي ذكر للجحادر الذين منهم علوان إلى نهاية القرن الثامن الهجري، حيث ورد في أخبار سنة 794ه وصول شيخ الجحادر في جمع كثيف من قرابته وأهله إلى باب السلطان باذلاً من نفسه الطاعة، فقابله السلطان بالقبول وكساه واكرمه (13)، وهذا السلطان هو الملك الاشرف إسماعيل بن عباس بن علي بن داود بن يوسف بن عمر بن علي بن رسول. أما بالنسبة إلى قول الأستاذ عبدالله انهم نزحوا إلى مواطنهم القديمة وهي مواطن الحارث بن كعب من نجران إلى تثليث، فهذا استنتاج من عنده على أساس تطابق في الاسم ما بن الجحادر البطن المعروف في قحطان، والجحادر الذين منهم علوان، وقد ذكر الأخ عبدالله انه سوف يصدر له كتاب عن مذحج وقحطان نرجو له التوفيق، ولكن يجب أن يكتب بتثبت وان يوثق ما يكتب بالمصادر التي يمكن الرجوع إليها. 2 - ما ذكره الاخ عبدالله وقوله أني نسبت الشيخ علوان الجحدري إلى دارم المذحجي، وقوله أن هذا ليس بصحيح، وان هذا تحريف متعمد وأين ديار دارم من ديار الشيخ علوان، وقوله من العجب أن تنسب الربيعي إلى ربيعة جنب. وردي على ذلك حسب الآتي: 1 - ليس من طبعي التحريف في ما انقله من أخبار، وإنما تكلمت عن مدن يمنية زرتها وأشرت إلى بعض الأحداث القديمة التي وقعت فيها، ومن ذلك خبر مدينة المذيخرة. 2 - النص الذي نقلت منه الخبر فهو كتاب سيرة الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين الرسي، وراوي السيرة هو علي بن محمد بن عبدالله العلوي ابن عم الهادي وصاحبه، ونص الخبر هو قوله: (وخرج ابن فضل من المذيخرة يوم الخميس لست من هذه السنة (14) حتى صار إلى جيشان (15) وهو يظهر انه يريد حرب مذحج ثم سار إلى السرو (16) ونزل في قلعة صناع (17) وبها كان مقامه اول مرة وحاربه رزام (18) المذحجي ومن أجابه من مذحج، ثم جرت بينهم هدنة على أنه لا يطأ لهم بلداً) (19) . 3 - لم اتحدث عن دارم المذحجي الذي ذكره الأخ عبدالله ولا عن دياره. 4 - رجحت أن رزام الذي ورد خبره مع علي بن فضيل هو جد علوان الجحدري، وقد يكون هذا وقد لا يكون، الله أعلم. 5 - ذكر المقحفي عندما ترجم لعلوان في معجمه انه الجحدري الربيعي المذحجي ولم يذكر مصدره. وحيث إن ذكر الهمداني في صفة الجزيرة العرب بني ربيعة من جنب وديارهم رداع رجحت أن علوان منهم، وقد أكون على خطأ، والموضع لا يحتمل التعجب من قِبل الأخ عبدالله. 5 - نسب الاخ عبدالله علوان إلى الحارث بن كعب بدون أن يورد الدليل على ذلك مع أن ما ورد من أخباره لا يوحي بذلك. 6 - أما العروسين وهي مقر علوان فقد ذكر المقحفي انهما حصنان شامخان في جبل العود من أعمال مديرية النادرة بالشرق الشمالي من إب يقعان بالقرب من قرية حضار وهما اليوم خرائب وأطلال (20) أما قرية حضار فقال عنها المقحفي قرية في بني سيف العالي من مديرية القفر في بلاد يريم يقع في أعلاها حصن العروسين (21) وقال عن حجر بلدة في مركز الأبروه من مديرية السيرة وأعمال محافظة إب، يفهم من هذا أن هذه المناطق تقع في محافظة إب، هذا ما لزم توضيحه. للتواصل مع الكاتب الرياض ص ب 86377 رمز 11622 (1) كتاب السمط الغالي الثمين للأمير بدر الدين محمد بن حاتم اليامي الهمداني ص 202. (2) المصدر السابق ص 205. (3) المصدر السابق ص 214. (4) العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية للخزرجي م 1 - ص 73 (5) المصدر السابق 1 ص 139 (6) السلوك في طبقات العلماء والملوك م 2 ص 194 - 195 (7) المصدر السابق م 1 ص 82 (8) كتاب السمط الغالي الثمن ص 234 (9) المصدر السابق ص 263 - 264 (10) كتاب السمط لابن حاتم ص 288 والعقود اللؤلؤية للخزرجي م 1 ص 104 - 106 (11) العقود اللؤلؤية م 1 ص 138 (12) المصدر السابق م 1 ص 186 (13) المصدر السابق م 2 ص 230 (14) السنة هي 300ه حيث وقعت هذا الأحداث بين خبرين كلاهما سنة 300ه. (15) جيشان مدينة قديمة في اسفل العود وبينه وبين بلاد قعطبه شمالا بنحو 15 كيلا وعددها ضمن قرى الاعشور والاعشور مركز اداري من مديرية قعطبه واعمال الضالع وبلدة جيشان من المدن التاريخية فيها واليها ينسب مخلاف جيشان، كما أنها محل مولد ونشأة علي بن فضل الخنفري مؤسس الحركة القرمطية في اليمن المقحفي م 1 - ص 85 - 379 (16) السرو مكانان الأول سرو حمير وهو بلد يافع وما جاورها من الاجعود، والثاني سرو مذحج ويعنون به المنطقة الواقعة في جنوب وشرق البيضاء أي جبال لؤدر وموديه وثره في أبين، ويتضح أن السروين متجاوران، كما أن سرو مذحج كان موطنا للحميريين من ذي رعين وتوطنته مذحج المقحفي م 1 ص 786 وكتب إلى جانب كلمة السرو في اصل المخطوطة (بلاد يافع) . (17) في صفة جزيرة العرب للهمداني ص 181 - 184 ذكر ان صناع وادٍ به بنو صريم من أود، وهناك اخلاط من بني منبه، ثم ذكر ان صناع والقمر جبلان بالسرو، ويقصد سرو مذحج بالسرو، ثم ذكر ان حصن القمر اكثره للدعام بن رزام الدهيلي سيد أود، ثم ذكر ان الدهاميل هم أشراف بني أود وسادتهم، وهم من ربيعة بن اود، ثم ذكر أن الحباب من اود، ثم ذكر أن به حصنا يسمى صناع وبه بنو صريم من أود، وقد انتسبوا في بلحارث بن كعب، وهناك اخلاط من بني منبه، من هذا نفهم ان صناع منطقة فيها وادٍ وجبل وقلعة ويطلق على الجميع صناع، وان القلعة استمد اسمها من الجبل المقامة عليه، ثم ذكر دثينة لبني كتيف وهم اشرف بنو مسلية وهم رهط رزام بن محمد. (18) افاد علامة اليمن محمد بن علي الاكوع الحوالي أن رزام المذحجي الذي تحارب مع علي بن فضل القرمطي هو رزام بن محمد من الكتيف من آل مسلية بن عامر بن جلد بن مالك وهو مذحج انظر صفة جزيرة العرب وتعليق الاكوع في الهامش ص 184 (19) سيرة الهادي إلى الحق رواية علي بن محمد بن عبدالله بن العباس ابن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ص 402 وهذا المصدر مؤلفه معاصر للأحداث التي يذكرها وقد قتل هذا الرجل في نجران وهو يحارب مع ابن عمه الهادي، اما محقق هذا الكتاب فهو الدكتور سهيل زكار، وهو مدرس التاريخ الإسلامي في جامعة دمشق، والدكتور سهيل مشهور بتحقيق المخطوطات ومنها مخطوطة هذا الكتاب التي حققت على اكثر من نسخة كما اشار في مقدمة الكتاب، وقد حقق كتبا تراثية كثيرة منها انساب الأشراف للإمام البلاذري المتوفى سنة 279ه، وكذلك كتاب بغية الطلب في تاريخ حلب لابن جرادة العقيلي العامري، وكتاب زبدة الحلب من تاريخ حلب لابن جرادة، وله كتاب أخبار القرامطة، وقدم لكتاب جمهرة النسب لابن الكلبي الذي حققه الاستاذ محمد فردوس العظم، اما كتاب غاية الاماني في اخبار القطر اليماني فصاحب الكتاب هو يحيى بن الحسين بن قاسم من أهل القرن الحادي عشر الهجري الذي جمع عددا من مؤلفات من سبقه في كتاب واحد، وعادة يصاحب النقل خطأ في الأسماء، وبتصوري أن دارم الذي ورد في الأماني هو تصحيف لكلمة رزام، خطأ قد يكون من المؤلف أو من محقق الكتاب. (20) معجم المقحفي م 2 ص 1055