ولي العهد للرئيس الأمريكي: توسيع استثمارات السعودية مع الولايات المتحدة ب 600 مليار دولار    اتحاد بنزيما «شباب وعميد»    الفراغ العاطفي    «ميناء القصيم الجاف» نقلة لوجستية إستراتيجية    إغراق سفينة حملت رؤساء أمريكا عمداً.. لهذا السبب!    حرائق أمريكا.. هل من مُدَّكِر؟!    السعودية تستعرض ثمار رؤيتها 2030    مجلس أكاديمية الإعلام يناقش الأهداف الإستراتيجية    وزير الخارجية يبحث المستجدات الإقليمية والدولية    الفيصلي يستقبل الجبلين.. وجدة ضيفًا على الجندل    تنبيه من الدفاع المدني: أمطار رعدية حتى الاثنين المقبل    الزميل رابع سليمان يجري عملية جراحية    "بن مريخان" يحتفي بزواج حبيب    مهرجان الخرج للتمور    أمير الشرقية يستقبل الفائزين من "ثقافة وفنون" الدمام    مدير الأمن العام يستقبل نظيره الجزائري    1000 معتمر وزائر من 66 دولة هذا العام.. ضيوف» برنامج خادم الحرمين» يتوافدون إلى المدينة المنورة    رئاسة الحرمين تفعّل مبادرة «توعية قاصدينا شرف لمنسوبينا»    السعودية تدين وتستنكر الهجوم الذي شنته قوات الاحتلال الإسرائيلية على مدينة جنين في الضفة الغربية المحتلة    النفط يواصل خسائره مع إعلان حالة الطوارئ الوطنية للطاقة الأميريكية    البازعي ل«عكاظ»: الجيل الحالي نشأ في فضاء أكثر انفتاحاً ووعياً بأهمية الحوار    حائل تطلق برنامج «المراقبين المدربين»    أمانة الشرقية تنجز مشروعات تطوير الطرق    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي ينهي معاناة مراجع مع مضاعفات عملية تحويل المسار بجراحة تصحيحية نادرة ومعقدة    3587 عملية قلب مفتوح وقسطرة في صحي جازان    مستشفى الرين يحقق قفزة نوعية في «2024»    هندسة الحروب بين الشعوب!    في نجاح الأعمال ليس للصمت مكان    ماذا بعد ال"تيك-توك" ؟    وزير العدل يلتقي السفير الصيني    مختل «يذبح» جاره في مصر.. مصدر أمني ل«عكاظ»: القاتل يهذي بكلمات غير مفهومة    أمير الرياض يطّلع على جهود مركز ذوي الإعاقة بالحمراء    بين الإعلام والتقنية.. حروب بلا أسلحة    وصية المؤسس لولي عهده    القيادة تعزي الرئيس التركي في ضحايا حريق منتجع بولو    سليمان المنديل.. أخ عزيز فقدناه    شهقة ممصولة    تسويق الأندية الرياضية الأربعة الكبار    سعود بن نايف يكرم الداعمين لسباق الشرقية الدولي للجري    ندوة الإرجاف    المجتمع السعودي والقيم الإنسانية    ثقافة الابتسامة    قرعة كأس آسيا تحت 17 عاماً تسحب اليوم    «المسابقات» تنهي التحضيرات لانطلاق دوري النخبة    مسؤولون: الجيش الأميركي يستعد لإرسال 1500 جندي إضافي إلى الحدود    نموذج الرعاية الصحية.. الأثر والرعاية الشاملة !    مستشفى الملك فهد الجامعي يجدد اعتماد «CBAHI» للمرة الرابعة    الفن التشكيلي السعودي في كتاب    "لسان الطير"    اختتام المخيم الكشفي التخصصي على مستوى المملكة بتعليم جازان    فرنسا تبدي قلقا كبيرا إزاء «تصاعد» التوترات الأمنية في الضفة الغربية    خدمة 4385 عميلا افتراضيا بالموارد البشرية    "ملتقى القصة" يقدم تجربة إبداعية ويحتضن الكُتّاب    رابطة العالم الإسلامي تعزي تركيا في ضحايا الحريق بمنتجع بولاية بولو    حسام بن سعود: التطوير لمنظومة العمل يحقق التطلعات    بدء أعمال المرحلة الثانية من مشروع تطوير الواجهة البحرية لبحيرة الأربعين    الأمير محمد بن ناصر يدشن المجمع الأكاديمي الشرقي بجامعة جازان    وفد "الشورى" يستعرض دور المجلس في التنمية الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوطن وتحديات أطوار القبيلة والطائفة والقومية..
نشر في الجزيرة يوم 03 - 10 - 2009

من أكبر التحديات التي يواجهها سكان هذه المنطقة مواقفهم المتباينة من الوطن وترتيب درجة الولاء إليه، وأين يكون على وجه التحديد موقعه في سلم علاقة الإنسان ببيئته، فالإنسان يعيش ضمن أطوار ودوائر تُحيط به من مختلف الاتجاهات، وتأتي علاقة الوطن بهذه الأطوار حسب درجة مصالحه الذاتية أن صح التعبير، فعلى سبيل المثال يعيش الإنسان في هذه المنطقة ضمن دوائر القبيلة والعروبة والدين، ويختلف موقع الوطن بين هذه الأطوار حسب أبعاد غير مصرح بها في غالب الأحيان..
يعد الانتماء للقبيلة من أقدم الكيانات السياسية في المنطقة، فالإنسان دأب على التعلق بها طوال التاريخ العربي الإسلامي، وربط مصالحه وعلاقاته بالحراك القبلي في حياته الاجتماعية، والذي كان وما زال دوماً مصدراً للعصبية على مدار القرون الماضية، والمدهش في الأمر أن حالنا لم تتبدل، إذ ما زال كثير من أبناء القبائل يقدم علاقته بالقبيلة على الوطن، ولكنه لا يتجرأ على التصريح بها، وقد ظهر ذلك جلياً في مهرجانات المزايين والشعر الشعبي وغيرها، وهو ما يعد أحد أهم أسباب تراجع أولوية الهوية الوطنية أمام أحد أقدم الأطوار الماضوية في التاريخ، ويستحق أن نتوقف عنده كثيراً، فالأمر يدل أن الروابط الوطنية التي تُعد مثالاً على التطور والانتقال من حياة الجهالة إلى المدنية، لم تنجح بعد في إخراج الإنسان العربي من ولائه لأطواره الماضوية إلى عصر انتمائه الوطني والممثل في هيمنة العلاقات الحضرية والمدنية على العادات التقليدية في ثقافة حكم القبيلة..
كذلك ما زال الاختلاف في المرجعيات الإسلامية عن أيهم يتقدم في الولاء، الدين أم الوطن، وهي مسألة تُطرح في حوارات المثقفين مع الإسلاميين كثيراً، وتجد الهوية الطائفية رواجاً كبيراً بين العامة، فثقافة الانتماء في العقل الديني ترتكز على الهوية الطائفية، فعلى سبيل المثال يتم تقديم الهوية الدينية على الوطنية عند بعض الفئات المؤدلجة بالأفكار المعادية للمخالفين لهم في العقيدة، ويجد أيضاً بعض الإسلاميين صعوبة في إعلان موقفهم من الدول الغربية المعادية التي يحملون هويتها الوطنية، وهي إشكالية أيضاً ما زالت تفرض نفسها في أوطان المسلمين أيضاً، فالهوية الأممية عند بعض العامة تتقدم كذلك على الوطن، وهكذا..
وفي طور آخر يرى القوميون وبعض مثقفي اليسار العرب أن عروبتهم تأتي قبل الوطنية، وأن الانتماء أولاً هو للعروبة، والجدير بالذكر أن العروبة كانتماء مؤدلج لم يكن له ذكر في التاريخ العربي قبل العصر الحديث، ولم يتحول إلى إيديولوجية قومية إلا في العقد الناصري..
لكن الحقيقة التي يجب أن نتأملها أن تلك الأطوار الماضوية لا تزال تسحب البساط من تحت أقدام الوطن في العصر الحديث، فالوطن تخترقه يمنة وشمالاً، ذوات القبائل وشخوص المذاهب والفرق والقومية، وتقلل علاقاتها القوية من متانة الانتماء الوطني، والفرد في عالمنا العربي، وبالأخص في دول الشرق العربي، ينتمي إلى عدد من المجتمعات والانتماءات، ويحرص على الحفاظ عليها، حسب ما تمليه عليه مخاوفه
ومصالحه ومبادئه، وليس من المستبعد أن يتصادم الفرد مع وطنه لأجل ولاءات أخرى خارج طور الوطن، بل إن بعضهم ما زال يبرر ولاءاته القبلية والعروبية والطائفية في أن الأوطان العربية لم تخرج بعد من الأطوار الماضوية كالقبيلة والطائفة، وأن المجتمعات العربية مجرد مرآة تعكس ما يجري داخل أروقة السلطات الحاكمة..
التطور الطردي في علاقات الحقوق والواجبات بين الدولة، والأفراد، كفيل بتحقيق التوازن، وإلى الوصول إلى هدف يسمو بولاء الوطن فوق ولاءات القبيلة والمذهب، وقادر على تجاوز أزمات تقاطع مصالحهم مع مصلحة ولائهم الوطني، والأهم من ذلك إدراك أن الوطن هو نقيض القبيلة، وهو المرحلة الأكثر عصرية من أطوار العروبة والأمة، ولا يمكن للوطن أن يكون أولاً وآخراً إلا إذا استحقت هويته وأنظمته رمزيتها الحداثية، ليكون مؤهلاً لتقديم صورة عصرية عن ثقافة الحقوق والواجبات، التي إذا تم تطويرها سيتجاوز الإنسان القبلي والطائفي والعروبي أطواره القديمة إلى حيث الانتماء الحقيقي إلى الهوية الوطنية التي تتحقق من خلالها المنافع والمصالح والحماية القانونية للجميع بلا استثناءات..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.