إن من طباع المسلم فعل الخير وحب الخير، وهذه سمة الإسلام، فالإسلام هو دين الخير والكرم، والسعادة والعطاء، والنعيم في الدنيا والآخرة، إن دينا سمته الخير، ومسلما صفته الخير، وفي شهر الخير شهر رمضان الكريم، فاجتماع خير على خير نتاجه خير عميم، وسخاء عظيم. في شهر رمضان المبارك يكثر فعل الخيرات، وتتجلى الصدقات بأسمى وجوهها، وفيه تخرج الزكوات إنه شهر الصيام والعبادات، إنه الشهر الذي يتجلى فيه إيمان المسلم على أروع صورة، ويعطي أروع مشهد للعالم أجمع، هذا ما نعرفه نحن عن المسلم والإسلام ورمضان. ولكن هناك صنف من البشر يعرفون هذه الحقائق لكن للأسف يسخرونها لأغراض وأهداف دنيوية، ومصالح ذاتية في هذه المناسبات ويتكاثرون، حتى إنهم يأتون إلينا من بلاد ودول بعيدة، ونحن لا نعرف عن هويتهم أقل من القليل، يأتون وهم يستغلون الحقائق سابقة الذكر، مضيفين إليها أن هذه البلاد قائمة على شرع الله، ودين الإسلام، وأن شعبها طبعه التدين وحب الدين، وأن حكومتها (حكومة خادم الحرمين الشريفين) هي حكومة العطاء لكل المسلمين في أرجاء الأرض قاطبة، إنهم يستغلون ذلك، ويستغلون أيضاً طيبة وكرم هذا الشعب المعطاء، وسخاء هذه الأمة المزروع في دمها. يأتون وهمهم جمع المال لا أكثر، ولأهداف لا يعلمها إلا الله، إنهم نصابون محترفون بصيغة دينية عصرية، وبناء على ما ذكرناه، فإنهم كثيرا ما يجدون من يزكيهم، ويمشي معهم أو يتكرم عليهم..! إننا لا ننكر أن من بين الذين يأتون أناسا بمنتهى الصدق، وعملهم خالص لوجه الله تعالى، ولنصرة دينه، ورفعة الحق، وإزالة الباطل، وأنهم يتحملون المشاق قاصدين هذه الديار طالبين العون، إذاً مساعدتنا لإخواننا حق واجب، وتمسكنا بالأعراف والتقاليد الإسلامية الأصيلة من كرم وسخاء واجب أيضا، ولكن ما هو مطلوب منا هو التحقق والتثبت من هوية أولئك الطالبين، حيث توجد هيئات رسمية يمكن لراغب المساعدة أن ينضم تحت مظلتها، وهي تعرف به، وتدعمه في آن واحد، كرابطة العالم الإسلامي، والندوة العالمية للشباب الإسلامي، وهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، وغيرها، كما أن سفارات المملكة تبذل جهودا في التعريف بالجمعيات والمراكز التي يمكن مساعدتها. أمر آخر، هو كثرة المتسولين الذين ينشطون في هذا الشهر المبارك، خصوصا في مكةالمكرمة، والمدينة المنورة، وفي المساجد في معظم مدن المملكة، وفي هذا الأمر خطر كبير، وهذه القضية مرفوضة دينيا واجتماعيا وحضاريا، ويجب التصدي لها، وإحالة هؤلاء الأشخاص للجهات المختصة لكشف المحتاج من غيره، والتصرف حسب ذلك. إن رمضان بخيره العميم، علينا أن نجعل خيره يشملنا، ويشمل كل إخواننا المسلمين، ليتحقق ما يريده الله تعالى، إن منعنا لإخواننا من الوقوع في فخ السذاجة والغفلة هو عمل طيب، لأننا بذلك نجعل تبرعاتهم تصل لمن يستحقها بإذن الله. وكلمة أخيرة نهمس بها في أذن الجميع، وهي أنه على الرغم من كل تلك الملاحظات التي ذكرناها، فرمضان كريم كريم كريم.. والحمد لله. [email protected]