الصلاة,, الصلاة,, تلكم هي آخر وصايا رسول الهدى والرحمة محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والتسليم يرددها عند وفاته، وما كان منه ذلك إلا لعلمه بعظم أمر الصلاة ورفعة شأنها وعلو مكانتها، وتعدد خيراتها على النفس المؤمنة معنوياً وبدنياً، دنيا وآخرة,,وذلك هو الركن الأعظم من بين أركان الإسلام، وعمود الدين الذي يسقط إسلام المرء بتركه، ولأهمية هذا الموضوع الذي بات يتساهل فيه شطر من هذه الأمة يسرنا أن نلتقي بفضيلة الشيخ عبدالله بن محمد المطلق الأستاذ بقسم الفقه في جامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية الذي اكد على اهمية الصلاة ومكانتها العالية ,, فإلى نص الحوار: أهمية الصلاة فضيلة الشيخ ما مدى أهمية الصلاة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة المطهرة؟ الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، الصلاة ركن من أركان الإسلام وهي عموده، وهي عبادة اسلامية تتكرر كل يوم خمس مرات، فأركان الإسلام منها ما يكون مع المسلم كل وقت وهو الشهادتان، ومنها ما يكون متكررا خمس مرات في اليوم كالصلاة، ومنها ما يكون كل سنة وهو صوم شهر رمضان المبارك، ومنها ما يكون في العمر مرة واحدة وهو الحج، ومنها ما يكون على الأغنياء كل سنة مرة وهي الزكاة، فالصلاة هي العبادة التي تتكرر على المسلمين المكلفين كل يوم خمس مرات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس، شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت الحرام). وهذه العبادة العظيمة جعلها الاسلام من أهم السمات المميزة للبقاء على الاسلام، يقول الله تعالى: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين), ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة), ويقول عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). وهذه العبادة العظيمة من أعظم ما يصل المؤمن بربه فهي تجعل المؤمن كل يوم يقابل ربه ويتوسل اليه بآياته خمس مرات كل يوم. فهي من اعظم النعم لأنها تتيح للمؤمن هذه المرتبة العظيمة اليومية، يذهب الى بيت الله ويتجه اليه ويعبد الله بكلام الله، هذا الأمر تكرم الله تعالى به على عبده كل يوم خمس مرات. (تركها كفر) يتساهل كثير من المسلمين في أمر الصلاة، فما كلمتكم تجاه أولئك ولاسيما بعض الشباب؟ من المؤسف أن الكثير من المسلمين لا يقدرون هذه المنة العظيمة والعبادة الكبيرة، التي جعلها الله لعباده المؤمنين ليتصلوا به من خلالها، يقول الله جل وعلا: (وأقم الصلاة لذكري), ويقول سبحانه وتعالى: (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)، فهذه العبادة يمحو الله بها الذنوب ويرفع الله بها الدرجات وهي من طرق التوبة والإنابة الى الله، يقصر بها كثير من المسلمين، وبعضهم يتركها، ومن تركها فقد كفر ببعض الكتاب والسنة لقول الله عز وجل: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين)، فالأخوة في الدين لا تتأتى الا بتلك الامور المذكورة في الآية, وقال سبحانه وتعالى: (ما سلككم في سقر، قالوا لم نك من المصلين، ولم نك نطعم المسكين، وكنا نخوض مع الخائضين، وكنا نكذب بيوم الدين). فأول صفة للذين يستحقون دخول النار أنهم لم يكونوا من المصلين، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة). الصنف الثاني من المقصرين في الصلاة من يؤخرها حتى يخرج وقتها فلا يصلي الفجر الا حتى تطلع الشمس ولا يصلي العصر الا بعد ان يستيقظ من النوم ولا يصلي العشاء الا عندما يفرغ من اشغاله بعد نصف الليل، وهؤلاء نسأل الله السلامة والعافية توعدهم الله بويل في سورة الماعون عندما قال تعالى: (فويل للمصلين، الذين هم عن صلاتهم ساهون)، رب العالمين يحذرهم ويهددهم لأنهم سهوا عن الصلاة حتى يخرج وقتها، ونحن نعلم ان العبادات المؤقتة لا يقبلها رب العالمين الا في وقتها الا من عذر، فلو اخر الإنسان رمضان وليس له عذر فيصومه في غير وقته، هذا نسأل الله السلامة والعافية حري ان لا يقبل منه، وأيضاً لو أخر الصلاة كذلك,اما الصنف الثالث من المقصرين في أمر الصلاة، فهم الذين لا يهتمون بأدائها كما أداها الرسول صلى الله عليه وسلم فبعضهم يصلي من غير اطمئنان ولا خشوع وبعضهم كثير الحركة ولا يتدبر القرآن ولا يهتم بما يقرأ، فأولئك لا يحصلون على الأجر العظيم الذي يستحقه كما أداها النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم اخبر أن الذين يؤدون الصلاة منهم من يكتب له نصفها ومنهم من يكتب له ثلثها ومنهم من يكتب له ربعها، الى غير ذلك، كل يعطى من أجر الصلاة بقدر ما خشع قلبه في صلاته واطمأن فيها واستفاد منها وربنا عز وجل يقول: (قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون). مسؤولية الإمام ما هو دور إمام المسجد تجاه جماعته كعنصر موجه وناصح لهم ومتعاون مع الجهات المعنية في هذا الشأن؟ إمام المسجد عليه مسؤولية عظيمة لأن وظيفته من أشرف الوظائف تولاها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه وتولاها من بعده خلفاؤه الراشدون، فقد كان أبوبكر وعمر وعثمان وعلي يؤمون الناس في الصلاة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله)، ولهذا فإن وظيفة الامامة من الوظائف القيادية في دين الله، وإمام المسجد داعية ومحب للخير، وعضو فاعل في مسجده وجماعته، يعلم الناس الخير ويدعوهم اليه ويعظ بالقرآن، فإن القرآن هو أعظم موعظة، والله جل وعلا يقول: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين). والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الله فرض عليه أن يكون من المؤمنين وأن يقرأ القرآن ويذكر الناس به من خلال القراءة والتلاوة في المسجد، ويجتهد ان يوصل الموعظة الى قلوبهم، ويتحرى الآيات التي تعظهم، عكس ما نسمعه ونراه من بعض الأئمة الذين اعتادوا على تلاوة آيات معينة وسور محددة، لا يسمع جماعته غيرها، الإمام الناجح هو الذي يتخول جماعته بالموعظة، ويختار موعظة القرآن الكريم، ويكون ايضا له دروس قصيرة في العشاء والعصر، شيء من السنة وشيء من كتاب العقيدة أو من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم. فعلى إمام المسجد ان يتحبب الى جماعته بفعل الخير وبذل النصح والتفاني في نفع الناس وأن يكون رفيقاً بهم باذلاً نصحه ومشورته إليهم. إذاً إمام المسجد داعية يحب الخير لكل الناس ويسمع ما عندهم ويحاول كسب ود الصغير والكبير ويكرمهم كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم وربنا جل وعلا يقول: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك). التهاون في الصلاة ما الآثار السلبية والمساوىء السيئة التي تعود على المسلم بسبب التهاون في أمر الصلاة؟ التهاون في أمر الصلاة له آثار سيئة منها الحرمان من ولاية الله فالذي لا يصلي ليس من أولياء الله لأنه ترك بيت الله وشعيرته التي هي صلة بينه وبين ربه واصبح في عداد الكافرين الذين قال الله فيهم: (ويل يومئذ للمكذبين, وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون), واصبح من أهل سقر الذين يقال لهم يوم القيامة: (ما سلككم في سقر, قالوا لم نك من المصلين) وقد ابتعد عن سبب من أسباب الرزق وتسهيل أمور الحياة والله ربنا جل وعلا يقول: (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى، وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتقوى). وقد أبعد نفسه عن وسيلة من وسائل المغفرة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو أن نهراً غمراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا). فبين الرسول صلى الله عليه وسلم لهم أن تلك هي الصلوات الخمس. وقد جاء الرسول صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إني أصبت حداً فأقمه عليّ، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ثم أقيمت الصلاة فصلى المسلمون ومعهم هذا الرجل، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم نزلت عليه هذه الآية (أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين). فنادى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل فقرأها عليه وبين له ان الحسنات يذهبن السيئات، فقال الرجل: يا رسول الله أهي لي خاصة؟ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: بل للمؤمنين عامة. ومن ثمار أدائها في المسجد تعارف أهل الخير وتواصلهم ومعرفة بعضهم بأحوال بعض، فيواسي الغني الفقير، ويزور المتعافي المريض ويشهد جنازته ويحضر مناسبته. الأحكام والعواقب بايجاز، ما الأحكام المترتبة على تارك الصلاة وهل هناك قصص واقعية أو مواقف حقيقية عاصرها أو سمع عنها فضيلتكم عن عواقب وآثار التهاون في هذا الركن العظيم؟ ترك الصلاة نسأل الله العافية سبب من أسباب البعد عن الله والبعد عن الله سبب مؤكد للشقاء، ورب العالمين جعل ذلك نظاماً كونياً عندما أنزل آدم وإبليس الى الارض قال: (قال اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو، فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى، قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً). والذين لا يؤدون الصلاة قد أعرضوا عن ذكر الله وقد حكم الله عليهم بالشقاء في هذه الحياة الدنيا وحرمهم من السعادة التي يعطيها عباده المؤمنين، وقد أعلن ربنا عن ذلك في قوله: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة), فتارك الصلاة محروم من التوفيق الذي وعد الله عباده المتقين قال جلّ وعلا: (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً), وقال جلّ وعلا: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب). وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قولين للصلوات منه قوله: من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي ومن صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح، فانظر يا ابن آدم لا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإن من يطلبه الله يدركه، فهذا الذي لا يصلي الفجر ليس في ذمة الله قد حرم من هذه الولاية العظيمة التي جعلها الله لأحبابه. وقد رأينا أناساً وشباباً غرهم الشيطان وظنوا انهم سيتوبون طالت بهم الأعمار وكان الشيطان يخدعهم بالتسويف بالتوبة ويقول الشيطان لهم: إذا كبرتم اعملوا وأطيعوا، وما دمتم في عمر الشباب متعوا شبابكم بالحرام والعياذ الله، وقد غرهم الغرور مثل ما قال عز وجل: (وغركم بالله الغرور) فجاءهم الموت على حين غفلة وأخذهم الله تعالى إليه وهم لا يؤدون الصلاة، خسروا الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين. وقد سمعنا ان احد الأتقياء كان له ابن لا يؤدي الصلاة وكان ينصحه ولا يستجيب وما علم إلا واشعر بوفاته، طلب منه ان يغسله، فقال أبوه: والله لا أغسله ولا أصلي عليه ولا أدعو المسلمين للصلاة عليه، وأنا قد خسرته فلا أخسر الله لأنه كافر لا يصلي فلا أخدع المسلمين فأقدمه بين يدي المسلمين في المسجد الذي كان ابني لا يطيق دخوله وهو حي وأنا لا أدخله بعد ان مات ورفض هذا الأب الصالح الصلاة عليه وخديعة المسلمين به في المسجد وقد انتهى هذا الشاب نهاية سيئة نسأل الله العافية. المعينات على الصلاة فضيلة الشيخ ما العوامل المعينة على الصلوات الخمس؟ العوامل المعينة على الصلوات الخمس أولا: أن يستعين بالله لأن أداء الصلاة عبادة والعبادة تحتاج الى إعانة وربنا يقول: (إياك نعبد وإياك نستعين) والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى معاذ بن جبل أن لا يدع دبر كل صلاة هذا الدعاء: (اللهم أعني على ذكرك وعلى شكرك وحسن عبادتك). أن يتدبر القرآن، لأن تدبر القرآن علاج القلوب وهو الذي يذكر بالآخرة وهو الذي يحث الناس على التوبة وصدقها والعمل لدار كرامة الله تعالى. رفقة الصالحين الذين يعينون على الخير ويحذرون من الشر ويرغبون في الطاعات. البعد عن الوسائل التي تبعد الإنسان عن المسجد، فيبعد عن السهر المفرط الذي يفوت عليه صلاة الفجر، ويبتعد عن الرفقة التي تبعد عن المسجد، ويبتعد عن الأعمال التي تشغله عن بيت الله، فإذا عمل ذلك فلعل الله أن يمنّ عليه وأن يقوي إيمانه وان يحبب إليه أداء هذه الشعيرة، ونحن ندعو الله ان يحبب إلينا الإيمان وأن يزينه في قلوبنا وأن يكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان.