أجرى مركز رؤية للدراسات الاجتماعية بحثاً ميدانياً شمل (2500) من أئمة وجوامع المملكة حول زواج المسيار، من حيث مدى التأييد والموافقة والدوافع والآثار المترتبة على مثل هذا الزواج. وقال باحثو المركز: إن الاستطلاع سعى إلى التعرف على مدى قبول أئمة الجوامع لزواج المسيار، والوقوف على الدوافع المختلفة للإقبال على زواج المسيار من وجهة نظر عينة من أئمة الجوامع، وتحديد الآثار المختلفة الناتجة عن زواج المسيار، وتوفير المعلومات الموثقة عن زواج المسيار لصناع القرار والمؤثرين، من سياسيين وشرعيين ومفكرين وإعلاميين، للتعاون الإيجابي المثمر في دفع عجلة الإصلاح والتحضر. وقد أبدى 65% من أفراد العينة عدم اقتناعهم بزواج المسيار من وجهة نظرهم، للأسباب التالية على الترتيب: إن اتخاذه وسيلة للمتعة لا يحقق السكن والمودة والرحمة، ويؤدي إلى حدوث مشكلات أسرية قد يتخذ ساتراً للانحراف، ويحرم المرأة من بعض حقوقها الشرعية، وفيه غش وخداع للزوجة الأولى، ويدل على ضعف الزوج، وعدم تحمل مسؤولية أسرته، كما يعد امتهانا لإنسانية المرأة ويلغي قوامة الرجل على المرأة. وكشفت نتائج الاستطلاع أن 35% من أفراد العينة من أئمة الجوامع مقتنعون بزواج المسيار. وجاءت أسباب الاقتناع بزواج المسيار من وجهة نظرهم، للأسباب التالية على الترتيب: فهو يتم بعقد شرعي مستوفي الأركان بإيجاب وقبول وشهادة وعقد، ويسهم في حل مشكلة العنوسة والمطلقات والأرامل، ويلبي حاجة المرأة لرجل يعفها ويحصنها دون أن تكلفه مالاً، كما أنه يقلل من نسب الانحراف في المجتمع، ويلبي حاجة المرأة التي لها ظروف تمنعها من تلبية حقوق الزوج كاملة، ويحقق رغبة الرجال في تعدد الزوجات، ويحل مشكلة الرجل الذي عنده أسفار كثيرة، ويحقق للطرفين الاستقرار والأمان. وعلى الرغم من أن مجمع الفقه الإسلامي أجاز زواج المسيار، ووضع ضوابط وشروطاً تحكمه من أجل حفظ حقوق الزوجة والأبناء، إلا أننا نشهد قصصاً مؤلمة وحوادث مؤسفة لا تكون أبدا في صالح كثير من النساء المحتاجات إلى هذا النوع من الزواج بسبب، أو لآخر. وتصف الدكتورة سهيلة زين العابدين - عضو جمعية حقوق الإنسان - زواج المسيار بأنه إهانة للمرأة، وقالت: (إن أغلب القضايا التي تعرض على لجان حقوق الإنسان في المملكة ناتجة عن زواج المسيار وضحاياه، سواء من الزوجات أو الأولاد). وحدثني أحد القضاة: أن كثيراً من القضايا المنظورة أمام المحاكم الشرعية ناتجة عن زواج المسيار. فهو مجرد تمضية وقت، ونيل من كرامة المرأة، واستغلال لها قد يدفعها إلى التشفي والانتقام. ويعد هذا النوع من الزواج حديث عهد بالمجتمع، وقد يكون له صور متشابهة له في الماضي، فقد أوردت بعض الكتب الفقهية حالات فيها بعض الشبه من هذا الزواج. ولزواج المسيار أسباب عديدة: منها ما يتعلق بالرجال، كرغبة بعض الرجال في المتعة، وعدم رغبتهم في تحمل المزيد من الأعباء. ومنها ما يتعلق بالنساء، كعنوسة المرأة، أو طلاقها، أو ترملها، ورفض كثير من النساء فكرة التعدد. ومنها ما يتعلق بالمجتمع، كغلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج، ونظرة المجتمع بشيء من الازدراء للرجل الذي يرغب في التعدد. زواج المسيار يمثل إشباعاً مؤقتاً للرغبة الجنسية دون مراعاة لمقاصد الزواج، ولا إلى الأضرار التي تلحق المرأة بعد طلاقها، سواء كانت اجتماعية، أو نفسية، أو أخلاقية. فالحكمة من الزواج هي الاستقرار والسكن والمودة والرحمة، وتحصيل الذرية الصالحة، فيتكون المجتمع مترابطاً يشد بعضه بعضاً. فالعبرة إذن بحقائق الأمور ومقاصدها لا بمعانيها وأسمائها، وبالتالي هو صحيح بالأركان لكنه فاسد بالمقاصد والمعاني، فهو وإن حقق الإحصان إلا أنه لم يحقق السكن. وفي المقابل، فإن هناك من يحتج بأن زواج المسيار مكتمل الأركان والشروط، ففيه إيجاب وقبول وولي وشاهدان. فيتفق الزوجان على أن الزوج لا يقيم مع الزوجة، وإنما يتردد عليها عند الحاجة. فالمرأة وإن تنازلت عن بعض حقوقها، فهي مالكة الحق، ولها أن تتنازل عن ذلك، ويستدلون بقول الله - تعالى -: (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير). فقد قيل في سبب نزول هذه الآية: إن سودة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تنازلت عن ليلتها لعائشة - رضي الله عنها -، لما أحست أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد طلاقها. وقد تفضل بعض النساء هذا النوع من الزواج نظرا لانشغالهن بأبنائهن، أو آبائهن، أو وظيفتهن. وحاجتهن إلى العفاف وتحصين أنفسهن من الفتن. سؤالي الخيال: ألم يشرع الزواج لحكم عظيمة وغايات نبيلة؟. وسؤالي لما فوق الخيال: أليس في هذا النوع من الزواج مدعاة لانصراف الناس عن الصورة الأصلية للزواج، وفيه انتهاك لحقوق الزوجة خاصة حقها في تكوين أسرة؟.