تعتبر مهام رجل الامن من المهام الاجتماعية التي تتعلق بمناحي الحياة وبكل ما تحتويه من احداث مفرحة او محزنة وترتبط بمشاعر الناس وانفعالاتهم وتصرفاتهم, فالاعمال والمهام الامنية هي ذات طبيعة وسطية ومشتركة بين مفاهيم عسكرية وقانونية حازمة وشديدة وبين مفاهيم اجتماعية انسانية ترتبط وتتعامل مع المواطنين في حياتهم اليومية وتعمل من خلال قيم المجتمع واعرافه، ولكون ظاهرة الامن اصلاً من الظواهر الاجتماعية فإن الطابع الاجتماعي يغلب على مهام الاجهزة الامنية. وهي بذلك اجهزة اجتماعية خدمية يتم تقويم كفاءتها بمدى رضا المجتمع عن خدماتها, هذا هو المفهوم الحديث لأجهزة الامن وهو ما يسمى بالشرطة المجتمعية التي تعتمد على العلاقات الانسانية والاجتماعية وعلى المهارات السلوكية للعاملين فيها لتحقيق اهدافهم ولتحقيق هذا المفهوم الحديث وتكوين رجل امن يتفاعل مع المجتمع ويقدم خدمات اجتماعية تنطلق من دوافع ذاتية وانسانية قبل ان تكون وظيفية تغدو بذلك خدمة اجتماعية تتمثل بالمساعدة والإنقاذ وحفظ الحقوق وحل المشكلات وضبط الخارجين عن النظام لمصلحة الآخرين وغيرها من الاعمال التي تحقق الامن وتعكس رضا المجتمع وعلى هذا لابد من اعادة صياغة المناهج الدراسية للكليات والمعاهد الامنية حيث تشمل منظوراً اجتماعياً جديداً يواكب المفهوم الحديث للامن. وطالما ان مجالات الامن العام ترتبط بحياة الناس كما سبق ذكره، فان من المفترض ان يتم التركيز على علم النفس وعلم الاجتماع والشريعة والقانون ولاسيما ما يرتبط بفهم ومعرفة السلوك البشري وما قد يعتريه من حالات وردود افعال وكيفية التعامل معها وكذلك فنون العلاقات الانسانية وما يترتب عليها من اتصالات ومشورة وتعاون وتعامل مع الجمهور ابتداء من الطفل والمرأة والرجل المسن والاحاطة بالمبادئ الاساسية لفن الادارة والتصرف عند الحوادث وكيفية مواجهتها والمهارة اللازمة لإبلاغ الغير بالانباء غير السارة كالاصابات والوفيات ونحوها والقدرة على التعامل والتعاون مع المؤسسات الاجتماعية الاخرى التي لا يقل دورها اهمية في تحقيق رسالة الامن,, الى جانب ما تحتويه المناهج من مواد امنية متطورة تواكب مفهوم الامن الحديث وتسهم في تقدم الاداء الامني المعتمد على التقنية الحديثة، وفي هذا السياق يتطلب الامر ان تكون البرامج عملية وتطبيقية تعتمد على منهج المحاكاة والمعايشة لطبيعة وجو عمل المستقبل حيث تجرى وقائع تطبيقه لمعرفة كيفية التصرف ازاء الحوادث وردود الفعل لدى الاطراف الاخرى والقدرة على اتخاذ القرارات ومدى اتسام ذلك مع السرعة والسداد والرضا الاجتماعي ولعل توسيع مشاركة الاساتذة وتنوع اختصاصاتهم وثقافاتهم واهتماماتهم في تقديم تلك البرامج والتعاون لتحقيقها من مختلف المؤسسات التعليمية والمهنية سوف يثري المستفيدين وينوع مشاربهم المعرفية والفكرية ويكون لديهم صورة اشمل واعمق من تلك التي تأتي من مصدر واحد فتنعكس على عطائهم وتفاعلهم وتجعلهم اكثر فهماً وادراكاً لدورهم الاجتماعي وانهم ضمن منظومة تعمل في مجال الخدمات الاجتماعية التي يقاس تقدم الامم والشعوب بمدى تقدمها وتطورها. ولعل هذه الرؤية تتزامن مع التغيرات الجارية التي يشهدها الامن العام والتركيز على تطور العنصر البشري الذي هو اساس ومظهر التقدم والتركيز بشكل اكبر على المعاهد الخاصة بالافراد لأنهم الاكثر عدداً والتصاقاً بالاعمال التنفيذية اليومية, وتتزامن ايضا مع الخطة الحالية التي تنفذها ادارة المشاريع بوزارة الداخلية لإنشاء مبانٍ نموذجية للاجهزة الامنية بحيث تصل الى تميز في البناء المعماري والبشري في آن واحد. وانني على ثقة ان طموحات القائمين على الاجهزة الامنية اكبر مما اتصور واهدافهم اعمق واسمى، ومشوار الف ميل يبدأ بخطوة وفق الله الجميع. * مدير إدارة الشؤون الإعلامية بأكاديمية نايف