منذ أن أُنشأت وزارة الداخلية بالمملكة العربية السعودية جهاز الشرطة ونقاط الضبط الأمني التابعة لها، وهي تعمل على تدعيم الأمن وتطوير خدماته لتحقيق الطمأنينة والأمان لكل إنسان، من خلال مسايرة التقدم العلمي لكشف الجناة ومكافحة الجريمة، والتوصل إلى مرتكبيها بالأسلوب العلمي. وتعتبر العلاقة بين الشرطة والجمهور من أهم القضايا الأمنية التي تطرح نفسها دائما بصورة ملحة، وذلك بعدما تطور مفهوم الأمن وتحول من مجرد نظرة ضيقة تجعل منه حكرًا على السلطة العامة وتحديدًا جهاز الشرطة، إلى نظرة شاملة تجعل منه مسؤولية وطنية يشارك فيها كل أفراد المجتمع وكما قالها سمو وزير الداخلية الراحل الأمير/ نايف بن عبدالعزيز آل سعود (رحمه الله) بأن المواطن هو رجل الأمن الأول. فالنظرة الحديثة للأمن أصبحت تنطلق من مفهوم الأمن الشامل، الذي تشترك فيه كل أجهزة الدولة، وكافة قطاعات الجمهور، والمنظمات الأهلية والخاصة، كما أن أهمية مساهمة الجمهور في حفظ الأمن وتعاونه مع الشرطة لا تتأتى من اعتبارات سياسية وأخلاقية فقط، وإنما تفرضها أيضا مقتضيات الفعالية، وذلك بعدما تبين مؤخرًا صعوبة قيام الشرطة بحراسة كافة الأماكن، خاصة أن الإحصاءات العالمية في البلدان الأخرى حول الجريمة تعزز ذلك التصور من خلال ما توضحه، من أن عدد الجرائم المقترفة يفوق إلى حد كبير عدد الجرائم المكتشفة. وعلى الرغم من أهمية وضرورة التعاون الوثيق بين الشرطة والجمهور في تحقيق الأمن ومن ثم ضرورة اتسام العلاقة بينهما بالحميمية، إلا أن هناك بعض المقترحات التي تعزز مثل هذه العلاقات المهمة بين الطرفين وتطورها إلى الأفضل: 1. إشعار المواطنين بأنهم جزء من نظام حفظ الأمن في مجتمعهم وأن الأمن مسؤولية الجميع. 2. إعادة الاعتبار إلى بعض التقاليد الأصيلة والمتجذرة في الحضارة العربية والإسلامية، مما يكون له أطيب الأثر في تعميق الروابط ومن ثم تحقيق الأمن والاستقرار. 3. اندماج الشرطة بشكل أكبر في كافة الأنشطة الوقائية ذات الطابع الاجتماعي، كقيام بعض رجال الشرطة بالمشاركة في إلقاء بعض الدروس على التلاميذ في إجراءات الوقاية من الأخطار، وكيفية التبليغ عن أية شبهات أو مشبوهين وأيضًا المشاركة في المناسبات الرياضية وإدارة نوادي الشباب. 4. تطوير نظم وأساليب إنجاز المعاملات في الأجهزة الشرطية واستخدام أحدث التقنيات المناسبة في هذا الصدد. 5. اختيار رجل الشرطة المناسب في مواقع التعامل مع الجمهور والعمل على تأهيله من خلال البرامج والدورات الأمنية المتخصصة، والعمل على تزويده بأحدث قواعد البيانات الأمنية باستمرار. 6. بث ونشر برامج توعوية في وسائل الإعلام بهدف تحقيق ما يلي : تعميم المعرفة لدى الجمهور بمخاطر الجريمة والانحرافات وأساليب الوقاية منها ومكافحتها والضوابط القانونية والحكمة من الإجراءات الشرطية وتحقيقها للصالح العام. تصحيح الصورة الذهنية السلبية التي يحملها بعض أفراد الجمهور عن الشرطة وخلق وعي أمني في المجتمع. توعية المنتسبين لجهاز الشرطة بأهمية التعامل الودي مع الناس والتفاني بغية تدعيم الوجود الآمن لهم، بصرف النظر عن جنسياتهم ودياناتهم ومراكزهم وانتماءاتهم. الإعلان عن أداء الشرطة الحسن وتضحيات رجالها ومواقفهم الإنسانية، حيث إن ذلك سيساهم دون شك في خلق رأي عام مؤيد للشرطة بشكل أكبر. 7. تضمين مناهج إعداد وتأهيل وتدريب العاملين بالشرطة أسس وأساليب التعامل الإيجابي مع الجمهور. 8. عقد لقاءات ومؤتمرات يلتقي فيها المسؤولون بأجهزة الشرطة مع الجمهور، بالإضافة إلى رجال الفكر والإعلام والدين، بحيث يتم من خلالها عرض أهم القضايا الأمنية التي تهم المجتمع وطرح أفضل التصورات بشأنها.