انطلقت صباح يوم الخميس فعاليات النشاط الثقافي للمهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية 24) بندوة تحت عنوان (فلسطين بؤر التوتر وعوائق السلام وحوار الثقافات.. فلسطين وجهة نظر عربية) ألقاها كل من الدكتور صدقة فاضل والأستاذ بلال الحسن والأستاذ شفيق الحوت، وأدار الندوة الدكتور صالح بن عبدالرحمن المانع، وجاءت البداية لمدير الندوة بتقديم نبذة مقتضبة للمحاضرين ثم أعطى المجال للمحاضرين لتقديم أوراق عملهم التي تركزت على فلسطين التي تعد قلب الوطن العربي ونقطة الوصل بين مشرقه ومغربه. وجاءت البداية للدكتور صدقة فاضل بمحاضرة بعنوان (فلسطين قضية كل العرب) جاء فيها: فلسطين قلب الوطن العربي، ونقطة الوصل الأولى بين مشرقه ومغربه، إضافة إلى كونها مركز منطقة الوصل بين قارات العالم القديم الثلاث: آسيا وإفريقيا وأوروبا. فلسطين إحدى درر الشرق، وأحد أعز الأقطار العربية. البلد التي يضم: زهرة المدائن، وأولى القبلتين بالنسبة للمسلمين وثالث الحرمين الشريفين.. أوشك الصهاينة القادمون من شتى بقاع الأرض، على إكمال اغتصابها، ومصادرتها تماماً وإلى أجل غير مسمى. ولم يكتف الصهاينة باقتطاع هذا الجزء الغالي من جسد الأمة العربية والإسلامية، بل إنهم جعلوا هذه الأرض منطلقاً للكيد لهذه الأمة والهيمنة عليها، والإضرار بمصالحها وعقيدتها. أصبحت فلسطين - بوجود الدولة الصهيونية فيها - قاعدة متقدمة لأعداء الأمة العربية والإسلامية، وفي عقر دار هذه الأمة، وتلك (حقائق) دامغة تدحض تحذلقات (المتصهينين)، من العرب والعجم، والتي أخذت تتزايد مؤخراً بادعاء (السلام) الزائف. وبحسب تقسيم سايكس - بيكو (البريطاني - الفرنسي) الحدودي للعالم العربي في نهاية الحرب العالمية الأولى، أصبح ما يعرف ب(فلسطين) يمتد من لبنان شمالاً إلى خليج العقبة جنوباً، ومن شبه جزيرة سيناء (مصر) والبحر الأبيض المتوسط غرباً، إلى جنوب سورية والبحر الميت (الأردن شرقاً)، وتبلغ مساحة فلسطين هذه كاملة 26.323 كيلو متراً مربعاً؛ أي أنها مساحة صغيرة (نسبياً)، ولكن كل شبر فيها يعبق بالعراقة، ويفوح بالأهمية الخاصة. ومنذ عام 1948م، وحتى قبيل 6 يونيو سنة 1967م، كانت إسرائيل تحتل 20.153كم2، من فلسطين؛ أي ما يعادل 77% من كل مساحة هذا القطر، وبقيت (الضفة الغربية) التي تبلغ مساحتها 8500كم2، تحت الإدارة الأردنية، بينما تبلغ مساحة قطاع غزة 365كم2، ووضع تحت الإدارة المصرية، كما هو معروف؛ وبهذا نرى أن مجموع مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة هو 6165كم2؛ أي ما يعادل 23% فقط من كل مساحة فلسطين. ومعروف أن أهم (أسس) التسوية السلمية، والمنشودة عربياً وعالمياً، وحتى فلسطينياً هي: أن تنسحب إسرائيل من كل الأراضي التي احتلتها عام 1967م؛ أي من كامل الضفة الغربية، وقطاع غزة، ومنطقة الجولان السورية، وشبه جزيرة سيناء المصرية، وأن يُمكّن الفلسطينيون من إقامة دولتهم المستقلة، والخاصة بهم، على الضفة والقطاع؛ أي على 23% فقط من مساحة فلسطين الكلية، وهذا يعني (إعطاء إسرائيل 77% من أرض فلسطين؛ لتكون عليها الدولة الصهيونية المكونة من يهود مهاجرين من شتى بقاع المعمورة. ولكن الصهاينة لم يرضوا حتى بذلك؛ إذ إنهم يسعون لابتلاع كامل فلسطين، وإبادة وتشريد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، والسماح لمن بقي منهم بإقامة (محميات) متفرقة في الضفة والقطاع فقط، وحرمانهم من أن تكون لهم دولة حقيقية خاصة بهم، بل إن خطة غلاة الصهاينة تستهدف - كما هو معروف - التوسع لأبعد من فلسطين بكثير (من النيل إلى الفرات)..؟! هذا، إضافة إلى الرغبة الصهيونية الجامحة في السيطرة على كامل المنطقة العربية، سواء عبر التوسع الجغرافي (لما بعد فلسطين) أو دون ذلك التوسع (والاكتفاء بكامل فلسطين أو معظمها فقط)، ويسود الآن في الوسط السياسي الإسرائيلي وتوجه استراتيجي، ينادي باحتفاظ إسرائيل بمنطقة الجولان السورية، وكذلك بمعظم الضفة الغربية (وعدم السماح بقيام دولة فلسطينية) لأسباب أمنية، أولاً (دفاعية)، كما يقول أنصار هذا التوجه، الذي يتزعمه قادة حزب (الليكود) وبقية اليمين الإسرائيلي. ثم تحدث بعد ذلك الأستاذ بلال الحسن الذي تطرق إلى الهدف الصهيوني، وأنه لا يقتصر على فلسطين، وحسب، بل إن إسرائيل تستهدف رأس العروبة والإسلام، وهي تحتل القدس ثالث الحرمين الشريفين، وهي تسعى - بإصرار عجيب، ومثابرة جلية - إلى الهيمنة التامة على المنطقة، والسيطرة على مقدراتها، وتسخير إمكاناتها لخدمة الصهاينة، عبر استعباد شعوب المنطقة، وفرض الإرادة الصهيونية على أجيالهم القادمة، من ذلك: وقوف الكيان الصهيوني وراء معظم مآسي المنطقة، وسعي إسرائيل لتمزيق وشرذمة الوطن العربي، وعملها على تحويل معظم دوله إلى دويلات، لا حول لها ولا قوة، أمام إسرائيل، القوة الإقليمية العظمى، الآمرة الناهية بالمنطقة، والمدججة بكل أنواع الأسلحة الفتاكة. وإن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة لا بد أن يحجم من إسرائيل، ويقلل من شرورها، وأضرارها تجاه محيطها العربي. ذلك هو المشروع الصهيوني، ومن يظن أن ذلك المخطط يقتصر على فلسطين فهو واهم، إن لم نقل غير ذلك، وبالمناسبة، فإن معظم شعوب وأمم العالم تتعاطف مع الفلسطينيين.. للسبب الأول، ومنها شعوب غريبة كبرى، مثال ذلك: ما تحظى به القضية الفلسطينية من تأييد لدى الشعب الإيطالي، والشعب اليوناني، وشعب نيكاراجوا، وشعب الهند. ثم جاءت ورقة الأستاذ شفيق الحوت الذي تحدث بدوره عن دور دول مجلس التعاون الخليجي في دعم القضية الفلسطينية وتأييد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وما بذلته هذه البلدان من الجهد والمال في سبيل تمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه في أرضه.