وجدت الحكومة والمتمردون الانغوليون الذين حرموا من الدعم التقليدي منذ انتهاء الحرب الباردة موارد لا تنضب في باطن الأرض الانغولية لتمويل نزاعهم المستمر منذ ربع قرن. فقد تمكن متمردو الاتحاد الوطني لاستقلال انغولا التام يونيتا الذين تفرض عليهم الأممالمتحدة عقوبات منذ حزيران/ يونيو 1999م من مواصلة الحرب عبر استخراج الماس وبيعه في المناطق الخاضعة لسيطرتهم وتفيد تقديرات الخبراء في لواندا انه يؤمن لهم 500 مليون دولار سنويا. أما القوات الحكومية فمكنها هجوم شنته في أيلول/ سبتمبر 1998 من استعادة مناجم كبيرة للماس في اقليم لواندا شمال شرق . وحاولت الحكومة أيضا القضاء على التجارة غير القانونية لهذه الاحجار التي تغذي المتمردين بالسلاح عبر استحداث شهادة منشأ تصدرها لواندا ومنحت من جهة اخرى في نيسان/ أبريل الماضي شركة انغولا سيلينغ كوربوريشن الحق الحصري لتصدير الماس وتضم هذه الشركة شركات سوديام الانغولية وويلوكس الاسرائيلية وتاييس البلجيكية السويسرية. لكن هذه الجهود ذهبت أدراج الرياح، كما يقول المراقبون في لواندا, وأكد مهندس في هذا القطاع في العاصمة الانغولية ان يونيتا تواصل الحرب للسيطرة على الماس وهي تتمكن من مواصلتها بفضل عائدات بيعه, وأضاف بهذه الطريقة يتوصل المتمردون الى اعادة تشكيل مخزوناتهم من الأسلحة. وتمول الحكومة من جهتها أيضا المجهود الحربي من الموارد النفطية وعائدات الماس, وتفيد الأرقام الرسمية ان 10 في المائة من ميزانية الدولة يخصص للانفاق الدفاعي، وان النفط الذي تنتج منه 700 ألف برميل يوميا، يؤمن 95 في المائة من عائدات الدولة. وكانت الحكومة الأنغولية تشرف أيضا حتى 1999م على انتاج مليون قيراط من الماس سنويا، وأعلنت ارتفاعا في الانتاج بنسبة 26 في المائة في 1999 في أعقاب الاستيلاء على أراض من المتمردين، معترفة في الوقت نفسه بوجود جيوب مقاومة ليونيتا. وقال أحد المراقبين ان يونيتا تعتمد تقنيات حرب العصابات وتتوافر لديها موارد غير محدودة لشراء الأسلحة من أوروبا الشرقية, ولم يتوصل الجيش الأنغولي الى تقليص قوتها الضاربة بشكل كبير وأضاف ان الحرب يمكن ان تستمر قرونا . وفي السابع من آب/ أغسطس الجاري، شن متمردون هجوما أسفر عن سقوط 14 قتيلا على الأقل، على أبواب العاصمة، في كاتيتي 60 كلم عن لواندا ، ومتابعة هذه الهجمات هي التي حملت مجموعة دي بيرز الجنوب افريقية في الاسبوع الماضي على وقف أنشطتها للتنقيب عن الماس في كامبولو اقليم لواندا الشمالية، شمال شرق . وفي تموز/ يوليو الماضي، وعلى رغم تحذيرات الأممالمتحدة، رفض المؤتمر العالمي لصناعة الماس في انفير اتخاذ تدابير جادة لوقف عمليات التجارة التي تستفيد منها حركة يونيتا. وقال المراقب نفسه ان التجار يستفيدون من الحروب الدائرة في أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وسيراليون، وهم لا يرغبون في ان تتوقف. وتستمر معاناة شعب أنغولا منذ استقلالها عن البرتغال في 1975م، موتا وجوعا على رغم الموارد الضخمة التي يختزنها باطن الأرض. وتقول المنظمات الانسانية ان الحرب أدت الى تهجير أربعة ملايين شخص من أصل عدد السكان البالغ 11 مليونا ولا يحصل أكثر من 5,2 مليون منهم على المساعدة الانسانية.