قال تعالى: كبرت كلمة تخرج من أفواههم، إن يقولون إلا كذبا هكذا فجأة وبلا إرهاصات لا تسلم ثوابتنا من افتراء قناة الجزيرة، ولقد صمت أبناء هذا الوطن طويلاً في وجه التصريح والتحريض الذي يمس مبادئ وطنهم وأخلاقه بطريق مباشر وغير مباشر وتجاهلنا كل ذلك مقدمين مصلحة الكيان الخليجي على مصلحتنا ولكن الأمر إذا وصل سيدنا سلمان فلن نسكت، ولن نتجاهل الجرح الراعف في قلوب الأطفال واليتامى والمنكوبين الذين سيدوي في سماء الإنسانية المجروحة. والصمت المقهور في ألسنة الثكالى والمكلومين الذي سينفجر نورا في وجه الظلام الدامس، لأن أميرنا سلمان لم يعش لنفسه، وإنما عاش لنا بروح تحمل شعلة مضيئة في تاريخ الإنسانية، يحس بلذة سماوية عندما يدخل الفرح والسرور في نفوس الآخرين، وهو لا ينتظر الجزاء من أحد ولا حتى الاعتراف ممن هم أكبر مستوى من قناة صغيرة تبث من نصف الكرة الجنوبي لا تؤمن إلا بالكذب والتزوير والفرقة والفتنة ولهذا يجب عليها أن تلعب بعيدا عن أولئك العظماء الذين يملكون قلوب الشعوب من خلال الحب والوفاء والإخلاص وكما قال (كزين): إن عظماء الرجال يلخصون الإنسانية ويمثلونها. ولا ننسى أن المزايا والخصال التي توافرت في سموه جعلته إنساناً استثنائيا في هذا الزمن، ملء السمع والبصر، لم تنسه مسؤولياته في الإدارة والإصلاح الجوانب الإنسانية، فهذا يحتاج إلى علاج، وذلك يحتاج إلى سكن، وآخر يحتاج إلى تسديد ديون، وهذه إدارة تحتاج إلى تطوير ومعدات، وهذه مشكلة تحتاج إلى حل، المنصب عنده أداة للإبداع، والجاه عنده تواضع وسمو أخلاقي، واحتواء لأولئك المسحوقين بطاحونة الأيام، والمال عنده وسيلة لمسح الآهات الحرّى من دموع النازفين من أنياب المصائب، فكم من مليارات الريالات التي دفعها لعتق الرقاب وسداد الديون، يشهد على ذلك الله والملائكة والناس أجمعين. فهو أخ للكبير، ووالد للصغير، وكافل لليتيم، آسى المنكوبين، وضمد جرح المكلومين، وأغاث الملهوف، وأعان على نوائب الدهر، لا يعرف السأم، شهد له كل من ناقشه في شأن من شؤون الفكر والثقافة والسياسة، خطب في المحافل الدولية، فأجاد، وتكلم فوق المنابر، فحسدنا عليه أرباب الثقافة، رئيس لكثير من الجمعيات الخيرية وجمعيات تحفيظ القرآن واللجان الخاصة بجمع التبرعات للمسلمين في فلسطين وكشمير والبوسنة والهرسك والشيشان، يملك عقلية فذة لا يقعقع لها بالشنان، وقلبا طاهراً لا قوله الأدران، يتميز بكرم محتده، وسمو أريحيته، والإرث الملكي منذ قرون، كل ذلك يأبى عليه عقاب تلك الرؤوس التي أينعت وحان قطافها، فيغمرها بعفوه مع قدرته على العقاب، ويمارس في لذة فريدة مع نفسه فضيلة التسامح مع الجميع, قوي من غير قسوة، شريف يعلو على الصغائر، حكيم تربع على عرش العقل، أمير يملك القلوب، له صفحات مضيئة من خصال الرجولة والإنسانية والمواقف ما يعجز الوصف عنه، نعلم جزءاً من ذلك، والنصيب الأوفر لا يعلمه إلا الله وصاحب الموقف. ومع هذا أبت قناة الجزيرة إلا أن تمارس عادتها في الكذب والتزوير، والتوشيه في بثها خبراً قبل سنتين تزعم فيه أن الأمير سلمان بن عبدالعزيز قدم 50,000 جنيه إسترليني لمن يقتل أسامة بن لادن ثم أعادته مرة أخرى، ونذكر هنا أمرين: أحدهما: أن إنكار قيادة المملكة هذا الزعم دليل على أنه كذب وافتراء لأننا نعرف أن قيادتنا صريحة في مواقفها ولن تتخلى عن سياستها الثابتة مهما كان الثمن لقناعتها بما يصدر عنها. والآخر: أن الأمير سلمان حفظه الله عنده من المسؤوليات والجوانب الإنسانية ما يشغله عن هذه الصغائر التي لا تمثل لنا في هذا الوطن الشامخ شيئاً,. ولم تدرك القناة أن أسامة نكرة في هذا الوطن الشامخ الذي قدم له الجنسية والتراب والثروة والأمن، وأبى إلا أن يكفر بتلك النعم، ونسوا أنه حافظ على مصلحة الغرب أيام الصراع الأفغاني السوفيتي بحصوله على دعم أمريكي غير محدود، ونسوا منهجه التكفيري الذي رسمه لنفسه، ونسوا أيضاً أن أمريكا التي خضع أمامها سنين طويلة قد وعدت بالحفاظ على سرية من يساعدها في اعتقال أسامة بن لادن أو حتى اغتياله بعد الاعتداء على سفارتيها، ووعدت بخمسة ملايين دولار أمريكي وحق اللجوء السياسي في الولاياتالمتحدةالأمريكية لمن يساعدها في اعتقاله أو اغتياله ولو قارنت قناة الجزيرة بين 50,000 جنيه إسترليني 250 ألف ريال ، و5 ملايين دولار 18 مليون ريال قبل بثها الخبر المفترى لتأكدت أن العرض الأمريكي لا يعقبه عرض آخر. والحقيقة المرة أن توقيت نشر هذا الخبر له دوره في خدمة الصهيونية، والدليل على ذلك أمران: أحدهما: أن قناة الجزيرة بنت غير شرعية لقناة البي بي سي البريطانية فكثير من المذيعين في قناة الجزيرة تدربوا في قناتهم الأم ولا يخفى على أحد ما لهذه القناة من دور في خدمة الصهيونية العالمية. والآخر: أن بث هذا الخبر قد جاء بعد أن حملت الإدارة الأمريكية فشل مفاوضات كامب ديفيد 2 المملكة العربية السعودية ومصر، لأنهما قدمتا دعما غير محدود للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في سبيل التمسك بالقدس عاصمة لفلسطين العربية. وسنقف مع تناقض الواقع وسياسة القناة الإعلامية التي نشرت على لسان المذيع فيصل القاسم في صحيفة الجريدة. 1 قال: ولم يبق هناك وصف إلا وصفت به، فأنا اليوم أصولي، وفي اليوم التالي علماني، وفي اليوم الذي يليه إسلامي، ثم وقح وهكذا,, والعجب أن من يحمل الجنسية البريطانية يتحدث عن قضايا الأمة العربية والإسلامية من خلال هويته المفقودة، ويتعرض لرموزها بالكذب والافتراء. 2 قال: نحن في قناة الجزيرة لا نعمل بالطريقة البوليسية الاستخبارية التي تعمل بها وسائل الإعلام العربية الحكومية، نحن وسيلة إعلام غير موجهة بالطريقة التقليدية، فلنا خطوط عامة وشعار نسير بهديه، وهو الرأي والرأي الآخر بما يلازم ذلك من دقة وموضوعية . وأي خطوط وشعار ودقة وموضوعية فيما تبثه في هذه القناة التي أحرجت دولة قطر كثيراً في تمويلها هذا المشروع الذي زاد من تشتت العرب وتفرقهم. 3 قال: ولكن المشكلة مشكلة الأنظمة العربية التي لم تسمع غير صوتها منذ خمسين عاماً، فهي اعتادت على سياسات إعلامية تضليلية تزويرية تزميرية تطبيلية للحكام الذين يمقتون أي صوت يعارضهم أو يفضح عوراتهم لهذا فهم يجدون في وسيلة إعلام حرة ومحترمة مثل قناة الجزيرة خطراً عليهم . سبحان الله ماذا تسمي تطبيلك للنظام العراقي وغيره من المتطرفين المارقين عن الإسلام كما يمرق السهم من الرمية. 4 قال: ولكن في خطوطنا الحمراء لا يمكن أن نتعرض بأي حال من الأحوال للثوابت . وماذا تسمي هجومك على ثوابت أهل الخليج الاجتماعية والسياسية والدينية من خلال برامج القناة. 5 قال: البرنامج (الاتجاه المعاكس) عبارة عن ملاكمة ثقافية وسياسية وفكرية، وكما هو الحال في المباريات الرياضية، فهناك دائماً غالب ومغلوب أو مباريات تنتهي بالتعادل . وأي استخفاف بعقلية العربي حينما يكون برنامجك الثقافي بهذا المستوى من الطرح والملاكمة يؤكد ذلك أيضاً قولك: عندما يكون لديك ضيفان أحدهما يهاجم والثاني لا يستطيع أن يرد أنت كمشاهد لا تستمتع بهذه المباراة غير المتكافئة . ومن الأصداء التي واكبت هذا الافتراء مقال للأستاذ وليد أبو الظهر في مجلة الوطن العربي العدد 1223، الجمعة 8/1/2000 قال فيه: نحن نعرف, وكل مواطن عربي يعرف,, وكل مسلم يعرف أن تلفزيون (الجزيرة) خرج من رحم الBBC ونحن نعرف وكل مواطن عربي يعرف وكل مسلم يعرف أين يتدرب كل مذيعي (الجزيرة) وكل محرري (الجزيرة) وكل العاملين فيها, ونحن نعرف وكل مواطن عربي يعرف وكل مسلم يعرف من يوجه وكيف يتم التوجيه في هذه المحطة, ونحن نعرف ما في الصدور من نوايا مبيتة ضد الأمير سلمان فالمسألة ليست خبرا كاذبا ومفبركا أذيع وانتهى الأمر، قبل ذلك بكثير، لدينا معلومات عن حقد دفين,, يضمر شيئاً للأمير سلمان بالذات والسبب ليس الأمير سلمان نفسه، أو موقفا اتخذه، بل حقد وحسد وغيرة لا تكون إلا في نفوس مريضة,ولكن مهما علا صوت (الجزيرة) فإن الجزيرة لا تستطيع أن تكبر عن حجمها وتتفوق على حدودها، قد تلقي حجرا في ماء، ولكن الماء يظل ماء,, ويغرق الحجر في قاعه,والسعودية دفعت دائماً بثمن دعمها لقضايا العرب والمسلمين, وستظل تدفع الثمن، والسعودية دفعت الثمن في سبيل إعلاء كلمة العرب والمسلمين,, وهي مستعدة للاستمرار في دفع هذا الثمن، وهي مستعدة أن تضحي بالغالي والنفيس في سبيل القدس الحرة عاصمة فلسطين المستقلة وذات السيادة الكاملة. ومن هنا تكتشف السبب, وما على القارئ إلا اللجوء إلى البوصلة,, ليدرك أن الحملات ضد السعودية مرتبطة دائماً بمواقف اتخذتها السعودية, عندما تسعى السعودية لجمع كلمة العرب, وعندما تدافع عن عروبة القدس ومكانتها الإسلامية, وعندما تدافع عن الحق العربي,, وعندما تقف بصلابة للدفاع عن المسلمين من البوسنة إلى أفغانستان, وفي كل مناسبة تخرج الحملات المشبوهة محاولة تشويه الصورة السعودية,وتبقى ملاحظة بسيطة لكنها ذات دلالة, وهي أنه لم يعرف عن السعودية لا في الماضي البعيد ولا في الماضي القريب أنها لجأت إلى هذا الأسلوب في التعامل كالذي زعمه الخبر الذي أذاعته (الجزيرة) بل لم يعرف عنها لا في الماضي البعيد ولا في الماضي القريب أنها دخلت في مهاترات كلامية مع أي أحد, ولم ترد على الحملات الإعلامية بحملات إعلامية. وإذا ما تعرض أحد للسعودية فكل ما تفعله أنها تتجاهله كأنه لم يكن، لا تتعامل معه لا سلبا ولا إيجابا وتكتفي ببلاغة الصمت عن عبث اللغو والكلام، تعمل بصمت وتصمت عن الإساءة على أدب الكبار الذين تدل أفعالهم عليهم لا أقاويلهم. وستظل السعودية منبرا مشعاً، وحصنا حصيناً، للحقوق العربية والحقوق الإسلامية، وستظل قلعة الإسلام منها تنطلق قوافل الخير إلى كل مكان، ومنها تنبثق أنوار الحق والخير والفضيلة. ولا يعيب الشجرة الباسقة المثمرة أن يلقيها صبية بالحجارة. تبقى أسئلة نأمل بأن يجيبنا أحد عنها: ماذا جنت قناة الجزيرة من هذا الأسلوب الاستفزازي؟ ماذا جنت قطر من تبني سياسة تحريضية؟ بل نسأل ماذا فعلت قطر لأمتها الإسلامية والعربية ولمنطقتها الخليجية؟ ماذا فعلت لدعم الحق الفلسطيني,, ماذا قدمت لمساعدة أمتها الإسلامية؟ نبحث ونفتش فلا نجد سوى الكلام، ولا نكتشف إلا أفعالا ضد الأمتين العربية والإسلامية وضد المحيط الخليجي. وغضبت جريدة الوطن القطرية وزمجرت من المقال السابق، ورد خليفة الحسيني في مقال (وليد أحدب روتردام) المنشور فيها يوم السبت 19/8/2000 وقال فيه: بكل درجات الانفعال والتشنج بدأ المدعو وليد أبو ظهر زعيم الأفاقين المارقين هجومه على قطر وقيادتها مصوبا سهامه المسمومة بالحقد والكراهية، ولكل ما تمثله العروبة ويتضمنه الإسلام. إن سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز شخصية يقدرها الجميع وله في قطر قيادة وشعبا كل الحب والتقدير,, إن الأمير سلمان بن عبدالعزيز رجل من صلب رجل ومن المؤكد أنك لن تستطيع تمرير ألاعيبك وتهريجك المفلس من خلال كلمات يستحي أن يقولها إلا الوضيع من أمثالك ومسح الجوخ والتملق لا يتقبلها إلا من هم على شاكلتك النكرة. وسمو الأمير سلمان أذكى ألف مرة من أن تفوته كلمات دس فيه السم بالعسل، ومن من؟ من وليد أبو ظهر، جامع النفايات والنقوط في حفلات المجون التي تديرها سبلة مجلة الوطن العربي، من على صفحاتها وحتى خلف الأبواب المغلقة, أما فيما يخص قناة الجزيرة فصوتها أقوى من أن تسكته طلقات مدفعك الفشنك ولكي تدرك مدى قوتها وبروزها على الساحة الإعلامية العربية والذي أشعل نار الغيرة لدى الكثيرين وأهدروا أموالهم على من هم على شاكلتك وتبخرت دولاراتهم كما تتبخر من على الموائد الخضراء وتطايرت مع أول هبة سموم. إن الجزيرة صوت قوي ومؤثر وكلماتك المقززة لن تؤخر من صدارتها للجميع ويكفي أن نسبة الإعلان القادمة من السعودية بالذات وعلى رأسها إعلان مشروع الأمير عبدالله تحتل حيزا كبيرا من خارطة الإعلان لدى الجزيرة, فهل تجد تفسيرا لذلك أشك في مقدرتك لتتبين الخيط الأبيض من الأسود وما جاء في مقالتك الصماء استهانة بعقول العرب واستخفاف بعقول المسلمين، وقد أثبت كذلك أن التفاهة صنعة وأن الخداع صنعة وأن الكذب صنعة، وقيل في الأمثال الشعبية المصرية صاحب الصنعتين كذاب فما بالك بصاحب الثلاث صنعات يا أحدب روتردام . سبحان الله العظيم، لماذا كل هذا الغضب والحساسية من المقالة السابقة التي يدافع صاحبها عن الحق إذ أثبت كذب افتراء قناة الجزيرة، أليس الذي يغضبكم يا أشقاءنا يغضبنا، والذي يثيركم يثيرنا، فنحن كذلك تعرضنا من قناة الجزيرة لبث أكاذيب واباطيل تمس ثوابتنا السياسية والإنسانية, ألا يحق لنا أن نغضب كما غضبتم, ألا يعد ذلك استخفافا بعقول العرب وإهانة لعقول المسلمين؟! وهل نسيتم المادة (16) و(17) من نظام الصحافة والإعلام التي تجيز الحبس أو الغرامة أو إحدى مادتي العقوبتين إذا نشرت المطبوعة الصحيفة مقالاً أو خبراً تضمن معلومات كاذبة أو مغلوطة تمس المصلحة العامة أو إذا نشرت المطبوعة مقالاً أو خبراً تضمن تعريضاً أو تشهيراً إلى شخص معين طبيعي أو معنوي والمادة (23): يجوز في الأحوال الاستثنائية التي تتطلب فيها المصلحة العامة اتخاذ تدابير عاجلة وقف إصدار المطبوعة الصحفية لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر . وإليكم اعتراف رئيس تحرير صحيفة الوطن الأستاذ أحمد علي بضرر قناة الجزيرة إذ يقول: كيف نحدد مفهوم المصلحة العامة؟ وهل سيتم تطبيق عقوبة السجن على بعض العاملين في قناة الجزيرة عندما يتجاوزون الحدود ويمسون المصلحة العامة ويعرضون مصالح قطر الخارجية وعلاقاتها مع الأشقاء والأصدقاء للضرر خصوصاً أن الجزيرة تبث برامجها من قبل الدوحة وينبغي أن تلتزم بقوانينها الإعلامية . وأخيراً ستبقى الشقيقة قطر في قلوبنا تحت ظل كيان دول مجلس التعاون الخليجي، ولا ننسى موقفها في معركة الخفجي الخالدة، فالمصلحة واحدة والمستقبل واحد أكبر من قناة الجزيرة وأكاذيبها. والذي أرجوه من المسلمين عامة أن يستحضروا حادثة الإفك التي تعرضت لها أمنا عائشة الطاهرة رضي الله عنها، ويستفيدوا من تفسير قوله تعالى: لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفك مبين . والله من وراء القصد.