بعد أن تعرفنا في المقال الأول على مفهوم إدارة الجودة الشاملة وأهدافها وعناصرها، فانه من المناسب أن نتطرق في هذا المقال الى الجودة الشاملة في الأجهزة والمؤسسات الحكومية؟ وما مراحل تطبيق الجودة الشاملة ومتطلباتها؟ والنتائج المتوقعة من عمليات التطبيق الفعالة. ان أهداف الجودة الشاملة وتطبيقاتها تشمل مجالات عدة تنعكس نتائجها في حدوث تغيير في جودة الأداء، وتطوير أساليب العمل، والرفع من مهارات العاملين وقدراتهم، وتحسين بيئة العمل، والحرص على بناء وتعزيز العلاقات الانسانية، وكسر الجمود الفكري، وتقوية الولاء للعمل والجهاز، والتشجيع على المشاركة في كل أنشطة الجهاز, كما أنها ترمي الى تقليل اجراءات العمل واختصارها من حيث المدة الزمنية والتكلفة المادية, ولاشك أن من متطلبات العمل وفق مفاهيم إدارة الجودة الشاملة هو أهمية مراجعة النمط الإداري المتبع في الجهاز، بحيث يكون أسلوب الإدارة قائما على المشاركة ومنح الصلاحيات وفق حاجة العمل وتبني الأفكار النيرة والعمل على التخلص من بعض الإجراءات الإدارية التي تعيق إنجاز العمل، ومنها على سبيل المثال المركزية، ضعف الحماس والدعم لخطط التحسين والتطوير، وعدم الاهتمام بتحديث القواعد والاجراءات والهياكل الإدارية حتى تواكب متغيرات العصر وحاجة العمل والعاملين والمستفيدين منه. والجودة الشاملة من هذا المنطلق تهدف الى القيام بتنفيذ الأعمال بالشكل الصحيح ومنع الهدر المادي والزمني والذهني، والجودة لا تشمل فقط جودة المنتج أو الخدمة المقدمة للمستفيد، بل انها تمتد لتشمل جودة المعلومات، وجودة الأفراد من حيث وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وجودة الإجراءات وملاءمتها لاحتياج العمل والجهاز وجودة الاشراف والإدارة القيادة الإدارية الفاعلة وجودة توفر بيئة عمل سليمة ومحفزة. لاشك أن نجاح تطبيق أي برنامج تطويري لابد وأن يكون وفق اسلوب علمي متدرج، بحيث يراعي في ذلك الامكانات البشرية والمادية ونطاق التطبيق الميداني، وتطبيق مفاهيم إدارة الجودة الشاملة يحتاج أن يكون وفق عدة مراحل من حيث نطاق التطبيق ، والزمن والامكانات البشرية والمادية، فمن حيث النطاق فلابد أن يتم البدء أولا في إدارة أو قسم بحاجة الى التحسين في اساليب العمل والاجراءات، ويتم تخصيص مدة زمنية لتنفيذ برنامج الجودة في هذا القسم وهذا من خلال فريق الجودة الشاملة، الذي يقوم أولا بالتعرف على العوائق وحصرها وترتيب المشكلات وتحديد أولويات التنفيذ التي يرون انها أكثر أهمية ومن ثم وضع البرامج الزمنية للتنفيذ. ومن مسئوليات فرق الجودة الشاملة في الجهاز القيام أولا بالمراجعة والتقييم لما تم تطبيقه في ذلك القسم وتحديد الايجابيات والعمل على تعزيزها والتعرف على السلبيات والعمل على تلافيها, وتتمثل المرحلة الثانية من برنامج الجودة الشاملة للجهاز في الانتقال الى إدارة أخرى بحاجة الى التطوير، ويتم اتباع المنهج نفسه والأدوات نفسها من قبل فريق الجودة، وربما تبرز الحاجة الى وجود أكثر من فريق للجودة ليتولى كل فريق تنفيذ مرحلة من المراحل. يستمر فريق الجودة الشاملة القيام بعمليات التطبيق على باقي إدارات الجهاز وعلى مستوى عمليات الإدارة الواحدة وبمشاركة العاملين رؤساء ومرؤوسين لأنهم أقرب الناس ارتباطا بالعمل وبالتالي يستطيعون التعرف على مواطن الضعف ذات العلاقة بأعمالهم والمشاركة في تقديم المقترحات والرؤى التطويرية لفرق الجودة الشاملة. من أجل تطبيق سليم لمفهوم الجودة الشاملة لابد من توفر بعض المتطلبات ومنها: توفير معلومات متكاملة عن مفاهيم وعناصر وأهداف الجودة الشاملة، بحيث تكون في متناول أيدي مديري الإدارات والأقسام أي زيادة الوعي بالمفاهيم الأساسية للجودة الشاملة وربما يدخل ضمن ذلك إقامة الندوات والمحاضرات في الجهاز نفسه وأيضا الحث على المشاركة والحضور للندوات ذات العلاقة في أماكن أخرى. التعريف بأهمية العمل بروح الفريق الواحد من خلال حلقة عملية تعقد لمديري الإدارات دراسة موضوع محدد ومناقشته, ومن ايجابيات هذا الأسلوب تبادل الأفكار والمعلومات والخبرات وتلاقحها المبني إلى الصراحة وبالتالي الوصول إلى اجماع على الموضوع محل البحث. تحديد أفراد فريق الجودة الشاملة بحيث لا يقل عن خمسة أشخاص ولا يزيد عن ثمانية، وعلى أن يتشكلوا ممن لديهم القدرة والرغبة على التطوير والعمل بروح الفريق الواحد. تحديد منسق فريق الجودة الشاملة وعلى أن يكون من ذوي المهارات والقدرات الإدارية وأن يتصف بمهارة الاتصال وتكوين العلاقات. اعداد دورات قصيرة لمديري الإدارات لتوضيح أهمية الجودة الشاملة واهدافها وعناصرها وكيفية تحقيقها من خلال العمل الجماعي. وضوح أهداف الجهاز وخططه لكافة العاملين وكذلك أهمية أن يعرف كل فرد في الجهاز ما المطلوب منه بشكل واضح ومفهوم. من الضروري تدريب العاملين على مفاهيم الجودة واساسياتها ومتطلباتها من المهارات والمعارف والخصائص القيادية داخل وخارج المملكة. تهيئة العاملين على تقبل التغيير والتحديث في أسلوب العمل واجراءاته من واقع ما يقدمونه من أفكار ومقترحات مع الأخذ بعين الاعتبار عدم التقليل من قيمة ما يقدمونه من أفكار وأعمال تطويرية. الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات المراجعين والعاملين ومقترحاتهم والاستماع اليهم لأن ذلك يعد من مصادر التطوير الذي يحسن أن تلتزم به فرق الجودة الشاملة في برامجها التطويرية وهذا يتوجب على الجهاز توفير صناديق الاقتراحات وتصميم بعض الاستبانات لمعرفة آراء ومقترحات جمهور المستفيدين. أهمية اعداد دليل ارشادي يوضح متطلبات الجودة الشاملة واهدافها وأساليبها وادوات تطبيق مفاهيمها وأهداف إدارة الجودة الشاملة لكي يكون في متناول كافة العاملين في المستويات الإدارية المختلفة. وبعد القناعة بمفهوم إدارة الجودة الشاملة وتوفير جميع متطلباتها المعنوية والبشرية والمادية ومجالات تطبيقها على أكمل وجه، فإن من الممكن الوصول الى النتائج التالية: توفير بيئة عمل تشجع على الابتكار وزيادة معدلات الاداء الجيد وكذلك التشجيع على طرح الأفكار والرؤى التطويرية لتحسين إجراءات العمل وتطويرها. ارتفاع معدلات الرضاء الوظيفي بين العاملين وهذا من خلال تحفيز العاملين والاهتمام باحتياجاتهم ومطالبهم وكذلك ترتفع معدلات الرضاء الوظيفي بين جمهور المستفيدين. اختصار الوقت والروتين في انجاز الأعمال. تطوير وتبسيط إجراءات العمل واختصارها. سهولة قياس أداء العاملين وفق معايير واضحة. التشجيع على أسلوب العمل بروح الفريق الواحد والمسئولية الجماعية. التشجيع على اتخاذ القرارات بالتشاور مما يجعلها أكثر عقلانية ونضجا لكي تجد قبولا اكثر عند التطبيق. تحقيق الفعالية والكفاءة في كافة أعمال الجهاز ومهماته وعلى أفضل مستوى من الانجاز. خفض تكاليف مراحل اعداد الخطط والمشاريع وعملياتها وغير ذلك من حيث الوقت والتكلفة المادية والبشرية والموارد الأخرى. ارتفاع معدلات الولاء الوظيفي بين العاملين في الجهاز. التشجيع على الحوار والمناقشة البناءة وزيادة فاعلية الاتصال الأفقي بين إدارات الجهاز وتنمية المهارات وتطويرها من أجل الوصول للقرارات الخاصة بذلك. * مدير إدارة الدراسات بمجلس الشورى. alshammarih @ ayna.com ص, ب 45703 الرياض 11522