تحتل مفاهيم واهداف إدارة الجودة الشاملة أهمية خاصة في عمليات التصنيع والانتاج والخدمات، وامتد هذا الاهتمام ليشمل اعمال الأجهزة الحكومية وحاجتها الى اعادة تحديث أنظمتها وهياكلها التنظيمية كي تتوافق مع متطلبات وتحديات العصر الذي نعيشه بسبب الزيادة الكبيرة الى خدمات هذه الأجهزة من قبل جمهور المستفيدين, أن الهدف من هذا المقال هو دعوة القياديين في الأجهزة والمؤسسات الحكومية للاستفادة من دروس إدارة الجودة الشاملة المقدمة من العلماء والمفكرين والتي من شأنها شحذ الذهن والهمم من أجل إيجاد بيئة عمل محفزة ومنتجة، تساعد على تحسين الأداء واختصار الوقت والجهد وتبسيط الاجراءات لكافة العمليات اليومية، ولاشك أن هناك الكثير من الجهود المبذولة من قبل المهتمين حول هذا الموضوع ولكن حرص كاتب هذا المقال على المشاركة المتواضعة والافادة من تجارب الآخرين وعرضها بشكل مختصر ومفيد، مؤملاً إن شاء الله أن تساعد القياديين والعاملين في الأجهزة الحكومية على إدراك مفهوم وتطبيقات إدارة الجودة الشاملة وتكثيف البرامج التدريبية التي تساعد على تفهم هذا التوجه الحديث في الادارة. ويرى ديمنج Deming E. وهو المؤسس الأول لإدارة الجودة الشاملة ان تقليل الأخطاء والعمل على تلافيها بشكل مستمر في الأعمال والعمليات الادارية اليومية، والتحسن المستمر في الأداء هو ما ترمي إليه تطبيقات الجودة الشاملة، وأيضاً من اهداف إدارة الجودة الشاملة تلبية احتياجات المستفيد الحالية والمتوقعة ورفع معدلات الرضاء, ومن هنا يتضح أن منطلق الخدمات التي تقدمها الأجهزة والمؤسسات يكمن في مستوى جودة الخدمات المقدمة للمستفيدين, وبالتالي تأتي أهمية اعادة النظر في تقييم مستوى الخدمات المقدمة من الأجهزة ومدى تلبيتها لاحتياجات المستفيدين. كما ذكر ديمنج أن إدارة الجودة الشاملة تتطلب أن توجد داخل التنظيم الإداري وحدد رأيه فيها بأربع عشرة نقطة نذكر من أهمها: وجود الرغبة المتجددة في التطوير والتحسين. الالتزام الدائم للإدارة العليا في الجهاز بالبحث عن طرق لتحسين جودة الخدمات المقدمة. الاهتمام المستمر بالتدريب الفعال. الاهتمام المستمر بوجود قيادات إدارية مؤهلة. اشراك الجميع في منافسة من أجل التطوير والتحسين. التقليل من الشعارات والأهداف الجوفاء. أهمية وضع برنامج منظم للتطوير والتحسين. لقد حدد جوزيف وآخرون Joseph et.al مفهوم الجودة الشاملة بأنه صيغة تعاونية لانجاز العمل، وهذا التعاون مشترك بين الموظفين والإدارة من أجل تحقيق أعلى مستوى من الأداء والانتاجية وعلى أن تتوفر المهارات والقدرات المطلوبة لدى كل من العاملين والقياديين والعمل بروح الفريق الواحد. أن عنصر المشاركة الإدارية في إنجاز الأعمال، واتخاذ القرارات، والعمل بروح الفريق الواحد، هو ماترمي إليه مفاهيم إدارة الجودة الشاملة, ومن هنا تهدف إدارة الجودة الشاملة إلى محاولة التعرف على عوائق العمل ومواجهة مصدر المشكلة ومن ثم التخلص منها لتحسين الأداء بشكل صحيح، ولهذا فان الحاجة إلى تحسين وتطوير أساليب الأداء تنبع من حاجة بيئة العمل ومما يواجهه العاملون من مشاكل ومشقة في إنجاز الأعمال. ان إدارة الجودة الشاملة تتطلب توفر المعلومات الصحيحة كما تتطلب التزاما ودعما من أصحاب القرار في الجهاز من أجل احداث تغير إيجابي في أساليب العمل بالإضافة الى الصبر والكفاح من اجل تحقيق أهداف الجودة الشاملة ومبادئها. لذا فان إدارة الجودة الشاملة تشمل أيضاً الوفاء بمتطلبات طالب الخدمة كماً ونوعاً وتقديمها له بشكل مرضٍ وموثوق وشامل لكل العمليات الإدارية للجهاز، وهي أيضاً تهدف الى اختصار تلك العمليات والإبقاء فقط على الضروري منها وذلك بهدف تحسين الاجراءات وتطويرها ورفع كفاءة الأعمال ودقتها لأقصى درجة ممكنة. ان تطبيق مفاهيم إدارة الجودة الشاملة والاستمرار في تحسين مستوى الأداء يعد أمرا ليس بالمستحيل، إذ ان الأمر يتطلب من المسئولين الإداريين في تلك الأجهزة النزول الى أدنى مستويات السلم الوظيفي، وكذلك الاستماع الى من هم في الميدان والاخذ بعين الاعتبار ملاحظاتهم ومقترحاتهم وعدم الانفراد في اصدار القرارات بدون مشاركة العاملين, فالعاملون لهم دور كبير في حل مشاكل العمل والمشاركة في التحسين والتطوير من خلال العمل بمبدأ المشاركة من أجل التحسين. وتتلخص أهم عناصر الجودة الشاملة في النقاط الآتية: القناعة الصادقة من قبل الإدارة العليا بجدوى برامج إدارة الجودة الشاملة والالتزام الحقيقي بمبادئها وأهدافها وتطبيقاتها وكذلك الدعم المعنوي والمادي لبرامج الجودة الشاملة ومتطلبات آليات التنفيذ واحتياجاتها لكل برنامج. الدعم المستمر من قبل الإدارة العليا لتطوير معدلات الأداء وتحسينها كماً نوعاً وفي كافة مجالات عمل الجهاز. الرغبة الأكيدة في تبني أسلوب العمل بروح الفريق الواحد وتعزيز العلاقات التعاونية بين الإدارات والأقسام، والعمل على بناء علاقات انسانية ايجابية بين العاملين. التركيز على معالجة مشاكل العمل في وقتها وعدم التردد محافظة على الوقت وهذا من خلال فرق عمل مشتركة. أهمية تقدير جهود العاملين وافكارهم من خلال اشراكهم في خطط تطوير العمل وبرامجه وتفعيل اساليبه والعمل على تحفيزهم وتحسين مستوياتهم الوظيفية. ضرورة توفر الكفاءات المتخصصة للقيام بإدارة برامج الجودة الشاملة. المتابعة والتقييم لمعرفة ماتم إنجازه وهل تحقق مانريده؟ وأين نحن من ذلك؟ وتصحيح أي قصور لتلافي ذلك مستقبلا وكذا تعزيز المخرجات الايجابية لبرامج الجودة الشاملة وعلى أن تكون برامج المتابعة والتقييم شاملة ومستمرة. بناء استراتيجية واضحة وملتزمة بمبادئ الجودة الشاملة للجهاز المراد تطوير مستوى الاداء فيه وتحسين الانجاز للوصول الى التميز الشامل لكل مدخلات الجهاز ومخرجاته. أهمية وجود قاعدة معلومات عن العاملين في الجهاز تتضمن قياس معدلات التحسن والتطوير وعلى كافة المستويات ليتسنى عمل المقارنات والتحليلات. تعد المداومة على التطوير من العناصر الأساسية لنجاح إدارة الجودة الشاملة وهذا بهدف تعزيز الايجابيات في كافة العمليات والأنماط الإدارية وذلك لتلافي أوجه القصور في مستوى الأداء. * مدير إدارة الدراسات بمجلس الشورى. alshammarih @ ayna.com ص ب 45703 الرياض 11522