أحمد الله حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه وصلاة وسلاما على صفوة انبيائه. تحيط الدنيا الانسان بكل ما فطرت عليه قوة وضعفا ومرضاوصحة وغنى وفقرا وسرورا وحزنا وضحكا وبكاء شبابا وشيبة وحياة وموتا. ويكون الانسان بين هذه وتلك,, والله يصرف الأمور كيف يشاء. يولد الانسان فيقابل الدنيا بدموعه وبكائه كأنه على علم بما يلقاه في هذه الدنيا من كرب ونكد وفرقة ومرض وضعف وشدة وعناء. بما تؤذن الدنيا به من صروفها يكون بكاء الطفل ساعة يولد وإلا فما يبكيه منها وإنها لأوسع مما كان فيه وارغد ويعيش الانسان وهو يصارع الحياة تحت مظلة المشيئة الربانية ويذوق من الدنيا حلوها ومرها وتسره قليلاً وتخزنه كثيراً. لكل شيء اذا ما تم نقصان فلا يغر يطيب العيش انسان هي الامور كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان وهذه الدار لا تبقي على احد ولا يدوم على حال بها شان وإن وطآتها كثيرة وانها لعظيمة وان من اعظم مصائبها فراق الوالدين وخصوصا اذا كانا عونا على طاعة الله وعونا على طاعتهما,, واذا كانا نموذجين متفردين في هذه الحياة في حسن المعاملة وتمام الرعاية وطيب النفس وتواصل الدعاء وصدق المحبة,, الخ. والله المستعان على فراقهما,, ان فراقهما لحدث جلل ومصاب عظيم وحزن الابد وطول الالم وحسرة لا تنقطع فهما الظل الظليل والخير المديد والدعاء الموصول بالمساء والرحمة الدافئة المطمئنة. ان فراقهما يغير حياة الانسان فيبدل امنه خوفا وراحته قلقا ويغير أطر حياته وينزع منه الاستقرار ويفرق بينه وبين الطمأنينة ويفصل بينه وبين دعواتهما الصالحات ويجد فراغا مزعجا يقصيه عن الحنان ويبقيه في حياة مرتعدة مرتعشة مهزوزة بل وباختصار لقد فقد الحياة وهو حي وشعر بفراق الدنيا واقتراب الآخرة,, هذه قابلتها بحق بعد فراق والدي عفا الله عنهما اذ اصبحت بعد فراقهما لا اجد في الحياة شيئا ارتاح له او اسعد به من متاع الدنيا فانا لله وانا إليه راجعون ولا حول ولا قوة الا بالله العظيم واني لارجو ان اكون من الصابرين المحتسبين. لقد توفي والدي غفر الله له وجزاه جنة عرضها السموات والارض قبل ثلاث سنوات فاهتز كياني وانهد ركني وبدت وحشتي وهانت حياتي علي,, لكنني وجدت في والدتي ما خفف مصابي وقلل من معاناتي,, ثم كانت ارادة الله فتوفيت والدتي قبل ايام اسكنها الله من جناته الفردوس الاعلى فقصم فراقها ظهري وتضاعف المي واشتد حزني وازداد كربي وتهاوت جميع اركان حياتي فانقطعت دعوات الوالدين وذهب انس الوالدين وانطوى عطف الوالدين وغابت شفقة الوالدين وافل حسن الرعاية وصدق التوجيه وزال الامان الذي كنت اشعر به مع وجودهما وفني الحضن الدافىء الذي عشت فيه صغيرا وكبيرا,, وهذا غيض من فيض مما يختلج في نفسي واجد له وجيفا بين جوانحي,, ،الحمد لله. أخرج من بيتي وهما يدعيان لي واعود وهما يدعيان وكثيرا ما يرددان اذا راياني (فديت من ريت اذا ريته تسليت) كلمة لها في نفسي صدى يبقى حياة لي مع حياتي. أين دعاؤهما لي ولاولادي بالتوفيق والعون والحفظ,, و,, و,, الخ. (مفدية غير امي كذابة) وأنا مع كل ما القاه اقول انا لله وانا اليه راجعون ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. لا يعرف الضيم الا من يكابده ولا الصبابة الا من يعانيها ان ما في النفس اجل من ان يوصف وفوق ان يدرك فالحمد لله على قضائه وقدره. اللهم فاطر السموات والارض عالم الغيب والشهادة الحي القيوم الرحمن الرحيم السميع المجيب انزل على والدي شآبيب رحمتك وعاجل فضلك وغدق احسانك. اللهم تقبلهما قبولا حسنا واجعل قبريهما روضتين من رياض الجنة واجمعني بهما في مستقر رحمتك اللهم بل ثراهما بصيب رضوانك اللهم هب لهما من نورك الذي لا يخبو اواره نورا يتواصل معهما حتى يأويان فردوسك وهب لهما من فضلك الذي لا ينضب معينه فضلا يبلغهما رضاك ويوصلهما منزلة الصديقين والشهداء والصالحين وبيض اللهم وجيهيهما يوم تبيض وجوه وتسود وجوه واروهما من حوض نبيك المصطفى واظلهما تحت عرشك يوم لا ظل الا ظلك وارحمهما رحمة تغنيهما عن رحمة من سواك وسعهما برحمتك التي وسعت كل شيء,, والحمد لله على كل حال. بكيت على امي بدمع وبالدم وقد كنت قبل اليوم انعاك يا ابي وفي هذه الايام ابكيكما سوا فقد كنتما روحي وعيني ومكسبي سأبكيكما ما ناح في الليل نائح وما ردد المخزون في قوله ابي فما نظرت عيناي اما ولا ابا يساويكما في الخير والفضل يا ابي لقد أظلمت دنياي لما رحلتما وحل بداري الحزن والضيم يا ابي فوا حزنا لما فقدت احبتي ووا اسفي لما فقدتك يا ابي ووا المي لما وضعت الثرى ضحى على قبر امي بعد قبرك يا ابي لقد كنتما حصنا حصينا اروده فأمسيت لا امي الحنون ولا ابي تطاول ليلي بعد فرقي احبتي وبت مع الآهات والسهد يا ابي يقولون قد ناديتها اسرعي الي كما تحكي الرؤيا ايا سيدي ابي قلبت نداء الخير صبحا فليتها اصاخت ولم تسمع نداءك يا ابي الى الله اشكو ان احل بمنزل تفارقه امي ويتركه ابي بفقدكما ودعت روحي وراحتي واصبحت ظلا بعد ظلك يا ابي كفى حزنا تركي لامي وحيدة وألحفتها لحدا بجنبك يا ابي فيا غارة الرحمن حثي وسارعي وروي ثرى امي واهمي على ابي ألا ليت شعري هل تقر عيوننا بمرآك يا امي ومرآك يا ابي وهل اقفن يوما بعدن مناديا فاسمع من امي الفداء ومن ابي اماني ازجيها لارحم راحم وفي رحمة الرحمن ابلاغها ابي وتبلغها امي التي في فعالها رأيت التقى والطهر والخير يا ابي سلام وريحان وروح وجنة تغطيك يا امي وتغشاك يا ابي وآخر دعوانا ان الحمد للذي قضى ما قضى فالحكم لله يا ابي عبدالخالق بن سليمان الحفظي
