غيب الموت عن دنيانا فقيد اليتامى والمعسرين.. بل فقيد الوطن والأمة، الطيب الذكر.. والمحمود السريرة.. المهندس محمود بن عبدالله طيبة نائب رئيس مجلس الشورى.. وبفقده افتقد الوطن رمزاً من رموز العطاء والبذل والإخلاص له ولقيادته ومواطنيه.. بل إن جمعيات رعاية اليتامى داخل المملكة وخارجها هي الأخرى ستشعر بتوقف ذلك المدد المادي الذي كان الفقيد بجهده وجاهه يمد به يديه إليها سواء من ماله الذي يجود به.. أو بذلك المال الذي بذل جاهه للحصول عليه إليها. لا شك أن مجلس الشورى.. رئيساً وأعضاء افتقدوا بوفاته عضواً مؤثراً في المجلس.. له بصماته المميزة فيما يتخذه المجلس من قرارات بذلك الفكر الناضج والعقل المتزن.. كما أن زملاءه في المجلس ومحبيه وعارفيه فقدوا برحيله أباً وأخاً وزميلاً دمث الخلق.. طيب المعشر.. صدوقاً في التعامل حفياً بالأصدقاء جم التواضع. أما روضة المسجد فإنها كذلك فقدت رجلاً تقياً صالحاً من المبادرين إليها استجابة للآذان (حي على الصلاة حي على الفلاح). أما الوطن وقيادته فإنها فقدت بانتقاله إلى الدار الأخرى مواطناً صالحاً.. أفنى زهرة شبابه.. بل وناضج فكره.. وخالص تجربته بما قدم لها من خدمات جليلة.. ولا سيما في حقل الكهرباء الذي كان له جهود مميزة مع زملاء آخرين حتى دخل النور لكل بيت في هذه المملكة القارة قاصيها ودانيها تنفيذاً للسياسة التي أقرتها الدولة وقيادتها الرشيدة. وهذا الرجل التقي النقي الصالح الذي ضرب المثل عالياً في طهارة العرض ونزاهة اليد.. يشهد لذلك موقفه الصارم واستنكاره الغاضب للملايين التي عرضت عليه رشوة من إحدى الشركات الكهربائية ليقر عقداً لتنفيذ بعض المشروعات.. مما جعل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- يشيد بموقفه هذا ويكافئه عليه. إننا يا أبا هاني لفقدك لآسفون.. ولفراقك لمحزونون.. ولكن عزاءنا أنك وأنت بهذه السيرة العطرة والذكر الجميل والشهادة لك ممن عرفوك بالفضل والسماحة والورع وفعل الخيرات وحب الآخرين وخدمة هذا الوطن.. كل ذلك يجعلنا نرجو -وهؤلاء من شهداء الله في أرضه- أن يتغمدك الله بواسع رحمته ويشملك بغفرانه.. وأن يرفع درجاتك في جنات النعيم في مقعد صدق عند مليك مقتدر.