عندما سئل الشيخ سلمان العودة في برنامج (الحياة كلمة) الذي تعرضه قناة MBC عن حكم قيام المسلم بوضع أمواله في حسابات إيداع بالبنوك ومن ثم صرف الفوائد العائدة في ربطها في تلك الحسابات على المحتاجين والفقراء والمشاريع الخيرية، أجاب بإجازة ذلك مؤكداً فضيلته بأهمية توجيه تلك الأرباح للمحتاجين لها من فقراء المسلمين والمشاريع الخيرية بدلاً من تركها للبنوك. هذه الفتوى الخيرة من فضيلة الشيخ سلمان العودة تجعلنا نتساءل عن السبب الذي يجعل غالبية المواطنين لدينا يضعون أموالهم في البنوك في حسابات جارية وذلك انطلاقاً من قناعتهم بحرمة الفوائد البنكية. إنني أتساءل عن السبب الذي يجعلنا نترك تلك الأموال للبنوك طالما أن هناك فتاوى من أهل العلم الشرعي تسمح لنا بتحويل تلك الفوائد وتوجيهها لمشاريع الخير وصرفها على الفقراء والمحتاجين، نعم لماذا نترك تلك الأموال ونسهم في تراكم الفوائد الربوية للبنوك ونحرم المحتاجين إليها طالما أن هناك فتاوى شرعية بتحليل ذلك. إننا عندما ننظر إلى الأرباح الربع سنوية التي تحققها البنوك في كل عام، فإننا ندرك بأنها تصل لآلاف الملايين من الريالات، الجانب المهم هو أن البنوك عندما تحقق تلك الأرباح العالية والمقدرة بالمليارات من الريالات كل ثلاثة أشهر فهي لم تحقق ذلك بناءً على تميز خدماتها، الحقيقة أن تحقيق تلك الأرباح من قبل البنوك يعود لعدة عوامل منها: 1 - أن غالبية المواطنين يضعون أموالهم في حسابات جارية في تلك البنوك ولا يتقاضون أي أرباح منها حرصاً منهم على عدم إدخال أموال ربوية محرمة في ذممهم. 2 - أن الدولة تقدم مختلف أنواع الدعم للبنوك ويأتي في مقدمة ذلك مكرر السوق البنكي في المملكة ولسنوات طويلة على عدد محدد من البنوك وعدم إتاحة الفرصة لغيرها بالترخيص على الرغم من ضخامة السوق السعودي. =3 - أن الدولة لا تفرض ضرائب عالية على البنوك في المملكة وذلك على غرار ما يتم فرضه على البنوك في الدول الأخرى. الحقيقة المرة أنه وعلى الرغم من تلك الأرباح الهائلة التي تحققها البنوك سنوياً والتي تأتي كنتيجة مباشرة لدعم الدولة والمواطن لتلك البنوك، إلا إننا نجد بأن البنوك تحجم عن الإسهام في مختلف المناشط الخيرية والتنموية والتي يمكن أن يستفيد منها المواطنون محدودو الدخل. لذا وخلاصة لما سبق واستناداً على الفتوى الشرعية التي تحلل للمسلم بأن يضع أمواله في حسابات توفير مع تحويل وإنفاق كافة أرباحها على الفقراء والمساكين وكذلك الجمعيات الخيرية، فإنني أتوجه بالنداء لكافة المواطنين والمقيمين بألا يتركوا تلك الأرباح للبنوك لتسهم في زيادة فوائدها الربوية، على أن يعملوا على توجيه كافة الأرباح التي تصرف لهم من قبل البنوك على المستحقين لها من الفقراء والمواطنين، فهم والله أحق من البنوك في تلك الأموال وأكثر حاجة لها.