تعدّ البنوك والمصارف في العالم العربي أحد أهم الأعمدة الأساسية لنماء المجتمع لكننا لا نراها تحقق ذلك المقصد حيث جعلت الأموال وفوائدها دولة بين الأغنياء، بحسب الخبراء والمراقبين في المجال الاقتصادي، حيث يتهم هؤلاء البنوك والمصارف بعدم إسهامها في إنشاء أوقاف خيرية، أو بناء مدارس أو مستشفيات، أو دور لإيواء العجزة والفقراء، أو حتى مشروعات طرق وحدائق، أسوة بما تنفذه بنوك وشركات في الدول المتقدمة، فمن المسؤول عن مثل هذا الأمر، ولماذا لا يتم تعزيز دور الرقابة الفعلية على البنوك من قبل الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة المالية ومؤسسات النقد الحكومية، حيث يؤكدّ كثير من الخبراء الاقتصاديين أنّ البنوك، لا يستطيع أحد الاقتراب منها، ومساءلتها عن أخطائها، حتى مؤسسات النقد تعجز عن ذلك؟، فما هي الخطوات الفعلية من أجل تعزيز دور البنوك وعلى رأسها الإسلامية منها في خدمة المجتمع والفقراء والمحتاجين، وكيف يمكن إجبارها لتعزيز الدور الإنساني عندها؟، تساؤلات تمّ طرحها من «الرسالة» في ظل التحقيق التالي. بداية يعتقد الأكاديمي والمفكر الإسلامي د.عبدالعزيز القنصل أنّ السبب في هذه الظاهرة يعود لعدم استشعار المسؤولية لدى صناع القرار في البنوك، وعدم إلزامها من قبل السلطات الحاكمة في البلدان العربية كي تقوم بإنشاء أو المساعدة في تأسيس البنية التحية للدولة، منوهًا الى أنّ البنوك في العالم العربي بالذات تحقق أرباحًا تفوق الخيال، لذا هي مهتمّة بسبب عدم الإلزام بجمع الأموال وتقوم باستغلالها في الخارج، والسبب يعود لعدم إلزامها من قبل صناع القرار في البلد الذي فيه البنك بل أكثر من ذلك لا تجد فيها من الموظفين من أهل البلد إلاّ القليل وبأجر يسير بدلالة أنّ الموظف في البنك سرعان ما يترك البنك عند أول فرصة يجدها في وظيفة أخرى، متمنيًا أن تُلزم البنوك بإنشاء الطرق أو الجامعات أو الحدائق أو المستشفيات لكنها لا تفعل ذلك بسبب غياب المواطنة وبسبب ترك الأمر إليهم دون مساءلة عن إنتاجهم في خدمة البلد الذي جمعوا خيراته. وحول تعزيز دور الرقابة الفعلية على البنوك من قبل الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة المالية ومؤسسات النقد الحكومية يؤكدّ القنصل أنّ ذلك يعود للمتنفذين في هذه المؤسسات فهم شركاء في هذا البنك أو ذاك، وهؤلاء يريدون أن تكون الأموال دولة بينهم لا يشاركهم فيها أحد وحججهم أنّها أموال مواطنين لا يصح المخاطرة بها، ولكنهم يستثمرونها في بلدان أخرى حتى ولو أنكروا ذلك، مشيرًا الى كارثة الرهن العقاري في أمريكا وكم خسرت بنوك عربية في ذلك الرهن دون علم أو موافقة المودعين، مهيبًا بالسلطات في العالم العربي والإسلامي إعادة النظر في آليات التعاملات البنكية وإلزامها بالدور الفعّال لخدمة الوطن وعليها أن تشارك في بناء المجتمع أو تحرم من تجديد الرخص الخاصة بها، وتحرم من إيداعات الدولة لمرتبات الموظفين وتسديد الفواتير والمخالفات إلاّ إذا كان لها أثر فعال في البلد، ويكون ذلك من باب المنافسة بين البنوك، مشددًا على أنّ الدولة لو فعلت هذا لوجدت البنية التحتية والفوقية في أجمل حلّة وعليها شعر البنك الذي قام بتمويل التنفيذ بمثل هذا الأمر، ولا مانع من أن يستثمر البنك هذه المشروعات لزيادة دخله كبناء المدارس أو الجامعات أو الطرق ثمّ يكون له من الدولة امتيازات أكثر من غيره أو يقوم البنك بتأجير هذه المنشآت التي موّلها. اتجاهها رأس مالي بصورة بشعة من جانبه يؤكدّ الكاتب والناقد الصحفي أ. خالد الوحيمد، أنّ من المفترض أن تساهم البنوك في بناء المجتمع جنبًا إلى جنب مع الحكومة، ولكن اتجاهها رأس مالي بصورة بشعة جدًا في سيطرتها على الطبقة الوسطى واضمحلالها إلى طبقة فقيرة، مما ينتج لنا صراعا طبقيا ينتهي إلى فوضى عارمة، منوهًا الى أنّها محقة في سياستها المادية، لتستمر في كيانها المالي من توسعة مشروعاتها الداخلية والخارجية على حساب المضطهدين من الفقراء والعمال، والكاهل الذي حملتهُ عليهم من قروض وديون، وفوائد لا يرضاها القانون ولا الإنسانية ترضاها، مشددًا على أنّه من الغريب حين نسمع عن بنوك غربية تساهم في بناء الإنسان، والأشد غرابة حين نسمع عن بنوك في دول نامية تساهم في بناء منتزهات ومستشفيات خيرية كتركيا نموذجًا يحتذى بها، فالمسؤولية لا تقع على فرد أو بنك أو نظامٍ ما، إنّما تقع على المجتمع بأسره الذي وقع فخًا في شبكة عروض البنوك المخادعة في وهم العميل، مؤكدًا على أهمية ضبط هذه البنوك عبر الحكومة المركزية، فهي المسؤولة عن تنظيم وآليات البنوك وأنظمتها بشكل مباشر، مضيفًا أنّ المسألة تكمن في الاستحواذ على بعض الميزانيات الوزارية والمراكز ذات الصلة من تسهيل إجراءاتها، مما يسبب كسلا عن المساءلة، خاصة من هيئات الرقابة والتحقيق المالي. وعن الخطوات الفعلية من أجل تعزيز دور البنوك يرى الوحيمد أنّ الفوائد الطائلة السنوية ينبغي أن توزع على المنشآت الخيرية من بناء وحدات سكنية ومراكز اجتماعية توعوية ودعم الحركة الثقافية من تبني جوائز لذوي المواهب، حيث ساهم بنك الرياض بجائزة كتاب العام في نادي الأدبي بالرياض، وكذلك تغفل هذه البنوك عن جانب المنشآت الصحية فحبذا المساهمة في بناء مراكز صحية في القرى المجاورة للمدن، بل ضرورة بناء مشفى عام في كل مدينة يعالج الجميع بلا شروط تعجيزية، وكذلك تنظيم المتنزهات بين الأحياء، ودعم حركة السياحة العائدة فوائدها على المجتمع بشكل عام. تعزيز الرقابة الفعلية عليها من جهته يعتبر أستاذ الفقه وأصوله بجامعة الملك فيصل بالأحساء أ.د. عبدالله الديرشوي، أنّ البنوك الربوية هي البنوك السائدة في عالمنا العربي, وعلماء الاقتصاد يقولون: «إنّ رأس المال الربوي جبان» بمعنى أنّه يبحث عن البيئة التي تتصف بالاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي والقانوني ولدى حدوث أية مشكلة تهدد هذا الاستقرار ينكمش رأس المال ويحجم عن التداول خوفًا من الفوائد التي التزم بها, وخوفا من ذهاب رأس المال المضمون عليه، منوهًا الى أنّ المشاكل السياسية والتضخم النقدي وعدم توافر قوانين كافية لحماية الأموال والاستثمارات تدفع أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة إلى البحث عن الأماكن الأكثر استقرارًا في العالم, فتحرم الأمة من جزء كبير من ثرواتها وتوضع في خزائن الآخرين ليستفيدوا منها, وما يبقى من هذه الأموال داخل الدولة لا توجهها البنوك نحو المشروعات التنموية لأنّها غالبًا ما تكون طويلة الأجل وتكون نسبة المخاطرة فيها عالية, مضيفًا أنّها توجه بدلًا من ذلك إلى المشروعات الاستهلاكية القصيرة الأجل, والتي غالبًا ما تكون نسبة المخاطرة فيها منعدمة أو قليلة, ومن ثَمَّ يبقى المال دائرًا بين الأغنياء ويحرم منه السواد الأعظم من أبناء المجتمع. ويوضح الديرشوي أنّ هناك تصورا خاطئا عن البنوك الإسلامية لدى كثير من الناس, وذلك أنّهم عندما يسمعون اسم بنك إسلامي يظنون أنّ هذا البنك يحمل قيم الإسلام وأخلاقه في مساعدة الفقراء والأيتام والأرامل والمرضى, وينتظرون منه أن يكون أشبه ما يكون بجمعية خيرية, لا تبحث عن الربح, ولا تتخذ إجراءات قانونية رادعة في حق المدين المماطل، موضحًا أنّ البنوك الإسلامية لو استجابت لرغبات الناس وتصوراتهم, وسعت لإرضائهم ما حققت لنفسها نجاحًا, ولما كتب لهذه التجربة الاستمرارية والبقاء، ولعلّ السبب في جعل الناس ينظرون هكذا إلى هذه البنوك هو تسميتها بالبنوك الإسلامية, ولو سميت بالبنوك اللاربوية لما تأمل الناس منها ذلك، مؤكدًا أنّ هذه البنوك مملوكة لأفراد حرصوا على استثمار أموالهم بالحلال, إلاّ أنّهم يبحثون عن الربح, ويحبون المال, كغيرهم من الناس والتجار, ومن الممكن أنّ كثيرًا منهم يسهم في أعمال خيرية, ولكن ليس باسم البنك, بل باسمه وبمبادرة منه، معتبرًا أنّ البنوك الإسلامية لكي تقوم بأنشطة اجتماعية خيرية لا بد لها أن تقنع المستثمرين فيها بأنّ عليهم واجبًا شرعيًا واجتماعيًا تجاه مجتمعهم, وأنّ ما ينفقونه سيكون لهم ذخرًا في الآخرة, وبركة في الدنيا, مهيبًا بضرورة وجود دور للوعي والتثقيف الديني الذي يحمل الغني على البذل والعطاء, والذي يبدو أننا جميعا أفرادًا ومؤسسات وخصوصًا المتخصصين في العلوم الشرعية الذين هم مقصرون في الحث على القيام بالمشروعات الخيرية الجماعية, وأنّ روح الفردية لا تزال تطغى في مساهماتنا, والمشروعات الفردية لا تستطيع تقديم الكثير وخصوصًا في ظل الحياة المعاصرة التي تتطلب تضافر الجهود والتعاون لإقامة مشروعات تنفع الأمة بشكل كبير ومستمر، معتبرًا بأنّ دور الرقابة الفعلية على البنوك من قبل الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة المالية لا يكون إلاّ بتوفر الاستقرار والأمن, فالهيئات الحكومية إذا تدخلت بشكل كبير فإن ذلك قد يثير مخاوف البنوك والقائمين عليها فيهربون أموالهم إلى الخارج, ولذلك فإنّ الجهات المسؤولة تفضل التغاضي عن كثير من جوانب التقصير لدى البنوك, وترى أنّ ذلك أقل ضررًا من أن تشعر أنّها مقيدة ومراقبة بشكل صارم فتلجأ إلى الاحتيال والإخفاء وتهريب الأموال. وعن كيف يمكن تعزيز الدور الإنساني لديها، يرى الديرشوي أنّه يجب أولًا على القائمين على إدارة البنوك والمساهمين فيها أن يدركوا أن ما يقدمونه للمجتمع من خدمات ورعاية إنّما هو واجب عليهم وليس إحسانا منهم وتفضلا, فالآلاف من أبناء المجتمع يودعون أموالهم في هذه البنوك في الحسابات الجارية, ولا يتقاضون عليها فوائد أو أرباحا, وإنّما يستثمرها البنك لمصلحته, ولقاء ذلك فإنّ على هذه البنوك أن تتنازل عن جزء من تلك الأرباح لمصلحة هؤلاء الناس, وتقيم المشروعات الخدمية الخيرية فيستفيد منه جميع أبناء المجتمع بما فيه موظفو البنوك وقراباتهم, فهي منهم وإليهم, ويضاف إلى ذلك ما سينالهم من رضا الناس وثنائهم عليها, وتكون دعاية للبنك أيضًا، مضيفًا في حديثه قائلًا: «على الخطباء والوعاظ والدعاة والقائمين على الجمعيات الخيرية والمنشآت الخدمية طرح الوسائل والأساليب التي تقنع البنوك وتدفعهم نحو المساهمة في هذه المشروعات كعقد المؤتمرات والندوات العلمية التي تحث على هذه المشاركات, ولا مانع من تسمية المشروع باسم البنك الذي أقامه, أو وضع قائمة أو لوحة تضم أسماء المساهمين في المشروع, ولعل كثيرًا من الجهات تريد المساهمة, ولكن يجب تحريكها, وتقديم شيء عملي تقتنع به بين يديها, وبقدر ما ننجح في ذلك سنكسب مشاركة تلك البنوك, منوهًا بأهمية الاستفادة مما عند الآخرين من غير المسلمين, (فالحكمة ضالة المؤمن وحيثما وجدها كان أحق بها) والذي يقرأ ويسمع ويرى ما لدى الغرب من مراكز بحثية ومرافق اجتماعية خيرية كبيرة أقامتها مؤسساتهم والأفراد تأخذه الدهشة, ويستغرب من هذا السخاء, ونحن أولى بذلك منهم, لأننا نرجو من الله من وراء هذه الأعمال ما لا يرجون, ولكن ضعف الثقافة, وقلة الوعي, حالت دون قيام مجتمعاتنا بما ينبغي لها أن تقوم به. توفير كفاءات مصرفية شريفة أما الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية د. السيد أبو الخير، فإنّه يؤكدّ أنّ عدم دخول البنوك بأموال المودعين مشروعات تنموية يعود لعدم الثقة في المسؤولين كما أنّ هؤلاء المسؤولين لا يريدون تنمية حقيقية في دولهم لأنّهم يقومون بسرقة هذه الأموال ويعتبرون الأموال التي في البنوك أموالهم الخاصة بهم وهم يتصرفون بها كما يتصرفون في أموالهم الخاصة لذلك يحرصون جيدًا على بقاء هذه الأموال تحت تصرفهم ولا يدخلون إلاّ قليلًا جدًا في أي مشروعات تفيد مشروعات المسؤولين، منوهًا الى أنّ هؤلاء المسؤولين في هذه الدول يعتبرون هذه الأموال ملكا لهم لذلك فهم يبعدون أي رقابة عليها من أي مؤسسة لذلك وجد في دول الثورات العربية أنّ أموال البنوك وزعت على رموز الأنظمة الفاسدة وخير مثال ما وجد في بعضها بعد الثورة. وعن الخطوات الفعلية من أجل تعزيز دور البنوك يرى أبو الخير أنّه يجب تولي مسؤولية البنوك كفاءات مصرفية شريفة ووطنية ولها خبرة كبيرة في هذا المجال ولهم سمعة طيبة ويتم وضع مراقبة شديدة على هذه البنوك تكون تحت قيادة شخصيات وطنية غير متهمة بالفساد على أن تتضمن ميزانية الدولة خططا تنموية تمول من أموال البنوك. غياب الوعي بأهمية المجتمع وفي سياق متصل يؤكدّ الداعية والمستشار الاجتماعي الشيخ محمد ضيف القرني، أنّه حين يغيب الوعي بأهمية المجتمع عند أرباب الأموال ويصبح الهم هو الذات حتى ولو على حساب المجتمع والوطن عندها ستجد أنّ البنوك مهما كانت ثرواتها الطائلة سيظل هدفها أن تستحوذ على ثروات الوطن وأموال المواطن دون مقابل والمسؤولة عنها مالك البنك الذي لم يفكر في الموضوع، منوهًا الى أنّ النظام الذي لا يلزم ملاك البنوك بمثل هذه الاعمال المجتمعية، أو ربما لا يتابع التنفيذ إن وجد النظام، مضيفًا أنّ ثقافة العمل التطوعي والخيري ما زالت قاصرة لدى كثير من الناس من أصحاب رؤوس الاموال أو غيرهم، وأصبح عمل الخير عند بعضهم هو فقط اخراج الزكاة لتكسبه أرباحًا معنوية، مؤكدًا أنّ البنوك هي ضمن منظومة مجتمعنا الذي يعاني من صور الفساد الاداري والمالي بل إنّ جانب المحسوبيات في البنوك قد يكون أكثر. ويعتقد القرني بأهمية سن أنظمة صريحة وواضحة تلزم البنوك بتقديم خطة لأعمالها التطوعية كل عام ويتم متابعة هذه الخطة من الجهات الرقابية، وكذلك استحداث أقسام للعمل الخيري في البنوك، إضافة إلى عمل شراكات بين البنوك والمؤسسات الخيرية القائمة في الوقت الحالي، مشددًا على أهمية الزام كل بنك بتوظيف نسبة معينة من الشباب كل عام، وكذلك الزامها بتوفير وظائف معينة لأفراد الأسر المحتاجة والايتام، وضرورة اشتراك البنوك في عمل جائزة للعمل التطوعي في كل محافظة أو منطقة. نفوذ كبير لأصحاب البنوك وفي نفس الإطار يعزو الأستاذ المساعد بجامعة الجوف والمتخصص في السياسة الشرعية د. صالح خالد الشقيرات، هذه الظاهرة إلى ارتفاع في قيمة الفوائد شيئًا ما، فالفقير غير قادر على كفاية نفسه بالأساس، عوضًا عما سيترتب عليه من قروض وفوائد، منوهًا الى أنّ غالب القروض ( قروض الفقراء) لا تستغل من أجل التنمية والاستثمار وإنّما من أجل بناء بيت أو شراء سيارة أو تغيير أثاث البيت، مشددًا على أنّ هذه كلها تزيده فقرًا الى فقر، بينما الأغنياء على العكس تمامًا من ذلك فقروضهم استثمارية، وبالتالي يزيد ذلك من أرباحهم وثرائهم على حساب الفقراء، مشيرا ًإلى أنّ البنوك الإسلامية كذلك الأمر مقصرة في المشروعات الاجتماعية والإنسانية فهي بنوك ربحية بالدرجة الأولى، ملمحًا الى أنّ أصحاب البنوك على درجة عالية من النفوذ وبالتالي لا يسهل فرض الرقابة الفعلية على البنوك من قبل الجهات المعنية. ويعتبر الشقيرات أنّه يمكن تخفيض الفائدة بحق الفقراء من ذوي الدخل المحدود، وزيادة حجم القرض بالتزامن مع تخفيف القسط الشهري، ومنح قروض حسنة للمحتاجين، وكذلك التركيز على القروض الاستثمارية وليست الاستهلاكية، إضافة إلى تفعيل دور الزكاة والقيام بجمعها وانفاقها في مصارفها الشرعية، منوهًا الى أهمية جمع الزكاة من خلال أموال المدخرين، وأن يتم توزيعها بشكل شرعي لمستحقيها، فإذا ما زاد نصابها عن مبلغ معين يتم تقديم قروض حسنة من خلالها، ومن خلال الصيغ التي يتعامل بها، كالمرابحة، والمشاركة، والمغارسة، والاستصناع، والسلم، مشيرًا إلى أهمية إنشاء عدة مشروعات تنموية من قبل البنوك تفيد المجتمعات، مهيبًا بملاك البنوك ألا ينظروا فقط الى الربح المادي العاجل بل هناك ربح أخروي آجل. تعامي البنوك عن واقع المجتمع من جانبه يعتقد الباحث في العلوم الشرعية الشيخ محمد عبدالعزيز الشمالي، أنّ سبب هذه الظاهرة يعود إلى ثقافة صناع القرار في مثل هذه البنوك التي تجعل اتجاههم للنماء لأنفسهم والاهتمام بذلك دون النظر إلى المجتمع، وطبيعة النفس البشرية في حبها للمال وتملكه وليس ذلك فحسب بل التنافس في الزيادة دون الحاجة له، منوهًا الى أنّ التعامي عن واقع المجتمع واحتياجاته والانشغال بالبرامج النفعية الربحية للبنوك والمصارف هو من سبب عدم اتجاه البنوك نحو تنمية المجتمع، وكذلك ضعف الأنظمة المنظمة لصلاحيات وواجبات المصارف والبنوك التي عليها تنمية للمجتمع، وضعف الرقابة على المصارف والبنوك والسبب في ذلك أنّ الهيئات الرقابية مشاركة بنصيبها فيها، معتبرًا أنّ اللوم ينصب أولًا واخرًا على أصحاب البنوك والمصارف والقائمين عليها وصناع القرار فيها, فمن المفترض أن تكون صفاتهم تؤهلهم لفهم الدور المناط بهم وتعزيز دور المصارف في المجتمع بحكم معايشتهم للمجتمع، مشددًا على أنّه من المفترض تعزيز الرقابة الفعلية على البنوك من قبل الجهات الرسمية، لكن الواقع يجعل البنوك بعيدة عن الرقابة الفعلية وعدم تضخيم الأخطاء, وهذا هو دور الجهات الرقابية والتي من حقها إلزام البنوك بتفعيل دورها الحقيقي في خدمة المجتمع. ويرى الشمالي أهمية عقد لقاءات ومؤتمرات تهتم بطرح الرؤى والأفكار التي تخدم البنوك في تعزيز دورها الايجابي في خدمة المجتمع، والاستفادة من أصحاب الخبرة والتجارب من الدول الأخرى ممن لهم دور بارز في مجتمعهم، ونشر ثقافة الدور الفعلي والحقيقي للبنوك في المجتمع وتوعية الناس بهذا الدور للمطالبة للقيام به وذلك عن طريق وسائل الإعلام بجميع أنواعها، مشددًا على أنّه يجب على المؤسسات الحكومية الرقابية فرض عقوبات على البنوك غير الداعمة والفاعلة في المجتمع بفرض سيطرتها على هذه البنوك، وإلزامها بتقديم مشروعات نوعية للمجتمع معلنة ليصعب عليها التراجع عنها ويسهل المطالبة بها. المستفيد هم علية القوم من جهته يؤكدّ الكاتب والخبير بالتخطيط الاستراتيجي والتنمية البشرية د. علي الشعبي وجود مساهمات ضمن المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخيري لكنها محدودة جدًا، إضافة الي أنّ المستفيد من هذه البنوك هم من علية القوم ولا يرغبون في الصرف على مشروعات تنموية هي من مسؤولية الدولة، ملمحًا بأنّ المسؤولية بالدرجة الأولى تقع على عاتق تلك الدول لأنّها غنية فهي لا تطلب ضرائب من البنوك، وبالتالي فهي من تنظم مشاركة البنوك في المشروعات التنموية، أما الأعمال الخيرية من قبل البنوك والمصارف فهي لا تشجع لاعتبارها بأنّها ربوية. ويرى الشعبي، أهمية وجود فتوى بأنّ البنوك ليست ربوية، وثانيًا يجب إصدار نظام يلزم هذه البنوك بالمساهمة كمسؤولة ملزمة بدل دفع الضرائب للدولة، وأن يكون هناك إدارات في هذه البنوك لهذه الأغراض، وكذلك لابدّ من توفير مؤسسات خارج البنوك للعمل كوسيط بين البنوك والمشروعات الخيرية وتلتزم بالإشراف على الأموال التي تصرف على الأعمال الخيرية. المزيد من الصور :