للشعر العربي جماله وذوقه الخاص به,, فهو يأخذنا إلى خبايا هذه اللغة العربية الفريدة والمليئة بالدرر والجواهر كما أشار حافظ إبراهيم (أنا البحر في أرجائه الدر كامن,,,) ففيها من غزارة التعبير وحلاوته العجب العجاب والأدب جماله لاينتهي خاصة إذا وجد الشخص المقتدر على بنائه بناء معبراً جميلاً يجعل سامعه أو قارئه يتلذذ بسماعه أو قراءته بعذوبة لامتناهية، وحيث أن الشعر العربي الشعبي هو نوع (مستقل) من أنواع هذه اللغة الفريدة، ورغم تكسيره لها إلا أن فيه من جمال الأدب وحسن البيان مايستحق الوقوف عليه والاستمتاع به خاصة عند شاعر متمكن كبير كبدر بن عبدالمحسن وشاعرنا سمو الأمير بدر يحمل الشيء الغزير والكثير والوفير في جمال شعره وعذوبته فهو بحق مهندس الكلمة (افز,, وفي انفي عجاجة الغارة,, وأقوم وفي كفي ساعة ونظاره) ومشهد آخر (مر تمر هاليل وأمر قطفه,, يا لحنظل اللي صرت اذوقه بكفي,, متى الشوارع تجمع اثنين صدفة لاصار شباك المواعيد مجفي) بل (انا ابدوي ثوبي على المتن مشقوق,, ومثل الجبار السمر صبري ثباتي) وهذا غيض من فيض تتفجر به شاعرية البدر (الوقادة) وبدر بن عبدالمحسن شاعر متمكن فهو يعزف كلمات قصائده بأنامله وسخرها ببساطة (المحترف) لخدمة معناه وصوره واحساسه وفي الحقيقة أن من يتأمل قصائده يجد أن كل قصيدة لها ذوقها بل ثوبها الخاص بها البسها إياه سموه بذكاء (خارق) فاستطاع جعل الاشياء تتحرك أينما أراد كقوله للرياض (أنا ذوابي: خذتها بيدها ومشينا) أو (الشمس طاحت وابردت) فتحمل معانيها في صور حية تجعل قارئها يشعر أنه يرى لوحة خيالية من أجمل لوحات الشاعر الرسام كهذه اللوحة النادرة (اقبلي مثل ديم,, مثل نار في هشيم,, من غصون الضي,, من ليل الغضا وبين ماخلي النخيل من الفضا) منظر رائع مابين ماخلى النخيل من الفضاء,,! وبدر عبدالمحسن أبدع في أنواع القصائد التي كتبها كالرسم فنجد في قصائده الغزليه احساسه العذب الذي يتخبط بين الابداع في نظم حروف قصيدته بكل مشاعرها (انا حروفي في غيابك لاهي حكي ولا هي قصيد,, اكتب الظلماء واعيد) ولا ننسى هذا الوصف الجميل (لو حبت النجمه نهر,, طاحت على صدره سنا) و (والله الجفاء برد,, وقل الوفاء برد,, والموعد المهجور ماينبت الورد) أو (تذكري الحلم الصغير,, وجدار من طين وحصير وقمره وراء الليل الضرير عند الغدير) كما اجاد باقتدار في قصائد الرثاء فرثا والدته رحمها الله بكل صدق (يوم انطلقت ناديت ياسعود ماجور,, خذها الذي من فيض جوده وهبها) وكذلك الوطنية (قرن مضى بلادي اذ تهطل المسنين كالغيث في البوادي ويعشب الحنين) و(كن المربع توه اليوم مشيود جدران طين طمام سقفه جرايد) بل انه قدم قصيدته المعروفة بمناسبة شفاء خادم الحرمين الشريفين الملك فهد حفظه الله ورعاه وأتم عليه لباس الصحة والعافية (سلامتك ياشمس الأرض وقمرها,, ونور النجوم اللي علينا مراقيب) وبدر حين يتعامل مع قصيدته لايتعب كمن يحفر في صخر بل يصنعها بكل قوة ببساطة متناهية فتولد عروساً تجتاح كل القصائد مهما كانت وتعلو شامخة إلى عنان السماء تقبلها لتعانق القمة هناك وهذا هو الإبداع، وكما هو معروف أن البدر وضع مدرسة جديدة في الشعر الشعبي تجمع اسلوبه وطريقته في الحوار مع قصيدته اسمها: مدرسة بدر بن عبدالمحسن الشعرية ومن يريد الشعر فلا بد أن يفهمه من مدرسة بدر أولاً,, بل اعتقد أنه اختصر على شعرائنا الشعبيين طريقة الشعر في مدرسته تلك، وإذا كان أمير الشعر العربي الفصيح أحمد شوقي فإن أمير الشعر الشعبي هو مهندس الكلمة صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالمحسن بكل جدارة,,,! مجيب الرحمن العمري تبوك