سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أكد في خطابه السياسي الأول التزام الخطوط السياسية لوالده الرئيس الراحل بشار الأسد الطبيب الذي تحول للسياسة ليصبح رئيساً لسوريا أدى القسم وسط تظاهرة ضخمة
سوريا راغبة في السلام العادل شريطة استعادة كل الأراضي المحتلة
وسط اهتمام وترقب على الصعيدين الاقليمي والدولي لما سيقوله وما سيفعله في سياساته، بدأ الرئيس السوري المنتخب، الفريق بشار الأسد أمس الاثنين ولايته الرئاسية الأولى والتي تستمر سبع سنوات بخطاب رئاسي رسم فيه الخطوط العريضة لسياساته المستقبلية على الصعيد الداخلي والخارجي. وأدلى بشار الأسد، نجل الرئيس الراحل حافظ الأسد، اليمين الدستورية أمام أعضاء مجلس الشعب البالغ عددهم 250 عضوا وسط ترحيب حماسي وتصفيق حاد من المشرعين السوريين. واحتشد الآلاف من المواطنين السوريين خارج مبنى البرلمان مرددين شعارات مبايعة وتأييد لبشار وهتفوا بالروح بالدم نفديك يا بشار وردد المشاركون بفرح وابتهاج لدى دخول الرئيس المنتخب إلى البرلمان ملوحا بيده للجموع. رئيس البرلمان يدعو بشاراً لأداء القسم وقال رئيس البرلمان السوري، عبدالقادر قدوره، في كلمة افتتاح الجلسة وبعد أن رحب بالفريق بشار الأسد والحضور ندعو الله أن يعينكم على أداء مهامكم الجسام ثم دعا بشار الأسد لأداء اليمين. وحلف بشار اليمين واضعاً يده اليمنى على القرآن الكريم أقسم بالله العظيم أن أحافظ على النظام الديمقراطي والوطني وأن أحترم مصالح الشعب . وكان الفريق بشار الأسد قد فاز بأغلبية ساحقة وصلت إلى 97,29% من أصوات الناخبين في الاستفتاء الشعبي الذي جرى في العاشر من شهر تموز (يوليو) الحالي، ليصبح الرئيس السادس عشر للبلاد منذ الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي وخلفا لوالده الذي حكم سوريا على مدى ثلاثة عقود. وكان فوزه بالانتخابات بهذه الاجماع الكبير بمثابة نتيجة حتمية حيث كان بشار الأسد المرشح الوحيد لهذا المنصب. تحول عن الطب للانخراط في السياسة ويعتبر طبيب العيون السابق بشار الأسد حديث العهد بالأمور السياسية والتي بدأ الانخراط بها فعليا في العامين السابقين حيث عهد إليه والده بالملف اللبناني إضافة إلى أمور داخلية أخرى مثل مكافحة الفساد والتي طالت عدداً من كبار المسؤولين السوريين مما أكسبه شعبية منقطعة النظير بين المواطنين السوريين. مسيرات شعبية واسعة لتأييده وتزامنت جلسة البرلمان السوري الاستثنائية بمسيرات تأييد حاشدة حيث تجمهر المواطنون السوريون امام مبنى البرلمان مرددين شعارات تأييد ومباركة للرئيس الشاب الجديد. سوريا راغبة في السلام شريطة إعادة الأرض ومن أول خطاب له قال بشار الأسد بعد أداء اليمين الدستورية أمس الاثنين ليخلف والده الراحل حافظ الأسد كرئيس لسوريا : إنه أقدم على (خيار استراتيجي) لإقرار السلام مع إسرائيل لكنه لن يتخلى قط عن مطلب استعادة كل الأراضي المحتلة. والتزم بشار في الخطاب الذي ألقاه أمام مجلس الشعب عقب تأدية اليمين بالخطوط الرئيسية لسياسة والده وطالب الولاياتالمتحدة بممارسة ضغوط على إسرائيل. ودعا الرئيس السوري الجديد إلى ممارسة الضغوط لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي تنص على احترام الحقوق المشروعة للبنانوسوريا والشعب الفلسطيني. ما من أحد يرضى المساس بسيادة سوريا وقال بشار في خطابه الذي نقله التلفزيون السوري على الهواء : إنه يريد أن يؤكد الحاجة لإقرار السلام لكن دون التخلي (عن شبر واحد من أراضينا). واستطرد قائلاً : إنه ما من أحد يرضى (بالمساس بسيادتنا) وقال : إن سوريا راغبة في السلام لأنه ( خيارنا الاستراتيجي). يواجه العديد من التحديات الداخلية والخارجية ويواجه بشار في بداية ولايته الرئاسية والتي بدأت أمس الاثنين العديد من التحديات والأعباء الداخلية والخارجية، وعلى رأسها مباحثات السلام المتعثرة منذ مطلع العام الحالي بين سوريا وإسرائيل والتي من المستبعد أن تستأنف حاليا بسبب التوقعات التي ترجح أن يركز بشار جهوده كاملة في مستهل ولايته على إعادة ترتيب البيت الداخلي وتحسين الأوضاع في كافة النواحي. وكانت المباحثات السورية الإسرائيلية قد توقفت بسبب رفض إسرائيل التخلي عن كامل مرتفعات الجولان السورية التي احتلتها من سوريا في حرب عام 1967 حيث تصر بالاحتفاظ ببحيرة طبريا التي تعتبر المصدر الرئيسي لمياه الشرب بالنسبة لنحو 40% من الشعب الإسرائيلي، الأمر الذي ترفضه سوريا كليا وتصر على استعادة كامل الهضبة الاستراتيجية كشرط اساسي للتوصل إلى اتفاق سلام. مطالب إسرائيل الأمنية والعلاقات المستقبلية وتطالب إسرائيل أيضا بالحصول على ضمانات سورية مسبقة حول مسائل الترتيبات الأمنية والعلاقات المستقبلية بين البلدين في ظل اتفاق سلام يضع نهاية لعداء دام أكثر من نصف قرن بين الدولتين. ويبدو أن الرئيس الجديد سيلتزم بنفس الموقف الذي تبناه والده على مدى ثلاثة عقود وأي احتمال لتغيير في موقف سوريا من قضية السلام مع إسرائيل يبدو مستبعدا كليا. تحدي تحسين الاقتصاد وإصلاحه والتحدي الآخر الذي يواجه بشار هو تحسين الاقتصاد المترهل وإحداث إصلاحات اقتصادية عديدة وتحديث القوانين القضائية التي مضى على صدور بعضها أكثر من ثلاثين عاما، بالإضافة إلى متابعة عملية مكافحة الفساد وتحسين الظروف المعيشية للمواطن السوري والتي باتت مؤخرا مطلبا ملحا. دعا لتطوير عمل الجبهة الوطنية التقدمية ودعا الرئيس السوري بشار الأسد في خطاب القسم اليوم الاثنين إلى تطوير عمل الجبهة الوطنية التقدمية بما يستجيب مع واقعنا المتطور رافضا نسخ التجربة الغربية في مجال الديموقراطية. واعتبر الأسد ان جبهتنا الوطنية التقدمية نموذج ديموقراطي تم تطويره من خلال تجربتنا الخاصة بنا وقد أدت دوراً اساسيا في حياتنا السياسية مضيفا أنه اصبح من الضروري الآن أن نطور صيغة عمل الجبهة بما يستجيب مع حاجات التطوير الذي يتطلبه واقعنا المتطور والمتنامي . وتضم الجبهة الوطنية أحزابا عدة تشارك في السلطة إلى جانب حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم. رفض نسخة الديمقراطية الغربية ورفض الرئيس السوري نسخ التجربة الديموقراطية الغربية قائلا:لا يجوز أن نطبق ديموقراطيات الآخرين على أنفسنا لأن الديموقراطية الغربية هي محصلة تاريخ طويل نتجت عنه عادات وتقاليد وصلت معها مجتمعاتهم إلى ثقافتها الراهنة . وتابع ولكي نطبق ما لديهم علينا أن نعيش تاريخهم وبما أن هذا مستحيل، علينا أن تكون لنا تجربتنا الديموقراطية الخاصة بنا المنبثقة عن تاريخنا وثقافتنا وشخصيتنا التاريخية وعندها ستكون النتيجة بناء متينا قادرا على الصمود بوجه الهزات مهما كانت شدتها . العمل الجماعي المبني على الصدق والتعاون وتطرق الرئيس السوري إلى العمل المؤسساتي الذي هو عمل جماعي لا فردي مبني على الصدق والتعاون وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية وعقلية الدولة على عقلية الزعامة . ورأي أن العمل المؤسساتي لا ينفصل عن الفكر الديموقراطي بل يتقاطع معه في مواقع عديدة وهذا يعني ان امتلاك الفكر الديموقراطي يعزز العمل المؤسساتي . وتساءل بشار الأسد إلى أي مدى نحن ديموقراطيون وما هي الدلائل على وجود الديموقراطية أو عدمها؟ هل هي في الانتخاب ام في حرية النشر أم في حرية الكلام أم في غيرها؟ أقول ولا واحدة من كل ذلك . وتابع هذه الحقوق ليست الديموقراطية بل هي ممارسات ديموقراطية ونتائج لها وتبنى على فكر ديموقراطي يستند على أساس قبول الآخر، أي ما يحق لي يحق للآخرين وعندما يتحول الطريق باتجاه واحد يتحول إلى أنانية وفردية . ورأى أخيرا أن الفكر الديموقراطي هو الأساس والممارسات الديموقراطية هي البناء وان الديموقراطية واجب علينا تجاه الآخرين قبل أن تكون حقا لنا . يذكر أن منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان توجه انتقادات شديدة إلى سوريا في مجال حرية الرأي والتعبير. يدعو العرب إلى اعتماد نموذج العلاقة بين سورياولبنان وعلى صعيد العلاقات العربية العربية فقد دعا الرئيس السوري بشار الأسد إلى اعتماد العلاقة السورية اللبنانية نموذجاً للعلاقات بين الدول العربية. وقال نحن نعتبر ان العلاقة مع لبنان الشقيق هي نموذج للعلاقة بين بلدين عربيين لكن هذا النموذج لم يكتمل بعد وبحاجة إلى كثير من الجهد لكي يصبح مثاليا بحيث يحقق المصالح المشتركة بالشكل الذي نطمح إليه في كلا البلدين . واستطرد مع ذلك فإن التضامن السوري اللبناني عبر السنوات الماضية قد حقق الكثير مما لم يكن من الممكن تحقيقه لو أن كل بلد عمل بمفرده وبمعزل عن الآخر من أجل إيقاف الحرب الأهلية وبناء الوفاق الوطني إضافة إلى التراجع الإسرائيلي في الثمانينات والتسعينات وصولاً إلى الاندحار الأخير للإسرائيليين في شهر آيار مايو الماضي لدليل واضح على أهمية هذا التضامن . تكاتف الدولة اللبنانية مع الشعب والمقاومة وأضاف وطبعا هذه الانجازات استندت بشكل اساسي على تكاتف ووحدة الدولة والشعب اللبناني مع المقاومة الوطنية الباسلة مؤكدا سنبقى في سوريا نقف مع لبنان وندعمه في قضاياه الوطنية كافة وخاصة فيما يتعلق باستعادة كامل ترابه الوطني وعودة أسراه المعتقلين في السجون الإسرائيلية والوقوف في وجه التهديد الإسرائيلي المتكرر بالاعتداء عليه . واعتبر ان هذه التهديدات وأمور سلبية أخرى لا تخدم السلام في المنطقة بل تبقي على بؤر التوتر قائمة وهذا من شأنه أن يبقي التهديد بدورات عنف جديدة محتملة إلى حد كبير كما يؤدي إلى زيادة العراقيل والعقبات التي تقف في طريق إحلال السلام العادل والشامل في المنطقة . تحليلات وتعليقات الصحف الدمشقية وقد أولت الصحف الرسمية السورية الصادرة أمس الاثنين اهتماما كبيراً بالحدث فقالت صحيفة البعث الناطقة باسم الحزب الحاكم يوم تاريخي في حياة سوريا وشعبها الأبي, إن شعبنا على موعد مع مرحلة جديدة للتحديث والتطوير في جميع مناحي حياتنا . وأضافت كلنا أمل وثقة بأن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة عمل حقيقي لا سيما وأن الرئيس المنتخب بشار الأسد لديه برنامج عمل متكامل لتعزيز مسيرة البناء، التي أرسى قواعدها القائد الراحل حافظ الأسد . وقالت صحيفة تشرين الحكومية إن هذا العهد الرئاسي الجديد سيكون عهد تلبية رغبات الشعب السوري من مختلف الجوانب وعهد متابعة البناء السياسي والاقتصادي وفتح أبواب التطوير بشكلها الواسع . واضافت فساعة أداء القسم هذه تعني في نظر جماهير شعبنا ترسيخ ثوابت سوريا القوية المتمسكة بأسس السلام العادل الذي يعيد الجولان المحتل كاملاً وحتى خطوط الرابع من حزيران . أما صحيفة سيريا تايمز الناطقة باللغة الإنجليزية فقالت إن التزام بشار بالمصالح الاجتماعية والوطنية للشعب السوري قد أثبتت مصداقيتها. وأضافت أن بشار الأسد، وخلال الأعوام القليلة الماضية، قد أثبت أنه يمتلك رغبة حديدية وتصميم لمعالجة بعض المشاكل ولقد التزم بخططه لتحديث الإدارة وتقنيات العمل في البلاد. وقالت الصحيفة إن الفريق بشار الأسد حريص الآن وأكثر من أي وقت مضى على تحويل هذه الخطط إلى واقع ملموس والشعب كله سيسير خلف خططه .