} أجمعت 16 شخصية سورية وعربية على ان الدكتور بشار "خير خلف" للرئيس الراحل حافظ الاسد، وشجعت الدكتور الاسد على "المزيد من التحديث والتطوير" في سورية، وجددت دعمها "في مواجهة التهديدات الاسرائيلية" لأن اي اعتداء على سورية "لن يبقى محصوراً بين الجانبين بل سيفجر المنطقة بكاملها". اذ تعهد المسؤولون اللبنانيون ب"عدم التخلي عن الجولان السوري" وفاء ل"الدين السوري" الذي تمثل بدعم المقاومة ل"دحر الصهاينه في جنوبلبنان". وحيا الخطباء الآخرون الرئيس الراحل لأنه مات "من دون ان يفرط بأي ذرة من تراب الوطن ومن دون ان يوقع استسلاما مع اسرائيل" على رغم "الضغوط والتهديدات" التي تعرض لها من اسرائيل والولايات المتحدة لأنه كان يؤمن بأن "الارض كالعرض لا تباع ولا تؤجر". تضمنت الخطابات ال 16 عبارات لافتة مثل "الصهيونية" و"الكيان الصهيوني" و"عنصرية المجتمع الصهيوني المغتصب"، مع تأييد لوصف الدكتور بشار المجتمع الاسرائيلي ب"العنصري" والسخرية من اتهام العرب ب"معاداة السامية". والقيت امس لمناسبة الذكرى الاولى لرحيل الرئيس الاسد في حفلة تأبين جرت في مدينة القرداحة في حضور نحو سبعة آلاف شخص بينهم نحو 470 شخصية لبنانية وعشرات المسؤولين الفلسطينيين والاردنيين والمصريين والديبلوماسيين وقادة المنظمات الفلسطينية المعارضة لتسوية السلام او اتفاق اوسلو. وحضر الحفلة كبار المسؤولين السوريين في الحزب الحاكم والحكومة والجيش في مقدمهم الرئيس الاسد ونوابه اضافة الى الدكتور جميل الاسد شقيق الراحل والمقدم ماهر الاسد نجله الثاني الذي جلس في الصف الاول الى جانب الرئيس اللبناني اميل لحود. وكان بين الحضور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي جلس ايضاً في الصف الاول بعدما تصافح مع وزير الدفاع العماد الاول مصطفى طلاس، الذي اتصل به قبل ايام كي يزيل آثار "تحريف" قول طلاس ان سورية "اخترعت" جنبلاط. وبدأت الوفود بالتدافع منذ الصباح الباكر امام ضريح الرئيس الراحل المشيد من الحجر الابيض والعاجي والذي تعلوه قبة، حيث دفن في 13 حزيران يونيو الماضي الى جانب مدفن نجله البكر باسل الذي توفي في حادث سير بداية العام 1994. واذ نشرت قوات من الشرطة المدنية والحرس الجمهوري في الطريق المؤدي الى القرداحة التي تضم نحو 25 الف شخص وتبعد نحو 350 كيلومترا عن دمشق، اقامت لجنة منظمة منصة خارج الضريح لالقاء خطابات التأبين تلتها دعوة الى طعام الغداء. بعد تلاوة من الذكر الحكيم، كان الامين القطري المساعد لحزب "البعث" الحاكم السيد سليمان قداح اول المتحدثين، اذ قال: "ان سورية بقيادة الرئيس بشار خيارها الوحدة العربية وسبيلها التضامن بين الاشقاء ونهجها الصمود والمبادئ وامانة الارض والحقوق. وهي تسعى وتعمل لتحقيق السلام العادل والشامل على اساس قرارات الشرعية الدولية ومرجعية مدريد ومبدأ الارض مقابل السلام، وانسحاب اسرائيل من الجولان ومزارع شبعا اللبنانية والاراضي العربية المحتلة في فلسطين الى خط الرابع من حزيران عام 1967". وزاد: "ان الكيان الاسرائيلي محكوم بالكراهية والممارسات العنصرية والقوة العمياء التي وسمت وتسم مسيرته المصطبغة بالدماء والزاخرة بالجرائم والمجازر. وما تصعيده القمعي الوحشي ونشره الموت والدمار في فلسطين الا فصل من هذا التاريخ العنصري الاسود الذي يعبر بوضوح عن مأزق وافلاس الحكومة الاسرائيلية وفشلها الذريع في اخماد الانتفاضة المباركة واستهتارها بحقوق العرب وتمردها على الشرعية الدولية". وبعدما اكد المسؤول السوري ان "التهديدات الاسرائيلية لن ترهب سورية"، اشار الى ان بلاده "ستواصل دعم ومؤازرة نضال ومقاومة اهلنا في فلسطين ومسيرتهم الاستشهادية المباركة، وهي تساند انتفاضتهم البطولية وصمودهم وتضحياتهم في مواجهة المشروع الصهيوني العنصري الاغتصابي بكل الجهود والامكانات حتى تحقيق الاستقلال والسيادة واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني بما فيه حقه في العودة وتقرير المصير واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف". وتعهد الدكتور قداح وهو احد قادة "البعث" القدماء بان :"نتابع مسيرة العمل والبناء والصمود والتحرير بقيادة الرئيس بشار بنهج التحديث والتطوير وتوجهات وطنية ثابتة وارادة معقودة على الاصلاح والتجديد وتصد شجاع للمهام الوطنية والقومية". وقال الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الذي التقى لاحقاً الاسد في حضور وزير الخارجية فاروق الشرع: "كان لي الحظ ان التقي الرئيس الراحل اكثر من عشرين مرة في السنوات العشر الماضية كوزير للخارجية المصرية، وكم من امر جلل تحدثنا فيه وقد شهدت بنفسي بل عشت بنفسي مقدار ثبات العلاقة الاستراتيجية المصرية - السورية ومقدار التفاهم الشخصي بين الرئيس الراحل والرئيس حسني مبارك وكم رأيت منهما مقدار الايمان بمستقبل العرب رغم كل الصعوبات والعقبات"، مشيراً الى رفض الرئيس الاسد ل"أي تسوية لا تكتمل بها السيادة السورية بل السيادة العربية على الارض والمياه العربية والتمسك بكامل الحقوق"، والى صموده في مواجهة "سياسات وديبلوماسيات اجنبية على المنطقة لا تزال لا تفهم العرب او لديها فكرة منقوصة عنصرية عن العرب تدعي انهم قوم مفككون متفرقون من السهل هزيمتهم لانهم يهزمون انفسهم". وختم :"لدي اعتقاد كامل بأن الرئيس بشار هو الخلف الصالح للسلف الصالح". وكان الامين العام ل"حزب الله" حسن نصر الله الاكثر قدرة على تحريك الحاضرين الذين قاطعوه مرات عدة بالتصفيق. وهو قال ان اسرائيل دخلت في العام 1991 الى عملية التسوية "برعاية وحماية وتبن اميركي مطلق وهي تظن ان الظروف العربية وعلى كل صعيد اصبحت مؤاتية لانجاز تسوية بالشروط الاميركية والاسرائيلية ... لكنها اخطأت حسابات اسرائيل عند اقدام الرئيس الاسد الذي رفض ان يخضع او ان يتنازل عن شبر واحد من ارض الوطن او عن حق واحد من حقوق الامة". وتابع الشيخ نصر الله :"لنا جميعا ان نتصور حجم الضغوط والتهديدات والتهويل على هذا القائد الكبير من اجل اللحاق بركب الاستسلام في المنطقة ومن اجل التخلي عن المقاومة في لبنان ورفع الحماية عنها وكشف ظهرها، لكن الراحل الكبير واجه بكل حكمة وشجاعة كل هذا الواقع الصعب لان الارض عنده كالعرض لا تباع ولا تؤجر، ولأن المسألة ليست مسألة امتار هنا او هناك وانما هي مسألة الكرامة الوطنية والقومية التي لا يجوز لأحد ان يتسامح فيها او يهدرها". في ذكرى رحيل الاسد الاولى، دعا نصر الله الحكام العرب الى "الاقتداء بالمواقف العظيمة لهذا القائد الكبير في حماية المقاومين والمجاهدين والمنتفضين دفاعاً عن الأمة وكرامتها ومقدساتها وفي العناد الشجاع على استعادة كل شبر من ارضنا العربية المحتلة". كما ناشد الزعماء العرب ان يقطعوا كل علاقة لهم باسرائيل "في السر والعلانية وان يسمحوا لشعوبهم بالحد الادنى من النزول الى الشارع للتضامن مع اخوانهم في فلسطين ومد يد العون المادي والمعنوي اليهم ... وان يمتلكوا شجاعة ان يقولوا لا للسيد الاميركي عندما يتعلق الامر بكرامة ومصير امتهم وشعوبهم". وبعدما قال :"لا يمكن لمنصف ان يتحدث عن مقاوم ومقاومة وجهاد وانتصار وينسى حافظ الاسد"، تعهد زعيم "حزب الله" امام ضريح الاسد ب"اننا لن نتخلى عن شبر من ارضنا، ذلك ان مزارع شبعا مساحتها في حسابات الكرامة هي 452،10 كم2 اي مساحة الوطن كله وسنستعيدها بالجهاد والدم والمقاومة". وفي ظل تصفيق متكرر من الحاضرين بمن فيهم الاسد ولحود ورئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري وقادة الجيش السوري، قال نصر الله: "لن نتخلى عن الجولان لأسباب كثيرة منها ان لسورية في ذمة لبنان حقاً كبيراً عندما ناصرته وساندته فاستعاد ارضه في الجنوب والبقاع الغربي. ولن نتخلى عن فلسطين كل فلسطين وستبقي القدس قبلة المجاهدين وكعبة الآمال، كل حي فيها وكل حائط فيها وكل حجر فيها وكل حبة تراب في ارضها مقدسة ... ها هو الجيل الذي كنت تراهن عليه يصنع النصر في لبنان يؤسس للنصر في فلسطين يحرس قلعة صمودك العربي وعرينك الشامخ في سورية مع نجلك الحكيم والشجاع سيادة الرئيس بشار الاسد"، واعداً الراحل ب"التهيؤ والاستعداد للحظة الحاسمة في تاريخ هذا الصراع الدامي". من جهته، قدم رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري عرضاً تاريخياً لمسيرة الاسد خلال فترة حكمه التي استمرت ثلاثين سنة حيث بدأها برّي بظهور "كلمة السر" في اعلان "التصحيح" في العام 1970 ومرورا بحرب تشرين الاول اكتوبر 1973 واسقاط اتفاق 17 ايار مايو في لبنان، وصولاً الى ترسيخ الراحل مبدأين هما: "الاول، التضامن العربي كأسلوب عملي او صيغة علمية تبدأ بإزالة كل مظاهر وعوامل التوتر وتنتهي بشكل عال من اشكال التنسيق. الثاني، ان دمقرطة العلاقات الدولية ودمقرطة النظام الذي يجب ان تسير عليه الاممالمتحدة كفيل بجعل العالم اكثر امناً واستقراراً". ولمناسبة الذكرى الاولى لوفاة الاسد، قدم بري "العهد والوعد" للدكتور بشار ب"ان نحفظ لبنان مستقلاً وقوياً ومزدهراً، وان نحفظ روح المقاومة وجذوتها في قلوبنا وان نواصل ارادة المقاومة بمواجهة العدوانية الاسرائيلية التي تهدد بلدنا وتهدد سورية والامة، وان نحفظ سورية قوية عزيزة منيعة ... وان نحافظ على علاقة الاخوة والتنسيق والتعاون والجغرافيا واللغة والحاضر والمستقبل والمصير والمسار المشترك بين لبنان وسورية". ومثل ايران نائب الرئيس حسن حبيبي الذي قال ان "العلاقات الاخوية الودية العميقة" بين طهرانودمشق أتت ثمارها الايجابية والمهمة على الصعيد الاقليمي كما انها اسفرت عن نتائج مثمرة جيدة على صعيد بعض القضايا العالمية. وقدم مثالاً على التعاون بين البلدين "تعاونهما في مجال دعم الشعب الفلسطيني ودعم نضال الشعب اللبناني ضد الاحتلال الصهيوني". وابرق الدكتور بشار امس الى الرئيس محمد خاتمي لمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية. وقال حبيبي في القرداحة: "اننا نعرب مرة اخرى عن تقديرنا العالي لانتخاب سيادة الدكتور بشارخلفا صالحاً يواصل درب والده الكريم"، الامر الذي اشار اليه ايضاً الامين العام المساعد ل"الجبهة الشعبية - القيادة العامة" طلال ناجي اذ قال ان الاسد "تسلم مفتاح دمشق وجدارية حطين" من والده ما ادى الى ان "يرتفع ميزان الحكمة من جديد ... وان يقوى جناح الشجاعة". اما وزير الاعلام المصري صفوت الشريف الذي مثل الرئيس حسني مبارك، فنوه ب"الروابط الاخوية بين شعبينا، وهي روابط خالدة لأنها تمد جذورها في التاريخ وتقوم على ثوابت الواقع وتستشرف من منطلق واحد آفاق المستقبل". وجدد الشريف "من هنا وعلى مقربة من ضريح الرئيس الراحل، تضامن مصر الكامل مع شقيقتها سورية في مواجهة تحديات المرحلة الراهنة". وكان مفتي لبنان الشيخ محمد رشيد قباني اشار الى ان الاسد "خرج من هذه الدنيا وهو يكرر كلمة واحدة "لا للاستسلام"، معتبراً هذه "الامانة في عنق كل واحد منا"، فيما لاحظ رئيس الوزراء الاردني الأسبق طاهر المصري ان ما خفف من "صدمتنا برحيل الاسد وفراقه انه ترك فينا ولنا نجله الرئيس بشار الاسد الذي اثبت خلال فترة قصيرة ان هذا الشبل من ذاك الاسد وبرهن خلال اقل من عام واحد انه اهل لقيادة سورية الحديثة وان سورية في عهده ونهجه ستنمو سياسياً واقتصادياً وديموقراطياً". واذ اشار الى ان الدكتور بشار 36 سنة استقطب اعجاب العرب حين سمى الاشياء بأسمائها الحقيقية، قال المصري: "كم كان مضحكاً ومبكياً في آن واحد وصف الدوائر الصهيونية القائد السوري باللاسامية لأن بلادنا السورية هي مهد السامية والمسيحية وناصرة الدعوة المحمدية"، محذراً حكومة ارييل شارون "من اي اعتداء على سورية لن يبقى محصوراً بين الجانبين بل سيفجر المنطقة بكاملها". وكان بين المتحدثين ايضاً الوزير اللبناني السابق جان عبيد والدكتورة هدى جمال عبدالناصر، والشاعر اللبناني جوزف حرب، ومراد غالب من مصر، ومحسن العيني من اليمن واحمد طالب الابراهيمي من الجزائر، وبطريرك الروم الكاثوليك غيغوريوس لحام، اضافة الى النائب العربي في الكنسيت الاسرائيلية الدكتور عزمي بشارة الذي تحدث ب"اسم عرب فلسطين".