إنها الإبداع بعينه، والفن المختلف، والعلاقة الخاصة بين الإنسان والنص، أعني القصة القصيرة ومن غيرها بدأت اكتشاف عوالم القصة القصيرة منذ ما يزيد عن العشرين عاماً حينما اشتريت المجموعة القصصية الزحف الأبيض للمبدعة لطيفة السالم من إحدى مكتبات الطائفالمدينة المثقفة في إحدى أمسيات الصيف الحالم. قرأت المجموعة بإمعان واندهاش وأعجبتني اسقاطات الكاتبة ومنها القصة عنوان المجموعة التي كانت تتحدث عن زحف الشيب على الرأس. وفي أعوام لاحقة قرأت مجموعة قصصية لأجيال الكتاب والكاتبات السعوديين والعرب وبعض القصص المترجمة. وتوطدت علاقتي بأجواء النص وكتابه من خلال برنامجي الإذاعي استراحة الخميس وكنت أجتهد في ألا تتشابه الأسئلة والحوارات متكئا على التجربة الخاصة لكل ضيف وما تطرحه من تساؤلات. على أن جماهيرية القصة القصيرة، ظلت سؤالاً ثابتاً يطرح على كل قاص وأسمع اجابات متباينة منها أن القصة ليست أدباً منبرياً، وأنها تحتاج إلى قراءات عدة وسماع متكرر حتى تفهم مضامينها وما ترمي إليه من أهداف ومنهم من قال إن نسخاً من القصص المقروءة في الأمسيات يجب ان توزع على الجمهور الحاضر في القاعة قبل الشروع في القراءة وذلك أدعى لتقريب النص المقروء على المنبر، وهناك من كان متفائلاً بعودة القصة القصيرة لأوجها كما كانت في بداية الثمانينات الميلادية، وفرسانها يعدون في الساحة دون أنداد. ومن استضافتي لما يقارب العشرة أسماء من نجوم القصة القصيرة، آخرهم (الكاتب الرسمي لهذه الزاوية) أقول: إن قراءة النصوص القصيرة والمتوسطة والقصيرة جداً بهدوء ولفظ عربي صحيح, سيكون شكلاً من الأشكال الإعلامية المناسبة لإخراج القصة القصيرة من عزلتها الجماهيرية من خلال شرائط كاسيت تتبناها مؤسسات فنية ذات توجهات ثقافية. فالقصة القصيرة، عالم سحري جذاب، كما أن صناعها أناس طيبون وبسطاء ويحبون العالم وينشدون المثالية ونجوميتهم نجومية خاصة ستضيف إلى الساحة الثقافية بعداً آخر تحتاجه.