الاستقرار مطلب إنساني تنشده شعوب الأرض منذ تدرج الإنسان من الكهوف إلى الغابة إلى أشكال المجتمعات الإنسانية سواء أحضرية أو البدوية أو الريفية التي أبرمت عقد اجتماع قد يكون شفوياً أو مكتوباً بين الحاكم والمحكوم، فتطور هذا العقد بحكم تطور مفاهيم الاتصال الإنساني، وأصبح يأخذ أشكالاً مختلفة لأنظمة الحكم في العالم، فالمملكة العربية السعودية منذ الدولة السعودية الأولى، وهي تعمل على توثيق العقد الذي يلزم الحاكم والمحكوم بحقوق متبادلة من أجل إيجاد استقرار اجتماعي يعيش من خلاله أفراد المجتمع بمحبة ووئام وفق آلية التكافل الاجتماعي بين ضعفاء وأقوياء وفقراء وأغنياء المجتمع، ويشهد التاريخ الاجتماعي والسياسي منذ عهد فلاسفة اليونان على أهمية العقد الاجتماعي من خلال الدول التي دام استقرارها الاجتماعي مئات السنين مثل الدولة الأموية والعباسية والعثمانية كأمثلة إسلامية وغيرها من الدول غير الإسلامية مثل الرومانية والفارسية التي ما إن اختل هذا العقد حتى انهارت وتفككت، ومروراً بالدول الحديثة مثل أمريكا الشمالية والمملكة المتحدة وبريطانيا والدول الأخرى التي بقت بفضل الله ثم بفضل الحفاظ على هذا العقد، إذ إن حماية رأس الهرم وهو الحاكم من أي خلل ينعكس على البنية الاجتماعية، وقرار نظام الحكم في المملكة العربية السعودية ونظام مجلس الشورى وتتويجها بنظام هيئة البيعة ركائز لها انعكاس على الاستقرار الاجتماعي يقوي لحمة المحكوم بالحاكم، وتستقر المدلولات المجردة بأخرى مكتوبة ومحسوسة، فكلمة دولة لها ركائز أهمها الأرض والشعب بحسها المنتمي إليها من خلال حماية الأرض، ومن يحكمها كما هو الحال في كلمة وطنية، فهي مدلول لوظائف يقوم بها المواطن تعبيراً عن حب الأرض وما يقرب إليها من أرض وحاكم ونظام، لذا فإن نظام البيعة الذي توج نظام الحكم في الدولة هو دليل على مدى حرص هذه الدولة على استقرار المجتمع واستمرار هذا العهد الزاهر لدولة السعودية الحديثة في العالم التي سوف يكون لها شأن غير مسبوق يتضح من خلال الإغراق على المشروعات الاقتصادية ذات المردود الإيجابي على التنمية الاجتماعية، فلا انفصال بين نظام البيعة الذي يشير إلى وضوح الرؤى لمستقبل الدولة وبين هذه المشروعات المستقبلية المحتاجة لمثل هذه الهيئة التي يحميها من أي اجتهاد أو عدم فهم لمستقبل الحاكم حفظه الله، وللأسرة الحاكمة، ونظام البيعة هو آلية حديثة تنبئ عن عقلية حريصة على مصلحة هذه الدولة وعلى شعبها واستقراره، وتكميم للأبواق الحاقدة المستأجرة ضد هذا الكيان الراسخ على قوامة الحب المتبادل بين الحاكم والمحكوم الذي يخلق بتوفيق الله مستقبلاً يسوده الاستقرار الاجتماعي الذي يعد إكسير عمارة الأرض.