كثرت في الآونة الأخيرة أخبار الذين يُفتنون في دينهم من المسلمين، فيهملون فرائضه، ويتهاونون بها، وينكرون بعض أصوله، أو يكفرون ببعض دينهم ويؤمنون ببعض، أو يُثيرون شبهاً كثيرة حول ثوابت دينهم بعد أن تشبعت بها عقولهم. ومن بين تلك الأخبار الكثيرة عن افتتان كثيرٍ من المسلمين بصخب الحياة المعاصرة وضجيجها، أخبار مؤلمة عن اعتناق بعض المفتونين من المسلمين الديانة النصرانية، وإعلان ذلك انطلاقاً من حرية المسلم في تغيير دينه كما يزعمون، ومع أن الأعداد التي وردت أخبارها في هذا المجال قليلة إلاَّ أنها ذات دلالةٍ خطيرة تدعونا جميعاً إلى تأمُّلها ووضع الحلول الناجعة لها. لقد تأملت ذلك الغضب الشعبي العارم في المغرب العربي بسبب تحوَّل عددٍ غير قليل من الأشخاص من الإسلام إلى النصرانية، فخطرت ببالي فكرة الجانب العملي التي لا بد منها لمواجهة مثل هذه الفتن، فمواقع الإنترنت والقنوات الفضائية والإذاعات والمجلات، والكتب والأشرطة المختلفة والاتصالات الشخصية المباشرة تقوم بدورٍ عملي واضح في إثارة فتن القلوب، وإغواء ضعفاء المسلمين، ودغدغة عواطفهم، وهذا الدور الخطير لهذه الوسائل لا ينفع معه إعلان الغضب، ورفع الصوت بالإنكار فقط، ولكن لا بد له من عملٍ منظم مدروس لبناء سدودٍ إيمانية أمام طوفان الفتن والضلال والانحراف الذي قد يجرُّ بعض الناس إلى تغيير دينهم والعياذ بالله. حينما قال الإمام الذهبي - رحمه الله -: (القلوب ضعيفة، والشُّبَه خطَّافة) فقد صوَّر الحالة تصويراً دقيقاً، فالشُّبه والفتن والرغبات (خَطَّافة) تخطف قلوب الناس وعقولهم إذا لم تحذر منها، ولعل ذلك هو الذي جعل النبي عليه الصلاة والسلام يغضب لمَّا رأى نسخة من التوراة في يد عمر رضي الله عنه، وقال له: أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب، والله لو كان موسى حيَّاً لما وسعه إلا أن يتبعني) أو كما قال عليه الصلاة والسلام. إنَّ كثيراً من المسلمين في بلادنا وفي العالم الإسلامي تهاونوا بمنافذ الثقافة والفكر والأدب المنحرفة، وتهاونوا بمسألة الحصانة الثقافية فكان ذلك سبباً لفتن عظيمة رأينا آثارها على كثيرٍ من أبنائنا وبناتنا الذين خرجوا عن طوق الاستتار والحياء، إلى الإعلان والإشهار، إن من الإحصاءات الواردة في موضوع الإنترنت أن في العالم حوالي مائتي مليون موقع تشتغل، ومنها نسبة واحد في المائة مواقع إباحية بحتة، أي أن عدد المواقع الإباحية يصل إلى مليوني موقع، وهنالك مواقع أخرى فكرية وعقدية منحرفة تصل إلى مئات الآلاف، فكيف يمكن أن يصمد عقل شاب مسلم أو فتاةٍ مسلمة أمام هذه السيول الجارفة إذا لم نقم جميعاً بدورنا في هذه القضية الخطيرة؟. مما قيل عن موضوع المرتدين في المغرب وغيرها أن السبب في ذلك مواقع الإنترنت والفضائيات والاتصالات الشخصية من المنصِّرين الذين يخاطبون الناس بما يلبِّي رغباتهم وشهواتهم، ويتفنون في ذلك. ان ارتداد المسلم عن دينه يعني نهاية حياته وآخرته كما قال تعالى: {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (217) سورة البقرة، اللهم ثبَّت قلوبنا جميعاً على الحقِّ حتى نلقاك. ليت مكاتب الجاليات، والندوة العالمية للشباب الإسلامي، ورابطة العالم الإسلامي تقدم برامج عملية نافعة في هذا المجال. إشارة: عرفوا الله في الشقاء فلما