لو طُلب مني أن أعطي اسما للقاء بوش- أولمرت، لأطلقت عليه (قمة الفاشلين). كلاهما تورط في حروب لا حلول لها رغم القوة العسكرية التي بحوزتهما. ولكليهما وزيرا دفاع كانا عبئا مرهقا على أكتافهما. بوش قام بإقالة وزيره بينما ما زال إيهود أولمرت شريكا كاملا مع وزير دفاعه. كلاهما انجرا إلى الحروب دون التفكير المسبق بنتائجها والثمن المترتب عليها. بوش وأولمرت في وضع غير جيد في الرأي العام. 72% من الجمهور الإسرائيلي يؤيد إقالة وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان، وشعبية أولمرت في الحضيض. قبالة عدسات الكاميرا تصافح الاثنان وربتا على أكتاف بعضهما البعض، وكل لأسبابه.. بقيت لبوش سنتان أخريان للبقاء في الرئاسة، ومازال بإمكانه أن يدخل في مسار إصلاحي لتقويم مجريات الأمور. ذلك لأن الرئيس الذي يصبح بطة عرجاء يملك أيضا صلاحيات لا بأس بها. بإمكانه أن يغير السياسات وأن يُقيل الوزراء والمسئولين والجنرالات وكل أولئك الذين قدموا له النصائح الرديئة، وتعيين أشخاص أفضل منهم في مكانهم. أما أولمرت فقد سعى إلى تعزيز مكانته في إسرائيل من خلال إثارة الانطباع بأنه (جبار) في المسألة العراقية والإيرانية، وأنه في حالة انسجام وتنسيق مع الرئيس. وبذلك أحرج الإدارة الأمريكية والجمهوريين والجمهور اليهودي دفعة واحدة. مع (إخفاقات) القيادة العسكرية في حرب لبنان وفي بيت حانون وعدم قدرتها على وضع حد لإطلاق صواريخ القسام، يمكن القول بالتأكيد إن الجنرالات الأمريكيين قد بحثوا عن مخبأ لهم في ملاجئ البنتاجون. هم صدوا مساعدتنا منذ حرب الخليج الأولى، فما بالك بهم الآن في معركتي العراق وإيران. وزارة الدفاع الأمريكية تدرك ما أدركه الإسرائيليون مؤخرا: الجيش الإسرائيلي لم يعد كما كان. الأمر الأخير الذي يريده البنتاجون هو أن نساعدهم في مجالات ومناطق هم أنفسهم لا يعرفون كيف يمكن معالجتها. هل قمنا بدورنا بحل ورطاتنا التي علقنا فيها؟ أولمرت جلب معه إلى أمريكا خصوماته الداخلية في قضية تحمل المسئولية عن إخفاقات الحرب اللبنانية الثانية. هو أخطأ عندما أحجم عن تقديم الدعم لرئيس هيئة الأركان عندما طالب ضباط كبار وشخصيات هامة من الجمهور بإقالته. وقد أخطأ ثانية عندما تراجع عن موقفه واتصل به قائلا له إن هناك سوء فهم وأنه يُقدم له مساندته الكاملة، مضيفا الخطأ على الخطيئة. من المعتاد في عالم الرياضة أن يكون دعم إدارة فريق معين للمدرب إشارة إلى قُرب إقالته من منصبه. ذلك لأنه لو كان على ما يرام لما كانوا قدموا له دعمهم العلني. كل هذا الجدل حول مسئولية فشل الجيش الذي لم يكن جاهزا للحرب، ما هو إلا نوع من الفوضى والهراء. رئيس الأركان، إذا بقينا ضمن المصطلحات الرياضية، ملزم بتعليق حذائه ونظاراته الشمسية دون انتظار انتهاء لجان التحقيق من عملها. هو كان الشخص غير الصحيح في الوقت والمهمة غير الصحيحين كجندي لا يمتلك أي تصور للقتال البري. وإذا كنا نتحدث عن عدم جاهزية الجيش، فإن جزءا كبيرا من المسئولية مُلقى على عاتق موشيه يعلون الذي كان ينتمي إلى القوات البرية. المسئولية عن التقديرات العسكرية الخاطئة بشن الحرب تتوزع بعدّ تنازلي أو تصاعدي بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان. مع رفض أولمرت المبادرة لرزمة سياسية جديدة تدفع السلام إلى الأمام، كما اقترحت تسيبي لفني، ومع خطر جولة عسكرية جديدة في الشمال والجنوب، كما يرددون في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، وفي جهاز الأمن العام (الشاباك)، يمكن القول إنه لا بيرتس ولا حلوتس ملائمان لإعادة الجيش إلى جاهزيته وأهليته لهذا التحدي. في ظل الأجواء الكئيبة السائدة في نفوس الجمهور، يعتبر السؤال الحاسم ليس فقط إذا كان وزير الدفاع قد أدرك إلى أين يقوده رئيس هيئة الأركان، وإنما هو هل سأل رئيس الوزراء الأسئلة الصحيحة من قبل أن يصادق على شن العملية. رغم أن استقالة أولمرت غير ممكنة بدون انتخابات، إلا أن المسئولية العليا لهذا الفشل النتن- ملقاة كلها على عاتقه. هو قد يجد نفسه في الخارج كرأس للسمكة، وقبل فترة طويلة من مغادرة بوش للبيت الأبيض.