تباينت ردود أفعال وتوقعات المراقبين والمحللين السياسيين والقانونيين حول تداعيات الحكم على صدام حسين بالإعدام شنقا ما بين التشكيك في قدرة هذه الأحكام على إسدال الستار على فصل دام شهده العراق وأنها ستؤدي إلى منع أو التقليل من حدة العنف بالعراق وبين التأكيد على ان استصدار هذا الحكم اتخذ وجها سياسيا وليس قانونيا كما جاء في هذا التوقيت ردا على موجة العنف الأخيرة التي تشهدها الاراضي العراقية وانه يصب في صالح الإدارة الأمريكية ويخدم أهدافها السياسية، وفيما يرى البعض ان صدام حسين نال بهذا الحكم ما يستحقه أشار آخرون إلى استثمار هذا الحكم في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الامريكي. وقال الدكتور سعيد الدقاق أستاذ القانون الدولي بجامعة الإسكندرية انه من الصعب التأكيد على ان الأحكام الصادرة اصطبغت بالصبغة السياسية كما ان الأحكام الصادرة جاءت متنوعة ففيها الإعدام والسجن مدى الحياة والبراءة كما انه يستتبع حكم الإعدام او السجن مدى الحياة استئناف مما يؤخر أي إعدام لعدة أشهر على الأقل واستبعد الدقاق زيادة حدة العنف بسبب صدور الأحكام مشيرا إلى ان حالة العنف قائمة بسبب ما يعانيه العراق من احتلال وفوضى. مصالح أمريكية فيما قال رئيس جمعية التحليل السياسي المصري الدكتور ماهر قابيل إن إدانة صدام حسين والحكم علية بالإعدام شنقا تصب مباشرة في صالح الولاياتالمتحدةالأمريكية وهي بالفعل بمثابة تعزيز حقيقي جاء في الوقت المناسب للرئيس جورج بوش قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس يوم الثلاثاء والتي قد يخسر الجمهوريون فيها السيطرة على مجلسي الكونجرس جزئيا في رد فعل بشأن حرب العراق. كما ان هذا الحكم قد يزيد حدة الاحتقان والعنف الداخلي فقبل صدور الحكم دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى حظر تجول وأعلنت حالة الاستنفار الأمني في العراق وتم تشديد الإجراءات الأمنية قبل صدور الحكم بإعدام الرئيس العراقي كما طالب بإعدام صدام بسرعة، وهذه الإجراءات تأتي للخوف الحقيقي من تأجيج حالة العنف بالعراق. وقال المحلل السياسي الدكتور أحمد الرشيدي ان هذه الأحكام جاءت سريعة ومتعجلة ولا يكفي سنة واحدة للتحقيق على فترة حكم صدام حسين حيث تعتبر محاكمة صدام حسين الأولى التي تجري ضد حاكم سابق في دولته وبواسطة مواطنيه وسيحكم التاريخ والرأي العام العالمي ما إذا كانت الحكومة العراقية الجديدة، برعاية الولاياتالمتحدة، قد أقامت محاكمة عادلة أم أنها كانت مجرد انتقام من جانبهم غير أن المحاكمة فشلت في البداية في الجانب المتعلق بتوفير معايير إجراء محاكمة عادلة وهذا ما انعكس على قرارها النهائي. أما عن تداعيات الحكم فلا يوجد جديد في العراق حيث تعم الفوضى والتخبط والارتباك وهذا يعبر عن فشل الاحتلال الذي تسببت ممارساته في تفاقم الفوضى والعنف ولم تنجح أمريكا حتى الآن في إعادة بناء مؤسسات الدولة العراقية الأمر الذي فاقم من مأساة الشعب العراقي وبالذات من حيث الافتقار إلى الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى الافتقار إلى الأمن والاستقرار. يوم حزين ويقول أمين الديب المحامي المصري وعضو هيئة الدفاع عن صدام إنني أطلقت على هذا اليوم (5 نوفمبر) اليوم الحزين وأعتقد ان جميع القانونيين في العالم أجمع يتفقون معي في هذا فهذا الحكم ليس ضد الرئيس العراقي صدام حسين ولكنه جاء حكما ضد القانون وقد جاء في مقتل بالنسبة للشرعية الدولية وهو وصمة عار في جبين القانون الدولي والعدالة الدولية وصدمة للعالم كله ومعي من الأدلة والقرائن التي تثبت ذلك. وأضاف: لقد تناولت هذه القضية بالبحث والدراسة بصورة كاملة من جميع الجوانب ولم أجد أي دليل أو إدانة على الرئيس صدام حسين فهو كرئيس شرعي منتخب تعرض لمحاولة اغتيال وكان يمكنه أن يلجأ لطرق غير شرعية للإجهاز على المتورطين في هذه المحاولة دون محاكمة ولكنه احترم القانون واتخذ ما يمليه عليه القانون والشرع وأحال المتورطين في محاولة الاغتيال للمحاكمة أمام محكمة جنايات الثورة. وحول أداء هيئة الدفاع قال الديب ان هيئة الدفاع كان عندها أمل ان تجاب طلباتها ودفوعها وان يتم الاستماع لها لإثبات انه لا توجد إدانة على الرئيس صدام حسين ولا توجد جريمة ارتكبت من الأساس من جانب صدام حسين او رفاقه وإني أتعجب مثلا كيف يحاكم رئيس محكمة جنايات الثورة كشخص عام بتهمة ممارسته لعمل كرجل قانون وهذا يؤكد أن الحكم أعادنا لعصر الغابة وليس له أي أساس قانوني حيث انه صدر عن محكمة غير شرعية وغير معترف بها ومن خلال محاكمة زائفة لم تكن سوى مجرد تمثيلية هزلية هدفها النهائي هو إصدار مثل هذا الحكم مهما كانت الظروف ومهما كانت الدفوع حتى يتم استغلاله سياسيا من جانب أمريكا التي حرصت على صدور الحكم في هذا التوقيت بالذات والذي يخدم الأهداف السياسية للحزب الجمهوري الحاكم في أمريكا. وأكد الديب أن هناك الكثير من الدلائل التي تؤكد أن هذا الحكم سياسي بالدرجة الأولى وإلا فلماذا أسرعت الحكومة العراقية في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة تداعيات صدور حكم الإعدام قبل صدوره فعليا بيوم فهل كانت على علم بهذا الحكم وقال: أنا أناشد العالم كله الاطلاع على ملف هذه القضية وعلى القرينة الأقوى فيها وهي عدم وجود ملف قضية الدجيل الذي أحاله الرئيس صدام للمحاكمة وهذا الملف لا وجود له وهذا يبطل المحاكمة من أساسها. وحول الخطوة القادمة لهيئة الدفاع قال الديب: نأمل أن يكون هناك محكمة تمييز بالعراق مثل محاكم التمييز الأخرى في دول العالم تستمع للطعن الذي سنتقدم به ولكن إذا كانت مشابهة لهذه المحكمة التي أصدرت حكم الإعدام فالمحصلة واحدة وما يريدونه سيفعلونه دون أي احترام للقانون ولا الشرعية الدولية. جدل مستمر وحسبما يؤكد العديد من الحقوقيون ان محاكمة صدام شابها الكثير من النواقص، إذ يقول ريتشارد ديكر، مدير البرنامج الدولي لمنظمة (هيومان رايتس ووتش) ان تدخل المسئولين في عمل المحكمة يعتبر (تدخلا سياسيا غير لائق يؤثر سلبا على الاستقلال السياسي للمحكمة). وأضاف ديكر يقول ان اعتراف صدام حسين أمام المحكمة بمسؤوليته اكد تورطه وأصبحت الأخطاء الإجرائية امرا ثانويا. صدور حكم بإدانة صدام حسين لا يعني سوى إعدامه، إلا ان وجهات نظر عدد من المحللين الغربيين تباينت إزاء دعم وتأييد هذه النتيجة من جهة أخرى يحق لصدام حسين والمتهمين الآخرين معه في القضية استئناف الحكم ما يحول دون تنفيذه قبل عدة أشهر. وبحسب القوانين التأسيسية للمحكمة التي أنشئت في كانون الأول (ديسمبر) عام 2003 يمكن لكل من المتهمين والمدعي العام استئناف الحكم. وأشارت المحامية اللبنانية بشرى الخليل العضو في فريق الدفاع عن الرئيس السابق إلى انه (اذا حكم على صدام بالإعدام فإن الدفاع سيستأنف الحكم). وسيكون هذا الاستئناف أكثر شبها بطعن بالنقض اذ يجب ان يكون دافعه عيب في الإجراءات او عدم احترام القانون. وتبحث هذا الاستئناف غرفة استئناف في المحكمة مكونة من تسعة قضاة.وإذا رأت هذه الغرفة وجود أساس للاستئناف سيتعين في هذه الحالة إجراء محاكمة جديدة وفي حال التصديق على القرار الذي اتخذته محكمة أول درجة، ينبغي تنفيذ الحكم خلال الثلاثين يوما التالية حسب قواعد المحكمة.ووفقا لقواعد المحكمة لا يمكن لأي سلطة أخرى، بما في ذلك الرئيس العراقي نفسه تخفيف حكم الإعدام او استعمال حق العفو الرئاسي في الأحكام التي تصدر عنها وكان صدام أعلن في تموز (يوليو) الماضي انه يفضل ان يعدم بالرصاص وقال: (تذكروا ان صدام كان عسكرياً وإذا حكم عليه بالإعدام، فينبغي ان يكون ذلك رمياً بالرصاص لا شنقا).