أولاد الشوارع بهمومهم وآهاتهم ومعاناتهم الدائمة وبأحزانهم ومرارتهم وبجروحهم الفائرة.. أولاد الشوارع ببؤسهم وفقرهم وتعاستهم المستمرة.. شاهدناهم وتفاعلنا معهم بقيادة نجمة تلفزيونية استطاعت أن تتقمص الشخصية وآثارها الانفعالية، وفي علم الدراما هناك علاقة وطيدة بين الشخصية وحركة الجسد، وهذا ما أتقنته (حنان) بدقة متناهية، وهذا الإتقان يجعل بعض الأفعال الدرامية (الصامتة) في المشهد أفعالاً معبرة، وذلك من خلال نظراتها وحركاتها وحتى إيقاع خطواتها. (حنان) بعد قراءتها المتعمقة للنص ذهبت وعايشت المأساة الحقيقية لأولاد الشوارع ورافقتهم وحادثتهم أياماً متواصلة لتظهر لنا (زينب) محملة بالأحزان وهموم الفقر الأبدية. جسدت (حنان) شخصية (زينب) ببراعة كاملة، وذلك بفكرها الدرامي الراقي، ولكن كيف استطاعت (زينب) أن تصل إلى قلوب وعقول المتابعين؟! كيف جعلتهم يتفاعلون مع أحداثها المحزنة ويبكون من الظلم الذي وقع عليها دون أدنى ذنب منها؟! شخصية زينب هذه الفنانة (حنان ترك) لم تظهر بشخصية (زينب) بمجرد قراءتها لنص درامي مكتوب، بل ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك لعلمها التام أن المتلقّي لن يتفاعل ولن ينجذب للعمل إلا عندما يرى الشخصية الحقيقية لبنت (الشارع)؛ لذلك حرصت (حنان) على أن تقرأ النص بتعمق لتدخل في تفاصيل الشخصية وتدرس سلوكياتها بمزيد من الألم، وعندما تصاعدت الأحداث الدرامية تصاعد الأداء الرائع لحنان فعشنا مع الشخصية بكل أبعادها وتعاطفنا معها. استغلال الغلابة احتوى العمل على قضايا وهموم كثيرة لأولاد الشوارع، لعل أبزها كيفية الاستغلال من قبل بعض الأشخاص عديمي الضمير لهؤلاء (الغلابة) الذين باعوا أعز وأغلى ما يملكون من أجل قوت يومهم، ليبقى التساؤل قائماً: من المسؤول عن استغلال وسلب أدنى الحقوق الإنسانية لأولاد الشوارع؟!