وخمائل الرَّحَماتِ والغفرانِ ما بين أنهارٍ تدفَّقَ ماؤها عَذْباً، ليطفئَ حُرْقَةَ الظمآنِ ما بين أَلْفِ حديقةٍ مغروسةٍ بمشاتل الأعنابِ والرُّمانِ ما بين أَطيارٍ، سَمَا تغريدُها بمشاعر الأزهار والأغصانِ ما بين شمس المكرماتِ ونورها وضياءِ كوكبِ رحمةٍ وحَنانِ ما بين إحساسي بما تزكو به نفسي، وما يصفو به وجداني ما بين واحاتٍ تبرَّج حُسْنُها وتهلَّلَتْ بتلاوةِ القرآنِ أقبلتَ يا رمضانُ فَيْضَ سعادةٍ تسقي زهورَ الحبِّ والإِذعانِ أقبلتَ محفوفاً بأجمل ما رأتْ عين المحبِّ، ومُهْجَةُ الوَلهانِ أقبلتَ والأشواقُ حولك تحتفي مزهوَّةً بجمالكَ الفتَّانِ أقبلتَ يا شهرَ الصيام معطراً بشذا سموِّ الرُّوح، والعرفانِ في وجهك الميمون صورة قادمٍ مستبشرٍ بالبرِّ والإحسانِ أقبلتَ تحمل للنجاةِ بطاقةً ممهورةً بسعادةِ الإنسانِ في مقلتيكَ من الصفاءِ تَأَلقٌ يمحو شقاءَ الخائفِ الحيرانِ بيديكَ تطفئُ - حين تأتي - لوعةً مشبوبةً في خاطر الولهانِ هل أنتَ ضيفٌ؟ لا، فإنك صاحبٌ للدار، تُكرمُ وافدَ الضِّيفانِ ما أنتَ ضيفٌ، أنتَ صاحب دارنا ترعى حقوق الأهلِ والجيرانِ أنتَ الذي تُبدي لنا وجهَ الرِّضا فتتوقَ أنفسنا إلى الرَّيَّانِ أنتَ الذي ترقى بنفسِ مقارفٍ للذنب، تنقذه من الشيطانِ أولستَ يا رمضانُ تطعم جائعاً وتمدُّ حَبْلَ تآلُفِ الإخوانِ أقبلتَ يا رمضانُ، والأشواقُ في أعماقنا، كالنهر في الجَرَيانِ أشواقُنا للأجر فيكَ مُضاعَفاً ولعتق أنفسنا من النيرانِ أشواقنا للخير يطرد ما نرى في الأرض من شرٍّ ومن نُكرانِ أشواقنا للحقِّ ينقذ أرضنا من عادياتِ الظلم والطغيانِ أشواقنا للحبِّ يغسل أرضنا من سَوْرَةِ الأحقادِ والأضغانِ أشواقنا لسعادة التقوى التي تحمي من الأهواءِ والعصيانِ أشواقنا للقائنا بأحبَّةٍ رحلوا عن الدنيا بلا استئذانِ رحلوا عن الدنيا وكم من حسرةٍ تركوا، وكم تركوا من الأَحزانِ رحلوا، وداوَينا القلوبَ بصبرها ولجوءِ أَنْفُسِنا إلى الرَّحمنِ عُذْراً أميرَ شهورنا لمَّا ترى إعلامَ أمتنا صَريعَ غَواني يقتاتُ من وَحَل الرَّذيلةِ والهوى وبها يُثير غرائز الحيوانِ عذراً فتلك حكاية مشؤومةٌ تُروَى مآسيها بكلِّ لسانِ دَعْها - أَميرَ شهورنا - واغرسْ لنا ما طابَ من شيحٍ ومن ريحانِ أقبَلْتَ يا شهرَ الصيام، فلا تَسَلْ عن لَهْفَةِ المشتاقِ حين تَراني عَيني، إذا أَقْبَلْتَ تُبصر غَيْمةً تَهمي، وتبصر فَرْحَةَ البُستانِ إني لأرجو أنْ تكونَ ضيافتي من راحتيكَ ضيافةَ اطمئنانِ