دعا خبراء ومحلِّلون الحكومة السودانية إلى القبول بوجود قوات دولية في إقليم دارفور والتوقف عما وصفوه بسياسة العناد في مواجهة القرار 1706 الخاص بدارفور، مشيرين في نفس الوقت إلى أن التكلفة المادية والبشرية والمعنوية لدخول قوات دولية إلى الإقليم السوداني دون موافقة الخرطوم ستكون باهظة جداً للطرفين الدولي والسوداني. وذهب الدكتور جمال عبدالجواد رئيس وحدة العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إلى أن السودان قد يواجه عزلة دولية وعقوبات اقتصادية وربما مواجهة عسكرية في حال استمرار رفضه لدخول قوات دولية إلى دارفور، مشيراً في نفس الوقت إلى أن تكلفة التدخل الدولي دون موافقة الخرطوم ستكون عالية جداً للطرف الدولي وقد تصل إلى اشتباكات عسكرية بين القوات الدولية ومدنيين يقاومون هذه القوات. وقال عبدالجواد في ندوة نظمها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان حول أزمة دارفور إن الموقف في السودان شديد الصعوبة وينذر بتصاعد الأزمة اكثر من انفراجها ما لم تنجح الأطراف المختلفة في التوصل لتسوية تحفظ ماء وجه كل منهم ودعا عبدالجواد الخرطوم إلى التعامل بجدية مع العرض البريطاني وعدم الاستخفاف به، وهاجم عبدالجواد الحكومة السودانية وقال إنها ألزمت نفسها باختيارات خاطئة ولم تنجح في تنفيذ اتفاق السلام الخاص بدارفور وأساءت توظيفه إلى حد بعيد رافضاً المقارنة بين الموقفين الإيراني والسوداني في المواجهة مع المجتمع الدولي وقال إن إيران تقف على أرضية أخلاقية بها قدر من الصلابة أما الموقف السوداني - في رأي عبد الجواد- فهو موقف هش ويضعفه وجود قضية إنسانية في دارفور تتمثل في عمليات القتل والتهجير والاضطهاد المستمر. ويرى عبد الجواد أنه لا خوف على الأمن القومي المصري من وجود قوات دولية في دارفور وقال: (إن خبرة السنوات الأخيرة برهنت على أن الخطر على الأمن القومي المصري هو في الدول الفاشلة أكثر منه في وجود قوات دولية هنا أو هناك, كما هو الحال في العراق ولبنان والصومال وقطاع غزة (واعتبر أن وجود) دول فاشلة حول مصر يمكن أن يدفعها إلى صراع إقليمى كبير أو يجعلها هدفاً للإرهاب وأشاد عبدالجواد بما وصفه بتعاون الحكومة المصرية مع المجتمع الدولي في تدخلاته لإحلال السلم الأهلي هنا أو هناك معتبراً أن ذلك قد أسقط المخاوف التقليدية الموروثة من (حقبة الراديكالية القومية) من التعاون مع المجتمع الدولي. واتفقت الدكتورة إجلال رأفت أستاذ العلوم السياسية مع القول بأن التدخل الدولي دون موافقة الخرطوم سوف يؤدي إلى مواجهة بين القوات الدولية والمدنيين السودانيين الحاملين للسلاح ولأفكار الجهاد وقالت إن هذه المواجهة ستكون دموية خطيرة وستنتج عنها فوضى عارمة قد تصل بالسودان إلى مرحلة (الصوملة) ورأت أن هذه الفوضى ستؤدي إلى تأثيرات خطيرة على الأمن القومي المصري. وأشار رأفت أن اتفاقية أبوجا لسلام دارفور كان محكوماً عليها بالفشل منذ البداية لكونها اتفاقية جزئية ولا تغطي مطالب أهل الإقليم ولم تعقد سوى مع حاملي السلاح من أهل دارفور وطالبت الخرطوم بالقبول بالقوات الدولية واصفة الموقف العربي تجاه الأزمة بأنه كان دون المستوى. وأكد الباحث السوداني أحمد ضحية أن ضحايا الصراع في دارفور تعدوا ال400 ألف شخص ودعا ضحية إلى عدم الرهان على أي موقف عربي لحل أزمة دارفور مشيراً إلى أنه حتى أصدقاء السودان من الدول الكبرى مثل روسيا والصين امتنعوا عن التصويت ضد القرار 1706 وتوقع ضحية أن تقبل الحكومة السودانية بالقرار في النهاية مشيراً في ذلك إلى الانقسام داخلها هي نفسها حول التعامل مع هذا القرار. واعتبر أن مواقف بعض الأحزاب الصغيرة الرافضة للتدخل الدولي ليست ذات أهمية بجوار موقف حزب كبير كحزب الأمة المعارض المؤيد للتدخل لما يملكه هذا الحزب من قاعدة شعبية كبيرة في دارفور.