سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موفد بلير يلغي زيارته بعد رفض البشير استقباله ... ومساعد الرئيس السوداني وقادة المعارضة يرحبون بقرار . مجلس الأمن الخرطوم تستعد لمواجهة "غزو أجنبي" وتهدد بطرد القوات الأفريقية من دارفور
صعّدت الحكومة السودانية، أمس، من لهجتها تجاه قرار مجلس الأمن الرقم 1706 القاضي بنشر قوات دولية في دارفور، وحذّرت من انها ستعتبر أي خطوة لتطبيق القرار من دون موافقتها غزواً أجنبياً وستواجهه بالقوة، وهددت بطرد جنود الاتحاد الأفريقي المنتشرين في الاقليم إذا حاولوا تغيير"قبعاتهم الى زرقاء"بعد انتهاء مهماتهم نهاية الشهر. لكن المعارضة السودانية رحّبت بالقرار وحمّلت الحكومة مسؤولية التدخل الأجنبي وطالبتها بالتعامل مع القرار وعدم الدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي. وفي أول رد فعل على القرار على مستوى الرئاسة، كشف نائب الرئيس علي عثمان محمد طه أن حكومته لديها خيارات وخطط قومية لمواجهة التدخل الأجنبي، مؤكداً ان المعركة مع المجتمع الدولي تحتاج الى نفس طويل وإحكام التدابير، داعياً الى ضرورة تحويل الرفض للقوات الدولية إلى برنامج عمل فاعل وحركة دائبة. وأشار لدى مخاطبته أمس فعاليات سياسية وشعبية والإدارة الأهلية في الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان في وسط البلاد، الى ما أحدثه"حزب الله"في صفوف الجيش الإسرائيلي نتيجة تمتعه بالعزيمة والصبر. وأضاف:"نحن مستعدون لكل الاحتمالات". ورفض الرئيس السوداني عمر البشير مقابلة وزير الدولة البريطاني في وزارة الخارجية اللورد تريزمان الذي كان يحمل اليه رسالة من رئيس الوزراء توني بلير، واعتذرت الرئاسة للمسؤول البريطاني كون برنامج البشير لن يسمح بمقابلته. وعلمت"الحياة"في لندن ان اللورد تريزمان ألغى زيارته للسودان نتيجة موقف الرئاسة السودانية ولاعتبارات أخرى مرتبطة بالخلافات في شأن القوة الدولية لدارفور. وكان البشير هدد في 24 آب اغسطس الماضي بقطع العلاقات مع بريطانيا وطرد سفيرها من الخرطوم في حال تبنى مجلس الأمن مشروعها لنشر قوات دولية في دارفور. وكانت تقارير ذكرت أمس ان الحكومة طلبت رسمياً من الاتحاد الأفريقي الشروع في سحب قواته فوراً من دارفور على أن يكتمل سحبها قبل 30 أيلول سبتمبر الجاري. وأفادت ان الخرطوم ستخاطب كل الدول الأفريقية التي تعمل قواتها في دارفور شاكرة لها مساهمتها السابقة، ومبلغة إياها في الوقت ذاته أن قواتها لم يعد مطلوباً وجودها في السودان. وبررت الإجراء بأنه"طالما وافق الاتحاد الأفريقي على نقل مهمته في دارفور للقوات الأممية فهذا يعني انه وضع حداً لدوره في حفظ السلام فى الإقليم"، وأضافت ان الإجراء يأتي مع تحذير وجهه الرئيس البشير في وقت سابق لقادة الاتحاد الأفريقي بأن السودان سيطلب الى الدول الأفريقية العاملة قواتها في دارفور بالانسحاب من هناك في حال تأييد الاتحاد لأي قرار من مجلس الأمن في نقل المهمة الأمنية. وقال مستشار الرئيس الدكتور مجذوب الخليفة ل"الحياة"أمس تعليقا على رفض البشير مقابلة المسؤول البريطاني، إن التفاهم والحوار كانا مجديين قبل صدور قرار مجلس الأمن. ولم يستبعد أن تطرد حكومته قوات الإتحاد الأفريقي إذا حاولت تغيير قبعاتها إلى زرقاء، أي إلى الأممالمتحدة، بعد انتهاء مهماتها نهاية الشهر. وحمل في شدة على مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون المنظمات الدولية كريستين سيلفربرغ التي ذكرت ان موافقة الخرطوم غير ضرورية لنشر قوات الأممالمتحدة بعد صدور القرار 1706، موضحاً ان القرار اشترط موافقة حكومته وإن أي محاولة لفرض أمر واقع أو إرسال قوات إلى دارفور ستعتبره الحكومة غزواً اجنبياً وستواجهه بالقوة حفاظاً على سيادة البلاد واستقلالها. واعتبر بلاده في حال تعبئة لمواجهة أي مخاطر محتملة من دون أن تعلن الحرب. وأضاف الخليفة إن القرار الدولي في حق بلاده يستهدف إعادة الاستعمار الى المنطقة، محذّراً من أن أي محاولة لتطبيقه ستجر المنطقة الأفريقية الى دوامة حرب لن تتوقف وسينتقل لهيبها الى كل دول الافريقية المجاورة والإقليم بأكمله، لافتاً إلى أن دور الاممالمتحدة صار ضعيفاً ولم يستطع، مثلاً، إعادة الأمن إلى العراق أو أفغانستان. لكن"حركة تحرير السودان"بزعامة مني اركو مناوي، كبير مساعدي الرئيس البشير، اعتبرت القرار 1706 إنتصاراً لإرادة الشعب السوداني، وتطلع أهل دارفور إلى الحصول على الأمن والاستقرار، محذرة الرافضين داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم من الاستمرار في رفضه. ووصف الناطق باسم رئاسة الحركة محجوب حسين، في بيان أمس، القرار بأنه تعبير حقيقي عن إرادة أهل دارفور و"القوى الوطنية الحية"في البلاد، معتبراً انه يفتح الطريق لإنهاء أزمة الإقليم. وأعلن رئيس"حركة العدل والمساواة"المتمردة في دارفور الدكتور خليل إبراهيم رفضه قرار مجلس الأمن لجهة انه يُثبّت اتفاق أبوجا الذي"لا يلبي رغبات أهل دارفور". وقال في حديث الى راديو فرنسا الدولي إن"دخول قوات إضافية إلى الإقليم سيعقّد المشكلة ولن يحلها ويجب ايجاد حل سياسي وإعادة النظر في اتفاق أبوجا وتطويره ليصبح اتفاقا شاملاً، ثم تدخل القوات الأممية لحفظ عملية السلام". وقال رئيس الوزراء السابق زعيم حزب الأمة الصادق المهدي ان الخرطوم ليس أمامها إلا قبول قرار مجلس الأمن، موضحاً ان دوافع المجلس يحركها الوضع الأمني والانساني المأسوي الذي تعيشه دارفور وعجزت الحكومة عن مواجهته باعتبارها طرفاً في النزاع، كما ان الاتحاد الأفريقي اعترف بعدم مقدرته وقرر نقل مهماته الى المنظمة الدولية. وانتقد الأمين العام للحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد إدارة الحكومة للأزمة مع المجتمع الدولي. وأشار إلى أن حزبه اقترح ان تشكل القوات الأممية من دول تتمتع بعلاقات طيبة مع السودان مثل الهند وكينيا وجنوب أفريقيا، وأن يتم تجاوز الدول ذات العضوية في حلف"الناتو"والتركيز أوروبياً على فنلندا والنمسا وسويسرا. وذكر الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي إن السودان عضو في الأممالمتحدة وهو ملزم بميثاقها. وحذّر من مغبة السعي إلى مواجهة المجتمع الدولي، ونوّه الى ان الحكومة لم تواجه من قبل مجلس الأمن، وما حدث في سنوات الحكم الأولى كان محصوراً في مواجهة بعض الدول، ولكن الأمر لم يصل الى مرحلة الوقوف أمام إرادة المجتمع الدولي، موضحاً ان هناك خيارات غير المواجهة أو الرفض للقرارات الدولية. ولم يستبعد الترابي ان يكون لبعض الدول الغربية أجندات خاصة من وراء القرارات الدولية، ولكنه هاجم الحكومة وحمّلها مسؤولية التدخل الدولي بإصرارها على نقض المواثيق. وأكد الحزب الاتحادي الديموقراطي بزعامة محمد عثمان الميرغني رفضه القرار. وأوضح القيادي في الحزب علي السيد ان الميرغني أعلن رفضه لنشر القوات الدولية في السودان. وحذر الحكومة من اتجاه مجلس الأمن إلى الالتفاف عن طريق السماح بنشر القوات الأممية الموجودة في الجنوب وجبال النوبة طبقاً لاتفاق نيفاشا في دارفور، وقال إن هذا يمثل خطوة غير قانونية في حال حدوثها.