كنا أُمة لديها أُسس ومعايير المعادلة الصعبة، وتُُدار قوانينها ولوائحها عبر طاولة صلبة (القرآن والسنة)، أبية شامخة عالية المنال، بعيدة عن أيدي الأعداء ومكرهم، لا خضوع فيها ولا انهزامية، ولا سلام بدوافع إنسانية، ولا انقياد لشروط يمليها قرار يلعب بمصيرها (مجموعة أرقام هيئة أُممية). وأمتنا كما قال سبحانه وتعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)، وقوله تعالى لعباده (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ). كنا أمة تحكم معظم العالم، لا مجلس أمن ولا هيئة ولا عصبة أُمم تلعب اللعبة القذرة، على كل ما ينتسب للإسلام ولو بالاسم لتلعب دور (الحافظة) وأمتنا للأسف ترفرف بداخلها وقد أصابها بعض الحروق السطحية منها بما يسمى بأمطار الصيف الحمراء الملهبة، وعناقيد الغضب المحرقة.... كنا أمة لديها عمر.. وعلي.. وخالد بن الوليد... وسعد... ومعاوية... والمعتصم.. وصلاح الدين.. ومحمد الفاتح.. وعمر المختار.. والملك المؤسس عبدالعزيز..... وكذلك عائشة.. وفاطمة.. والخنساء.. وزبيدة........ وغيرهم....، نفتخر بتاريخ أبيض ناصع وكلمة من تلك الأسماء تهز عرش الأعداء، وتقلق مضاجعهم، وتُميتهم وهم أحياء. ليس للأعداء صوت فوق أصوات تلك الأسود البشرية المؤمنة. ليس لهم حق التصويت (الفيتو)، فتلك الأسماء لها حق التصويت الكامل بإبادة أي عدو يتربص، يهتك عرض، يخون العهود والمواثيق. كنا أمة نغضب وتعدُّ الجيوش الضارية لصرخة أمة مسلمة، والآن تباد الشعوب المسلمة....ونُعدُّ العدة لنقول (كلمة)...يا لها من مأساة تستوجب الشفقة............ ويل لأمة ضحكت من جهلها الأمم. الآن لدينا آلاف الأسماء المنكوبة: محمد الدرة.. وعمر.. وياسين.... ويحيى.. وياسر.. وعائشة... وأنور.... ورقية.... ونور.... وفاطمة.... وعبير..... وغيرهم الكثير...، قُدر لها أن تكون للأسف مسلمة، قتلت أو أُغتصبت، ومزقت بدم بارد، فوق الحجر، وبين الحُجر والشجر، وكأن التاريخ يعيد نفسه، في ظل غياب حلول ناجعة تضع حداً لمثل هذه الأهوال التي ترمي إلى تمزيق وتفتيت العرب المسلمين. وعلى مدى السنوات الماضية وحتى الآن حصلت مجازر عديدة، منها على سبيل المثال لا الحصر (الفلوجة)... (قانا واحد)... و(قانا اثنين)، استعملت فيها الأسلحة المحرمة دولياً واختبرت أسلحة جديدة على أجساد البشر العزل في العراق ولبنان، وكأنهم لُعب بلاستيكية ملونة بلون الجسد الإنساني: سياسة (إبادة منهجية) للشعوب العربية المسلمة.. وإلى متى؟. طريقه على خارطة الطريق الذي صنعه الأعداء... كنا أمة لها عواصم شامخة وناصعة، ليس عواصم للمشرق فقط ولا للمغرب ولكن للعالم أجمع، فيها أجمل المدن، أروعها، أحسنها...... والآن سقطت بغداد، وضجت عواصم العرب، فلم يخرج منها إلا (كومة) من الصراخ والعويل، كبركان أنفجر.. ولم يخرج من جوفه إلا الهواء الساخن وبألوان مختلفة وعجيبة.... وتبكي وتَئن عواصم العرب ومآذنها بصرخة ألم على باء بيروت وعلى باء بغداد.. وكأن حرف الباء أصبح مشئوماً.... وتنادي لماذا حرف الباء.... لماذا؟، وكأن اليهود قد افتتحوا مشروعهم الاستيطاني بهذا الحرف ليواصلوا رحلتهم مع بقية الحروف....... وتتذكر تلك العواصم قول الشاعر: أنى اتجهت إلى الإسلام في بلد تجده كالطير مقصوصاً جناحاه كنا منبع العلوم والمعرفة والحضارة حتى القديمة كاليونانية والإغريقية والهندية، قمنا بالمحافظة عليها وصححنا ما فيها من الأخطاء وطورناها ثم بدأنا بتصديرها إلى كل مكان، ولم نحتج إلى أحد من البشر، لا من بني الأصفر ولا حتى بني الأحمر... فلدينا بماضينا علماء عباقرة صنعوا لأجيالهم الحياة وتفننوا فيها مع قلة الإمكانات والأدوات..... والآن مع الكم الهائل والكبير من العلماء العباقرة المعاصرين: نأكل ما لا نزرع ونركب ما لا نصنع!، وصدق رسول الهدى حين قال وغداً يكونون هم الوارثون كما وعدنا الله عز وجل: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ..). [email protected]