إطلاق 80 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الأمير محمد بن سلمان    انطلاق المؤتمر الدولي لأكاديميات الشرطة    السعودية الأولى خليجياً وعربياً في مؤشر الأداء الإحصائي    «الجناح السعودي».. ينطلق في «الصين الدولي للطيران والفضاء»    وزير الخارجية: حل الدولتين السبيل الأوحد لتحقيق السلام    «الرابطة» تُرحِّب بقرارات القمّة العربية والإسلامية    رئيس بولندا يشكر خادم الحرمين وولي العهد    الفرج يقود الأخضر أمام «الكنغر»    إحالة ممارسين صحيين للجهات المختصة.. نشروا مقاطع منافية لأخلاقيات المهنة    إسناد التغذية والنقل ل«جودة الخدمات» بإدارات التعليم    «التقني»: إلغاء إجازة الشتاء وتقديم نهاية العام    وزير الداخلية يرعى حفل جامعة نايف وتخريج 259 طالباً وطالبة    وزير الحرس الوطني يفتتح قمة الرياض العالمية للتقنية الحيوية    في بيتنا شخص «حلاه زايد».. باقة حب صحية ل«أصدقاء السكري»    ماذا لو نقص الحديد في جسمك ؟    المملكة تحذر من خطورة تصريحات مسؤول إسرائيلي بشأن فرض سيادة الاحتلال على الضفة الغربية    الأهلي يطرح تذاكر مواجهته أمام الوحدة في دوري روشن    غارات إسرائيلية عنيفة على ضاحية بيروت    الذهب يستقر قرب أدنى مستوى في شهر مع انتعاش الدولار    سعود بن نايف يستقبل أمين «بر الشرقية»    أمير الرياض يستعرض إنجازات «صحية تطوع الزلفي»    أمير القصيم يطلق مبادرة الاستزراع    تطوير وتوحيد الأسماء الجغرافية في الوطن العربي    الاتفاق يعلن اقالة المدير الرياضي ودين هولدين مساعد جيرارد    مقتل ضابط إسرائيلي وأربعة جنود في معارك بشمال غزة    نقلة نوعية غير مسبوقة في خدمة فحص المركبات    استعادة التنوع الأحيائي في محمية الأمير محمد بن سلمان    "الحج المركزية" تناقش موسم العمرة وخطط الحج    رحب بتوقيع" وثيقة الآلية الثلاثية لدعم فلسطين".. مجلس الوزراء: القمة العربية والإسلامية تعزز العمل المشترك لوقف الحرب على غزة    فوبيا السيارات الكهربائية    «نأتي إليك» تقدم خدماتها ب20 موقعًا    مجلس الوزراء يجدد التأكيد على وقوف المملكة إلى جانب الأشقاء في فلسطين ولبنان    ولادة أول جراء من نمس مستنسخ    الأخضر يحتاج إلى وقفة الجميع    المنتخب السوداني يسعى لحسم تأهله إلى أمم أفريقيا 2025    «طريق البخور».. رحلة التجارة القديمة في العُلا    السِير الذاتية وتابوهات المجتمع    أحمد محمود الذي عركته الصحافة    وفاء الأهلي المصري    للإعلام واحة    إضطهاد المرأة في اليمن    يسمونه وسخًا ويأكلونه    يأخذكم في رحلة من الملاعب إلى الكواليس.. نتفليكس تعلن عن المسلسل الوثائقي «الدوري السعودي»    «سامسونغ» تعتزم إطلاق خاتمها الذكي    «الغذاء»: الكركم يخفف أعراض التهاب المفاصل    التحذير من تسرب الأدوية من الأوعية الدموية    الرهان السعودي.. خيار الأمتين العربية والإسلامية    أسبوع معارض الطيران    جمعية يبصرون للعيون بمكة المكرمة تطلق فعاليات اليوم العالمي للسكري    إطلاق 80 كائنا فطريا مهددا بالانقراض    نائب الرئيس الإيراني: العلاقات مع السعودية ضرورية ومهمة    التوقيع على وثيقة الآلية الثلاثية لدعم فلسطين بين منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ومفوضية الاتحاد الإفريقي    الرئيس السوري: تحويل المبادئ حول الانتهاكات الإسرائيلية في فلسطين ولبنان إلى واقع    الأمر بالمعروف بجازان تفعِّل المحتوي التوعوي "جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة التطرف والإرهاب" بمحافظة بيش    البرهان: السودان قادر على الخروج إلى بر الأمان    اطلع على مشاريع المياه.. الأمير سعود بن نايف يستقبل أعضاء الشورى المعينين حديثاً    أمير الرياض يطلع على جهود الأمر بالمعروف    مراسل الأخبار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جبل القارَة بالأحساء.. أعجوبة ثامنة..!
نشر في الجزيرة يوم 30 - 07 - 2006

وقبل الدخول في كهوف ومغارات الجبل الرائعة يحسن بي أن أذكر للقراء (وبخاصة ممن هم من خارج الأحساء)..كيف ننطق (القارَة): فهي: بفتح الراء المخففة.. دون التشديد، حتى يمكن تفريقها أثناء النطق عن (القارّة) المشددة الراء المعروفة التي تحتوي بلدانا كثيرة..
جبل القارة
فانوس للدخول فيه:
- يقع جبل القارة.. بالأحساء على بعد 14 كلم إلى الشرق من مدينة الهفوف - حاضرة الأحساء - وسط مساحة نخلية وزراعية خضراء جميلة بطول نحو 2 كيلو، وارتفاع 680 قدماً فوق سطح البحر، وبعرض 1328 م تقريبا، وتشكل مساحة قاعدته حوالي 1400هكتار، ويتكون من صخور رسوبية، ويمتاز شهرة بوجود عدة مغارات أو (غيران) - جمع غار - وكهوف تختلف في مساحتها وشكلها، وطرق الوصول إليها، ويميل إلى الحمرة قليلاً.
وعلى ذكر الفانوس فقد كنا نلج إلى كهوف الجبل و غيرانه الشديدة العمق والظلام.. بفوانيس و(ليتات يدوية - بُوجْلي أبو حَجَر) وأحيانا نستخدم (التريكات) ليلا ونهارا إذا اشتد أوار الحر واستقمنا فيه أكثر من يومين متتاليين.
وقبل استعراض ماهية الكهوف لابد من الإشارة للقارئ الكريم إلى أن هذا الجبل هو معلم سياحي وحيوي مهم ومعروف، وهو من أهم المعالم السياحية والترفيهية في المنطقة الشرقية، ومن بين هذه المعالم: منتزه الأحساء الوطني، ومسجد جواثا التاريخي المعروف، وقصر إبراهيم، وقصر صاهود، وعدد كبير من العيون الطبيعية التي تشتهر بها الأحساء، إلى غير ذلك من كنوز هذه الواحة المتعددة، بالإضافة إلى وجود (مصنع الفخار الشعبي) في قلب الجبل..
مما يرفع عدد زوار هذه الأماكن في إجازة نهاية الأسبوع والعطل الرسمية الأخرى إلى الآلاف من داخل وخارج البلاد.. ولهذا فإن جبل القارة كسائر تلك المعالم لا يعرف النوم ولا الأبواب الموصدة.. فهي أي الأحساء ومعالمها مفتوحة للزيارة في كل وقت وبكل رحابة صدر وقلوب أهلها مفتوحة لضيوفها قبلها.
كهوف الجبل..اقتراب وديع..
_تأتي أهميّة كهوف جبل القارة..
من كونها تنعم بجو بارد في فصل الصيف، ودافئ في الشتاء، كما تمتاز بخلوها من الحيوانات، والحشرات الضارة والمزعجة على اختلاف أنواعها، وبخاصة تلك المفازات، والمغارات التي يطرقها الإنسان، وبذلك يكون جبل القارة من أكثر الجبال أمانا في العالم، ويضاف إلى ذلك..الجمال الساحر الذي تظهره الأسقف الجبلية لتلك الكهوف، إذ إنها تتكون من قطع جبلية صغيرة وكبيرة ملتصقة بعضها ببعض بشكل يظهر وكأنها آيِلة للسقوط (!!)، إلا أنها تبقى مشدودة وممسوكة بقدرة الله سبحانه وتعالى مع مرور الأيام والأعوام مظللة كهوفها، وحارسة لطرقها..
وينفرد أهالي القارة والقرى الملتصقة بالجبل بمعرفة الطرق المؤدية لتلك الكهوف، ومساحاتها المظلمة وما تحتويه من عجائب وغرائب (وربما كانت لي وقفة خاصة مقبلة- إن شاء الله- مع تلك العجائب، فمادتها جاهزة) ومن الملاحظ أن كتب التاريخ لم تتطرق لدور جبل القارة في العصور المتقدمة، إلا أن بعض المعلومات المتوفرة القليلة تفيد بأن قبائل عربية متنقلة سكنت سفح هذا الجبل، واستمتعت بجوّه الجميل الطبيعي، واتخذت من ارتفاعه مرصداً طبيعياّ لمراقبة الأعداء والغزاة، وقطاع الطرق، ثم تكاثرت تلك القبائل واستقرت في أماكنها، واتسع نطاق عمرانها فتكوًن على أثر ذلك الاستقرار..
قيام القرى التي تحيط اليوم بالجبل، وهي: القارة التي تحيط بمعظم مساحة وأجزاء الجبل، وهي من أكبر قرى الأحساء، ويبدو أنها أي بلدة القارة اتخذت اسمها..
من اسم الجبل نفسه، كما سيأتي، ومع مرور الزمن نسب المُسَمّى إلى المسمى به أو العكس، فأصبح اسم الجبل ينصرف إلى اسم القارة - القرية.. والمعلوم أن وجود الجبل جاء قبل القرية بطبيعة الحال، فالقارة هو اسم الجبل نفسه وبلدة القارة منسوبة إليه وليس العكس.
ومن القرى المحيطة بالجبل أيضا: التويثير التي تشاطر القارة إحاطتها بجزء كبير منه أيضا، والدالوة، والتهيمية التي تحيط بأجزاء صغيرة منه، وتشرف على جزء من جهته الخلفية.. الطقس..
والتسمية: يرى كثير من المؤرخين والجيولوجيين والباحثين أن سبب حالة الطقس في الداخل المعاكسة للطقس الخارجي يعود لوجود مظاهر مختلفة على طول حافات الجبل من نتاج عوامل التعرية، حيث توجد فتحات وأخاديد عميقة، وقد تركت تلك العوامل هنا وهناك فتحات كرويّة تنتهي بفتحات مستقيمة، ودقيقة في معظم أجزاء المغارات الخارجيّة، كما أدّت تلك العوامل في أماكنها العديدة إلى تكوين مغارات طبيعية مختلفة العمق داخل الطبقة السفلى لجوانب الجبل، الطبقة العليا الأقل تآكلاً أمام الكهف تاركة مدخلاً ضيقاً للعبور وأحياناً تسقط أحد الصخور أمام أحد الكهوف، فيؤدي ذلك - إلى جانب عمق هذه المغارات، ودوران الهواء-إلى جعلها باردة جداً في الصيف في جوانب الكهف.
ويرى المؤرخ والأديب الراحل الأستاذ: حمد الجاسر في معجمه الجغرافي أن سبب برودة الجبل ناشئة من وقوعه أسفل الواحة حيث تتسرب مياهها الجوفية، كما أنه يتكون من صخور عظيمة تحجب حرارة الشمس عن الوصول إلى داخله، فيمر الهواء في مغاراته المظللة فيصل- أي الهواء - إلى أسفل الغيران الباردة أصلاً..
أما دفء الشتاء فيؤدي تساقط الصخور في تلك المغارات إلى توقف دوران الهواء شتاء، فتُخْرج الصخور ما تم تخزينه من حرارة الشمس صيفاً، وقذفها-أي الحرارة-إلى داخل الكهف فينشأ الدفء.. في ذلك مع دوران الهواء.. داخل الكهوف.. وسبحان الخالق العظيم.. هذا وتصل درجة الحرارة في عز الصيف داخل أبرد المغارات التي يطلق عليها أبناء القارة (الإفريز freeze) نحو: 8 درجات مئويّة..
بينما يواصل اللهيب دوره في الخارج وفي الوقت نفسه إلى 46 أو 50 درجة !!! وعندما نبحث عن تاريخ تسمية هذا الجبل باسم(جبل القارة).. فإن أول ما يواجهنا هو بحر اللغة..
فالمعنى اللغوي لكلمة (القارة) هو الذي يقودنا إلى كنه التسمية..
فالعديد من المعاجم اللغوية تبين أن هذه الكلمة معناها: الجبل الصغير المنقطع عن الجبال، وغير المتصل بجبال أُخرى.. وهذا المعنى تُجَسّده بصورة دقيقة.. صخرة جبلية هائلة تتوسط بلدة القارة، وهي منقطعة عن الجبل الأصلي.. المقابل لها الذي يبتعد عنها بحوالي: 150 مترا، وتشكل تجسيداً جمالياً وطبيعياً خاصاً، ويسمونها أهل القارة: (رأس القارة)..
ويوجد أسفل هذه الكومة الجبلية عدد من (الغيران) الصغيرة أيضا، وقد شاهدت فيها في وقت مبكر بعض العوائل الفقيرة التي اتخذت من هذه الغيران مأوى لها..
مما يضيف للجبل أهمية ودورا اجتماعيا واقتصاديا آخر، وبالطبع فقد نتج عن ذلك تكاثر ونمو عدد من الأسر الأهلية فيه.
وقد كان يطلق على الجبل في عصور متقدمة (جبل الشبعان) لأنه محاط بالنخيل المشبعة بالماء كما يرى العديد من كبار السن من القارة والقرى المجاورة الذين تحدثت معهم في ذلك.
الحالة النفسية داخل الجبل ينتابك شعور طيب ومريح وغريب وأنت تلج مغارات الجبل كلما طال بك الاستقرار والمَكْث، وتشعر أن كل الأشياء هي خارج هذا العالم بل إن الكون تراه تحت تصرفك, وأنت في جنح الدياجير الجبلية..!! مع العلم أن الأجواء الداخلية العامة للجبل قد تجعلك تتهيب الأمر وتخافه في البداية، وربما غازلك الوسواس الخناس بوجود حيوان أو هامة أو حركة شيء غير متوقعة...إلخ، ولكننا لم نر من ذلك شيئا أبدا في كل تلك الأماكن التي طرقناها على الأقل داخل الجبل.. وربما انتابك الخوف من البداية ولأنك لم تعتد ذلك ولكن: ثق أن الأمر لا يدع للخوف و(خليك طبيعي)..!! الكهوف اقتراب أكثر..
قد يكون من المدهش أن الكثير من مرتادي كهوف لجبل القارة لا 0يعرف عنها شيئاً كما ذكرت، وذلك لوجود العديد والمتنوع منها التي لايعرف طرقها إلا أبناء (القارة) والقرى الملتصقة بالجبل ، والمذكورة آنفا..!!.
ففي هذه المغارات كان أهالي القارة يقضون أوقاتهم وينامون، وقد كانت حافلة وعامرة حتى أواسط عام 1398ه 1978م، ومن أهم وأبرز هذه الكهوف والغيران: (غار الناقة) الذي يحتوي على كهوف كثيرة على شكل غرف ربانيه طبيعية، وهو الأبرد بالنسبة للغيران الأخرى، وكانت كل مجموعة من الأصدقاء أو الأقارب يتّخِِِِِذون منها مكاناً يكون خاصاً بهم، وفي هذا الغار مكان يعرف (بالمِعْظَمة)، أي لعظم برودته، كما أن فيه (الثلاجة) التي كان مرتادوها يستخدمون البطانيات المضاعفة للوقاية من البرد في داخلها، وفي داخل (الثلاجة) مكان صغير أبرد من الثلاجة.. أطلق عليه أهل القارة الفريز (freeze)، وفيه لا يمكن النوم أو الجلوس فيه لأن جسم الإنسان يرتعش من البرد في داخله منذ اللحظات الأولى، وهي لا تزال موجودة، وقد لا يصدّق القراء ذلك، ولكني أقول ذلك بأمانة، على مسؤوليتي.. لأني عايشت ذلك.. وما ذكرته واقع دون مبالغة.
ومن غِيْران الجبل الأخرى(غار العيد) وهو من أكبر الغيران، ويقع في الوسط الغربي منه وهو غار اتخذه كبار السن في البلدة استراحة لهم، وذلك لأن فتحاته واسعة ولا يحتاج إلى الإضاءة في الدخول- في أغلب مغاراته - وبه أماكن واسعة وذات تنسيق هندسي طبيعي على شكل صالات قد تشبه في تكويناتها المسارح الرومانية بل إنها مناسبة لأن تكون قاعة عرض مسرحي أو صالة فنون تشكيلية، وربما كان هذا الغار مسرحاً لأحداث عسكرية ماضية، لأن آثار الرصاص لا تزال موجودة.
ويتوسط (غار العيد).. غار آخر.. يسمى (غار طاهر).. نسبة لاسم والدي الخطيب الحاج طاهر الجلواح الذي كان يعلم الصبيان القرآن الكريم فيه، وهذه ليست دعاية له، فالرجل لقي ربه منذ أكثر من عقد من الزمن، ولكنها الأمانة التاريخية اللازمة، كما أن هناك غيران أخرى لجبل القارة أطلق عليها أسماء من تواصلوا إليها أو اكتشفوها أو من مكثوا يترددون عليها دون سواهم أو سواها، أومن اتخذوها مكاناً لهم: مثل: غار عزيز نسبة إلى الشيخ عبد العزيز الجزيري -رحمه الله-، وغار غفور نسبة إلى الأخ عبد الغفور محمد العلي، وغار مهدي، وغار الميهوب..وغيرها..
أما الجهة الخلفية من الجبل (الجهة الشرقية) التي قامت بلدية الأحساء بإمدادها ببعض الخدمات فيسمونها: (المغارة)، وتمتاز بطرقها و غيرانها الشاهقة والباردة.
وقد كنا نقضي صيفنا في تلك الأيام داخل الجبل ونستمتع بطقس طبيعي.. غير تكنولوجي)، وذلك في الجهة الأمامية المطلة على قرية القارة.
ولهذا ترى من المألوف عودة أهل القارة وبعض القرى المجاورة في أيام الصيف من الجبل وهم على رؤوسهم (بطانياتهم) المستخدمة داخل الجبل فراشاً وغطاء.. ونظرا لاختلاف حجم طرق هذه المغارات فقد يحتاج إلى من يدخلها أن ينحني ويمشي، أو أنه يسير على جنب، أو يمشي على ركبته أو يزحف على بطنه إلى جانب ضرورة وجود مصباح يدوي يستضيء به..، إذ إن بعض تلك المغارات التي قد لا تتجاوز بعض مداخلها 60سم شديدة الحلكة...
والحديث عن هذه المغارات وخصائصها وأشكالها، ومسمياتها، وأسرارها، وعن الجبل بصفة عامة..يطول..ويطول جدا.. كما أنه من المعروف أن جبل القارة كان أيضا محطة مصيف واستراحة لكبار العائلات وأبرزها في الأحساء والمنطقة الشرقية حتى ما قبل ثلاثة عقود من الآن، بالإضافة إلى أهالي القارة، والقرى المجاورة، ولقد جاء في إحدى مقاطع قصيدة (الملحمة الشعبية الكبرى) ما يشير إلى ذلك: (وِاْلحَطَب لا جا الشّتا يِصبح. مِثِل (مَيْوة) الصيف والجبل في القَيْظْ نِعمة، ويا حُلُو جَوّه اللطيف لا مُكَيّف يَهْدرِ ابْراسي..و يخليني عليلْ وَ لاَ دفّاية تِخَلّي الغرفة..مخنُوقة في الليل !)
جبل القارة.. اليوم: قامت بلدية الأحساء مشكورة بإنارة وسفلتة إحدى الجهات الخلفية للجبل المسماة ب(المغارة) التي تمتاز بمغاراتها الشاهقة الارتفاع والامتدادية الطول والمسافة، ولكنها محدودة العمق، بحيث يكون الطريق إليها سهلا ومعروفا لدى كل زائريها عبر مغارته الباردة العجيبة.
كما قامت البلدية بوضع مصاعد عامة، وأخرى خاصة بالمعاقين وعدد من المقاعد، وألعاب الأطفال، ومواقف سيارات وما يحتاجه السائح من (بعض) الخدمات (الأولية) و (البسيطة) التي مضى عليها أكثر من (عشرين عاما)، والتي لا تواكب النهضة الحالية التي تشهدها البلاد أبدا، ولاتجاري حجم وتاريخ وأهمية المنطقة وكثافة سكانها، ولا مكانة الجبل نفسه، ولا يمكن عرضها كصورة سياحية أمام الوافدين من خارج الأحساء والمملكة.
فما زال الجبل يحتاج إلى الكثير الكثير من الاهتمام والخدامات والمعطيات السياحية التي تجعل منه نقطة توقف بارزة في المنطقة.
وإنني إذ أهمس ذلك بصورة دافئة وحزينة ومؤلمة إلى من يعنيهم الأمر في كل القطاعات الحكومية..لأدعو في الوقت نفسه كل رموز القطاع الخاص أن يغرفوا من هذا الكنز لاستثماره وتعميم الفائدة لهم وللمواطن والمقيم.. كما أدعو في الوقت نفسه كل من يقرأ هذه الحروف ألا تفوته زيارة هذا الجبل..صيفا.. أو شتاء الذي يعده الكثيرون بحق..: أعجوبة ثامنة من عجائب الدنيا السبع.. لاعتقادهم بأنه مازال بكرا في اكتشاف الكثير من أسراره ومكنوناته.. بالإضافة إلى طقسه البديع..
إيضاحات أبيات الشعر
لاجا: إذا جاء.
ميوه: كلمة فارسية يستخدمها الخليجيون ومعناها..
فاكهة.
القيظ: الصيف.
يهدر: من الهدير.
*** (الملحمة الشعبية الكبرى) هي قصيدة باللهجة العامية ثنائية الأبيات عدد أبياتها: 226 بيتا تتناول معظم جوانب وأشكال الحياة في القارة والقرى المجاورة بالصورة التي عاشها وشاهدها كاتبها: محمد الجلواح مصادر ومراجع البحث مرتبة هجائيا بحسب عنوان الكتاب:
1- الأحساء - دراسة جغرافية: د.عبد الله أحمد سعد الطاهر الطبعة الأولى: 1419ه- 1999م، مطبعة الحسيني الحديثة بالإحساء.
2- أعلام هجر: السيد هاشم محمد الشخص، أم القرى للتحقيق والنشر - لبنان - الطبعة الثانية 1416 ه - 1996م، وما يحتويه من مراجع ومصادر ووثائق.
3- تاريخ هجر: عبد الرحمن بن عثمان الملا، مطابع الجواد، الأحساء، الطبعة الثانية - 1411 ه، 1991م - وما يحتويه من مراجع ومصادر ووثائق.
4- صفحات من تاريخ الأحساء: عبد الله أحمد الشباط - الدار الوطنية الحديثة للنشر والتوزيع - الخبر الطبعة الأولى - 1409 ه - 1989م - وما يحتويه من مراجع ومصادر ووثائق.
5- المنجد في اللغة والأعلام: الطبعة الحادية والثلاثون 1991 - بيروت, مادة قارة.
6- المعجم الوسيط:مجمع اللغة العربية بالقاهرة:الطبعة الثانية1972 القاهرة، مادة قارة.
7- منطقة الأحساء عبر أطوار التاريخ: خالد بن جابر الغريب.
الدار الوطنية الحديثة للنشر والتوزيع الخبر- الطبعة الثانية - 1408 ه - 1988م، وما يحتويه من مراجع ومصادر ووثائق ونشرات.
8- الموسوعة الجغرافية لشرقي البلاد العربية السعودية: عبد الرحمن بن عبد الكريم العبيد مطابع الوفاء - بالدمام، الطبعة الأولى 1413ه -1993م وما يحتويه من مراجع ووثائق.
9- الموسوعة العربية العالمية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية: 1419-1999 الرياض، مادة (السعودية-المنطقة الشرقية) 10- واحة الأحساء: تأليف ف.ش. فيدال، ترجمة د.عبد الله بن ناصر السبيعي، مطابع الجمعة الإلكترونية - الرياض، الطبعة الأولى 1410ه - 1990 م.
11- مشاهدات شخصية ونقل واقعي بصفة الكاتب أحد أبناء القارة، والمهتمين بشؤون الجبل، الذي عاش شطراً من مراهقته داخل الجبل مع والده حيث كان أبوه يعلّم القرآن الكريم فيه.
* شاعر وكاتب سعودي من الأحساء القارة عضو النادي الأدبي بالشرقية عضو هيئة الصحفيين السعوديين
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.